تستهويني فكرة كتابة المذكرات.. كانت تراودني منذ بداية عهدي بالقراءة والكتابة، كنت افضل قراءة المذكرات لكبار المشاهير ونجوم السينما والأدب والفكر، وكنت اجد فيها متعة شخصية في معرفة ما يسمي الاعتراف، وكانت كلمة البوح تحمل لي كل معاني السحر والغموض، لكن ابدا لم احولها الي كلمات علي سطور دفاتري، كنت ابكي مع اوجاع اصحاب المذكرات واضحك وأفكر معهم، وأحيانا تكون اعترافاتهم بمثابة درس لي في الحياة استعين به في ظرف مشابه لما حدث لصاحب الاعتراف مثل فشله في تجربة ما، او نجاحه في تحقيق حلم طال انتظاره، وكلما فكرت في تنفيذ فكرة كتابة يومياتي او اعترافاتي او ما شابه ذلك كنت اتراجع بمجرد أن افتح الدفتر واهم بكتابة اول كلمة في اول سطر وما اكثر ما مزقته من اوراق في فترات عمرية مختلفة، كانت فيها سنوات خصبة في حياتي وسنوات عجاف، اقصد كانت هناك فترات في العمر مملوءة بالنشاط والحيوية والقيام بأفعال وتصرفات لو عاد الزمان الي الوراء ربما كنت تخليت عنها! أو ربما كنت فعلتها بمثل ما حدثت بالفعل.. لكن هل كتابة السيرة الذاتية حقٌ لكل إنسان؟! أم أن ذلك حكرٌ علي من كانت حياته مليئة بالأحداث ، أو من بلغ شأنا كبير أو مركزا مرموقا هل يجب أن تكون ذو مواصفات معينة لتكتب سيرتك؟! أم الأمر مكفول لكل إنسان؟ الاعترافات "أزمة عُمْر... من أصدق الاعترافات التي صادفتني أنا وكثير مثلي من عشاق هذا النوع من الكتابات "اعترافات جان جاك روسو" صاحب اشهر عقد اجتماعي في التاريخ، صاحب المبادئ والأفكار التي مازالت اوربا بكل ما تعيشه من وسائل تحضر فكري تسير علي منهجه، لقد رأي جان جاك روسو أنه لا شيء يعادل الحقيقة إلا الحرية، وإنه لا شيء يفضي إلي الحرية كما يفضي إليها التحرر الحقيقي. فكانت سيرته الشخصية غاية جماعية لكل من يتطلع اليها ولم تقتصر علي جان جاك روسو بمفرده، بل تعدته إلي الذات من كل إنسان. ضمن أعماق التجارب، التي عاناها صاحب "الاعترافات" معاناة أثرت في جل مراحل سيرته وحياته، ونفدت منه كإنسانه يكتب مذكراته إلي كل إنسان علي هذه الارض يؤمن بان الحرية هي حلم كل يريد ان يعيش كريما حرا يتمتع بالعدالة التي خلقنا الله علينا دون تفرقه بين جنس ودين ووطن.