هشام زعزوع معه كل الحق في كل ما قاله.. لعلها تكون المرة الأولي التي استمع فيها الي وزير دون سماع »همهمات« من القاعة التي يتحدث داخلها اعتراضا علي ما يقال، ولعلها تكون الاولي ايضا ان تجد المستمعين للمتحدث في حالة انتباه واعجاب لا حدود له بموضوعية وواقعية الأفكار والرؤي التي يطرحها. أتحدث عن هشام زعزوع وزير السياحة الذي استضافه مجلس الاعمال المصري الكندي برئاسة المهندس معتز رسلان وبمشاركة الهامي الزيات رئيس الاتحاد المصري للغرف السياحية، وحضور قرابة 005 من رجال السياحة واصحاب الشركات والمستثمرين ورجال المال والاعمال.. قال الوزير إنه يرفض تنفيذ فكرة القطار السريع بين القاهرة والاسكندرية الآن مشيرا الي ان تطوير قطارات النوم اولي ألف مرة.. ومعه كل الحق. وقال انه يريد ان يقلب صفحة الماضي في اشارة الي ضرورة التحلي بالتفاؤل.. ومعه كل الحق ايضا. وألمح كذلك الي ان »فتاوي« السياحة الحلال والحرام بدأت تتواري! وقال.. وقال.. لدرجة ان د. هشام الشريف خبير الادارة الشهير من فرط اعجابه هو وكل الحاضرين طلب منه صياغة أفكاره في صورة »رسالة« الي العالم حتي يتعرف علي الواقع والحاضر والمستقبل الذي تنظر مصر اليه.. وساعتها لم يجد وزير السياحة سوي »التصفيق« للدكتور الشريف، مؤيدا ألا يكون كلامه داخل الغرف المغلقة فقط! د. هشام زعزوع عبر عما يفكر فيه بعيدا عن الشعارات فقال انه يفكر باسلوب تكتيكي وليس استراتيجيا. يفكر لليوم اما الغد وما بعده فإن الاستراتيجيات الخاصة بذلك سوف تنفذ في وقتها. ولعل اهم قضية كانت تلك التي اشار اليها معتز رسلان عندما قال ان السياحة عانت الكثير وتراجعت مؤشراتها، واضاف انه رغم حالة التفاؤل باستقرار الاوضاع السياسية والجهود الخاصة باستعادة القطاع لعافيته الا ان المخاوف من صعود التيار الديني مازالت تلقي بظلالها علي مستقبل السياحة. وقال رسلان ان ظهور مصطلح السياحة »الحلال« اصاب المستثمرين بالقلق مشيرا الي ان تأكيدات المسئولين بالحرص علي السياحة لم تبدد تلك المخاوف التي تكاد تطيح باستثمارات هذا القطاع! كلام رسلان أكده المفكر علي السمان عندما اشار الي ان علاقة السياحة بالأمن علاقة عضوية والمستثمر يريد الاطمئنان من صاحب القرار ولا يريد سماع كلمات من عينة »سحب الاراضي«!« كما أكد نفس المعني عزت سعد محافظ الاقصر الذي أشار الي تفهمه لطبيعة تعقيدات الوضع السياسي ويقدر جهود اصلاح أوضاع السياحة ومع ذلك فإن تلك الجهود سيظل لها سقف في ضوء الاحداث الامنية التي يدفع ثمنها العاملون بالسياحة الذين ليس لهم مصدر رزق آخر. وقال ان أي مستثمر لن يأتي الي بلد منقسم علي نفسه! أما السفير رؤوف سعد فقد تساءل: اذا كان البعض يشيرون الي وجود سياحة »حلال« فمعني ذلك ان هناك سياحة حرام! وهذا لا يطمئن السائح والمستثمر، وقال ان السكوت علي تلك الاقوال في منتهي الخطورة! ونفس المعني عبر عنه عمر الدريني عضو مجلس ادارة الغرفة التجارية الامريكية بمصر قائلا ان هناك ما هو اخطر مشيرا الي »المحليات« التي تعيش في واد آخر! وضرب مثالا بالمدرسة التي قامت بقص شعر تلميذتين بالابتدائي لانهما لا تغطيانه وقال إن ما حدث »كارثة« بكل المقاييس!. وعبر السفير ناصر كامل عن مخاوف السياح العرب بشأن لافتة »الدواعي الامنية« التي قد تمنعهم من دخول مصر، وقال ان ذلك يمثل هاجسا خطيرا!. وبدورها عبرت سها عبدالعزيز المحامية عن احتجاجها بشأن اوضاع السياحة الداخلية وتحمل السائح المصري تكاليف بالفنادق أكبر من الاجنبي، وهو ما يجعلهم يلجأون للسفر الي الخارج! ومشاكل أخري لا حصر لها تناولها