الطعون ضد الأحكام.. وإشكالات في تنفيذها.. وطلبات رد هيئة المحكمة.. إجراءات تحولت من أدوات لتحقيق العدالة إلي أسلحة مضادة يستخدمها أصحاب المصالح وخاصة في القضايا السياسية.. لتعطيل القانون ومنع تنفيذ الأحكام القضائية!. الدكتور نبيل مدحت سالم أستاذ ورئيس قسم القانون الجنائي بجامعة عين شمس يرجع المشكلة إلي أن حق التقاضي مكفول دستورياً وهذا هو السند لحق الطعن في الأحكام والاستشكال في تنفيذها باعتباره حقاً أصيلاً من حقوق الانسان ومن الحريات الأساسية للمواطن، ولكنه مشروط بأن يكون الطعن أو الاستشكال من صاحب مصلحة في الدعوي أو له صفة فيها وبغير ذلك يرفض طلبه وهذا هو بالضبط سبب ما نعيشه من فوضي قضائية فكل من »هب ودب« يمكنه رفع قضية وهو يعلم تماماً أن لا مصلحة له ولا صفة فيها وأنها سترفض في أول جلسة ولكنه يسعي للشهرة أو تحصيل مبالغ من موكله إذا كان محامياً والحل كما يري لوقف هذا السيل من الطعون والاستشكالات غير الجدية وليس لها سند من القانون أن تربط غرامة مناسبة علي كل من يثبت عليه ذلك، ولا يعتبر هذا الاجراء اعتداء علي الدستور وانما هو مجرد تنظيم لحق التقاضي لتدعيم العدالة وتحقيق الهدف منها. مصالح للمحامين من ناحيته فإن المستشار محمد سكيكر رئيس بمحكمة جنايات الاسكندرية يوضح أن اشكالات التنفيذ يلجأ إليها المحكوم عليه بأحكام نهائية واجبة التنفيذ ويحق الطعن عليها في الدرجة الأعلي خشية إلحاق ضرر جسيم لا يمكن دفعه فيطلب وقف التنفيذ حتي يتم الفصل في الطعن. ويستغل المحامون هذا الحق لعرقلة التنفيذ ويلجأون لحيل متعددة.. لذلك فهو يري أن المحاكم هي التي بيدها وقف الفوضي فلا تقبل محكمة النظر في اشكال تنفيذ إذا كانت غير مختصة به حيث أن المحكمة التي أصدرت الحكم هي فقط المختصة بإشكالاته كما ان علي القاضي أن يفعل القانون فلا يقبل الاشكال إلا ممن له صفة في الدعوي أو صاحب مصلحة في وقف التنفيذ.. ويشير إلي أنه خلال عمله وكيلاً لإدارة مجلسي الشعب والشوري بوزارة العدل حاولت الوزارة التصدي لتلك المحاولات بزيادة رسوم الاستشكالات ولكن المحامين رفضوا مما جعل الوزارة تتراجع. حالات ثورية المستشار عادل فرغلي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس محاكم القضاء الإداري السابق يري في الفوضي الحالية ظاهرة طبيعية تحدث خلال الثورات وسببها أن كل مواطن يري حب مصر من وجهة نظره الشخصية فإذا لم يكن السعي لتحقيق مصلحتها عن طريقه وطبقاً لوجهة نظره فهو يرفضه ويطعن علي القرار أو القانون ومن هنا تعيش المحاكم ومعها المجتمع في فوضي عارمة. والخطير في رأيه أن تسيطر علي المحاكم حالات ثورية وأن يحكم القضاة الشباب عبر أيدولوجيات خاصة وآراء حزبية يتبنونها فتتأثر بها أحكامهم وتوصم بأنها أحكام مسيسة والأخطر أن تتأثر المحاكم أو تتجاوب مع المظاهرات والثورات الهائجة أمامها فعلي القاضي أن يكون بمعزل عن ذلك كله وأن يزن الأمور أمامه بميزان مشروعية القانون.. ويشير إلي أن كل ما يحدث الآن من ارتباك حول الأحكام يرجع إلي من أسماهم المتفقهين في القانون وبعض أساتذته الذين يضخمون الأخطاء ويعلقون علي الشكل والاجراءات دون الدخول إلي المضمون. قانون المحاماة أما المستشار مجدي شرف المحامي بالنقض والدستورية العليا فهو يري أن بعضاً من المحامين الذين لا يستشعرون المسئولية الوطنية ولا يلتزمون بالقانون بغية الظهور أو الشهرة يلجأون إلي الاستشكالات والطعون ورد هيئات المحاكم.. وهذا أسلوب مستهجن فقانون المحاماة يمنع المحامين من اللجوء إلي وسائل الدعاية والترغيب ولذلك عليها حرصاً علي سمعة أعضائها أن تقوم نقابة المحامين بتفعيل مواد قانونها خاصة 76 التي تلزم بتوقير المحاكم و89 بمعاقبة المخطئين.. وهو يعلن أن كثيراً من المواطنين وأصحاب الحقوق الأصيلة أضيروا من تلك الفوضي والتدخل بلا مبرر وتعطيل الفصل في القضايا وعرقلة تنفيذ الأحكام لذلك فهو يطالب بتعديل التشريعات الحالية بحيث يكون الفصل في رد هيئة المحكمة قبل نظر الدعوي حتي لا يتعطل سيرها، كما تعرض استشكالات التنفيذ علي قاضي التنفيذ قبل عرضها علي المحكمة المختصة ليقرر جدية الاستشكال أو عدم الجدية وهل مقصود به الكيدية وعرقلة التنفيذ أم هو ليس كذلك وأيضاً في المحاكمات الجنائية يمنع كل من ليس له مصلحة من التدخل ويكون الإدعاء بالحق المدني بعد الفصل في الشق الجنائي حتي لا يتعطل الحكم. وأخيرا يجب الحكم علي المحامين الذين يعرقلون الحكم والتنفيذ والمتدخلين بغرامة كبيرة ينص عليها القانون حتي توقف هذه الظاهرة. الغرامات مطلوبة ويطالب المستشار عزمي بكري الرئيس السابق لمحكمة بني سويف والرئيس الحالي لجمعية القضاة للتنمية ودعم الفكر القانوني بسرعة التوقف عن هذه الفوضي التي يعتبرها غوغائية قضائية ستفقد الدولة هيبتها وتفقدها سيطرتها علي الأمور مما سوف يعيدنا إلي عصر القوة وحكم شريعة الغاب وهذا ما نرفضه جميعاً فلابد من عدم استعمال حق رد المحكمة كوسيلة للتسويف وإطالة أمد التقاضي وعلي القاضي ألا يتوسع في شرط المصلحة التي ينبغي أن تكون شخصية وأن تترك دعاوي الحسبة للنيابة العامة فقط فهي تتعلق بحق من حقوق الله وبحق الوطن ولا ينظر القاضي في أي دعوي من هذا النوع مرفوعة من الأفراد كما رأينا مؤخراً بغية الشهرة والدعاية لأنفسهم.. كما أن البعض يلجأ لاستخدام الحق في الرد أو الاستشكال لأهداف خاصة وراءها أجندات سياسية أو مدفوعين من جهات أجنبية ذات أغراض مشبوهة داخل وطننا والقضاة قادرون علي تمييز ذلك كله وعليهم الردع بالقانون لوقف انتشار هذه الظاهرة الفوضوية ولابد من فرض غرامة ضخمة تمنع هؤلاء من دعم الفوضي.