زيادة الوعي العام بالقيم الإنسانية الخاصة بحقوق الإنسان، المساواة بين الجنسين، تشجيع واحترام التنوع الثقافي، المحافظة علي البيئة، تقدير إسهامات مختلف الثقافات في الحضارة الإنسانية، تعزيز النظرة الإيجابية للآخر، تشجيع الحوار بين الثقافات، محاور رئيسية سوف تتضمنها المسابقة التي سوف تطرحها جامعة القاهرة بين المفكرين، وأساتذة الجامعات، لإعداد كتاب عن "الأخلاق والقيم الإنسانية المشتركة بين الشعوب". ليكون الكتاب مقررًا دراسيًا لطلاب الجامعة، يجتازون فيه الامتحان شرط تخرجهم بجميع كليات الجامعة ومعاهدها، ويدرس هذا المقرر لكل طلاب كليات الجامعة مرة واحدة فقط خلال فترة دراستهم لمساعدة الطلاب علي تكوين فهم ناقد لهويتهم الثقافية في عصر العولمة، وتزويدهم بالمهارات والإتجاهات الخاصة بإدراك الروابط والتفاعل بين الأديان والتراث الإنساني. هذا هو الهدف الذي يريده د. جابر نصار رئيس الجامعة التي خصصت من أجل هذه المسابقة ربع مليون جنيه كجوائز، مائة ألف جنيه للفائز الأول، وخمسة وسبعين ألف جنيه للفائز الثاني، وخمسين ألف جنيه للفائز الثالث، وخمسة وعشرين ألف جنيه للفائز الرابع. نوايا د. جابر نصار طيبة بلا شك، وأفضل، إذا ما كان لدي الجامعة فائض ميزانية يتم إنفاقه في مشروع لن يحقق الهدف المرجو منه كما يأمل رئيس الجامعة، أرجو أن توجه الجامعة هذا الفائض فيما يفيد تنمية المجتمع في مناحٍ كثيرة يأتي في مقدمتها علي سبيل المثال لا الحصر، تكليف كل طالب من طلاب الجامعة بمحو أمية 10 أشخاص كشرط للتخرج، وأري أن الصرف في هذه المناحي أجدي وأهم من صرفها كجوائز وحوافز لمسابقة تأليف كتاب عن القيم والأخلاق، فالكتب المعنية بهذا الأمر ما أكثرها يا دكتور جابر، ومنها علي سبيل المثال لا الحصر كتاب " علم الأخلاق إلي نيقو ماخوس" تأليف ارسطو طاليس الذي ترجمه من اليونانية إلي الفرنسية وصدره بمقدمة ممتعة في علم الأخلاق وتطوراته وعلق عليه بتعليقات تفسيرية " بارتلمي سانتهلير" أستاذ الفلسفة اليونانية الذي تقلد حقيبة الخارجية الفرنسية ونقله إلي العربية أستاذ الجيل أحمد لطفي السيد عام 1924، ومنها كتاب " الأخلاق في الإسلام والفلسفات القديمة " للدكتور أسعد السحمراني أستاذ العقائد والأديان المقارنة بجامعة الإمام الأوزاعي ببيروت، وعشرات أخري من الكتب والدراسات العلمية المتخصصة في نفس المحاور التي تحدث عنها رئيس الجامعة موجودة بالمكتبات وداخل الجامعة ذاتها، بما يعني أننا لسنا في حاجة لمسابقة ولا دياولو، ويجب أن ندرك أن هذا المقرر الأخلاقي الذي سيتم فرضه علي الطلاب كشرط للتخرج لن يصنع أخلاقا، سيتحول لمادة دراسية يصمها الطالب مثل بقية المواد الأخري ليجيب عنها وينساها فور تخرجه. الأخلاق يا دكتور جابر، وأنت أعلم مني، ليست جملا وفقرات وعبارات إنشائية في الكتب، الأخلاق سلوك وممارسة تصنعها المعرفة والتربية المخطط لها من مرحلة الحضانة، وطوال فترة الدراسة الإلزامية وما بعدها، الأخلاق لا تصنع بمقرر في الجامعة، الأخلاق لا تصنع في مجتمع كل ما فيه عكس الأخلاق، والشرشحة والأكاذيب والتسخين والمبالغة والتهوين والتهويل خير شاهد علي فعل ونتاج الفوضي الإعلامية وسيولة إهدار كل القيم علي شاشات الفضائيات، فإذا ما أردنا فعلا أن نعيد القيم والأخلاق لمجتمع مخطط له أن يصل لحالة التفسخ التام فلابد أن نصلح الخلل أولا في كل منظومة هذا المجتمع لنستعيد العقل المصري، ولنبدأ من الأطفال.