هشام زعزوع مطمئنا الجميع رغم اعترافه بأنه كانت تنتابه أحيانا حالة من الاحباط لدرجة التفكير في ترك الوزارة لكنه قرر المقاومة وخوض الطريق حتي نهايته وقال انه لن يترك نفسه فريسة للتشاؤم رغم التحديات الجسام. وقال الوزير: اننا في وضع سياحي غريب للغاية فقد كنا نتعامل في الماضي مع ظواهر ارهابية في مواسم معينة لكننا اليوم نتعامل مع أمور أخري، فالاعلام الدولي يختزل مصر في ميدان التحرير وما يحدث به من مليونيات واحتجاجات، واشتباكات! وقال: صحيح ان السياحة بدأت تستعيد حيويتها لكن اوضاعها تقل عما كان في 0102 حيث انخفضت الايرادات من 5.21 مليار دولار الي 8.8 مليار دولار وانخفض عدد السياح بعد ما كان الرقم 7.41 مليون سائح في 0102. ومع ذلك كما قال هناك بوادر امل في 2102 . واضاف انه يشارك الجميع تخوفاتهم مشيرا الي ان تلك المخاوف بدأت تتبدد مع تشكيل الحكومة الجديدة واقتناع اعضائها باهمية السياحة التي يعمل بها نحو 4 ملايين مصري وتجر معها نحو 07 صناعة أخري وتضم استثمارات قدرها 002 مليار جنيه في السواحل مثل البحر الاحمر وسيناء وغيرهما. وقال الوزير انه لا يمانع في »سياحة اسلامية« ولكن ليس علي حساب الصناعة الاساسية مشيرا الي وجود 522 الف غرفة فندقية حاليا بجانب 802 آلاف غرفة تحت الانشاء. ومن جانبه اعرب الهامي الزيات رئيس اتحاد الغرف السياحية عن رغبته في الاهتمام بشكل اكبر بالمرافق والبنية الاساسية التي تخدم السياحة. وقال: بدلا من بناء غرف فندقية جديدة، مطلوب رحلات طيران وغيرها من الخدمات..! وقال ان السائح يهرب الي دول اخري مجاورة للعلاج بعيدا عن الاسعار المرتفعة! وفي محاولة لجذب الاستثمارات السياحية أكد الوزير اهمية طي صفحة الماضي معترفا بان السياحة ليست وحدها المصابة بحالة القلق بل كل الاستثمارات.. واضاف انه سيتم عقب العيد طرح 82 مليون متر لمشروعات خدمية محددة تنفذ علي 3 مراحل وليست غرفا فندقية!. وفي ذات السياق جاء تأكيده علي ان مبدأ سحب الاراضي قد انتهي مشيرا الي ان المستثمر الجاد سيلقي كل الدعم في اطار ضوابط موضوعية تراعي الظروف الخارجة عن ارادة أي مستثمر. وفي تعقيبه علي حادثة المدرسة التي قامت بقص شعر تلميذتين بالابتدائي عبر الوزير عن رفضه لمثل هذه الممارسات وقال ان مثل تلك الامور سوف تتغير مع زيادة الوعي السياحي والقضاء علي الظواهر السلبية. وفي نفس الاطار اكد هشام زعزوع نيته لالغاء القيود الادارية التي تفرض علي السياح القادمين لمصر خاصة العرب الذين تواجه بعضهم لافتة »الدواعي الامنية« وقال ان تركيا ضاعفت عدد سياحها القادمين اليها من دول المغرب عقب الغاء التأشيرة. وقال: اعتقد ان التكنولوجيا الحديثة قادرة علي »فرز« الشخص المطلوب من غير المطلوب دون تعقيدات ادارية تضر بالسياحة! وفي هذا الصدد ايضا اكد الوزير اهمية إزالة القيود امام شركات الطيران المصرية الخاصة لدعم قطاع السياحة وذلك من منطلق صعوبة استخدام الطرق البرية في الوقت الراهن وهروب السياح من استخدامها! وفي تعقيبه علي اوضاع السياحة الداخلية قال انه مهتم بهذا الملف، مشيرا الي ان ارتفاع التكلفة التي يتحملها المصري عن الاجنبي بالفنادق ترجع الي ان السائح المصري يتخذ قراره ليلة الاجازة بعكس الاجنبي الذي يحدد مواعيد ذلك قبلها بشهور وهو ما يتيح لمنظمي الرحلات الحصول علي خصومات بالفنادق. عموما.. لم يكن هشام زعزوع وزيرا تقليديا ولن يكون.. هو وزير واقعي وموضوعي وفوق هذا وذاك متفائل الي ابعد الحدود رغم الضباب الذي يخيم علي الرؤي.. وليت الوزراء الأخرين يسيرون خلفه او علي الاقل يستمعون اليه!