د. وحيد عبد المجيد تشهد الساحة السياسية الآن في مصر تباينا وتضاربا في الآراء حول مفهوم جديد في ظاهره و قديم في باطنه وهو "الفريق الرئاسي" الذي يرتبط تشكيله ببرنامج رئيس الجمهورية د.محمد مرسي، والذي وعد بتشكيله أثناء فترة الانتخابات الرئاسية ليكون معاونا له في إدارة شئون الدولة تساؤلات الخبراء والسياسيين تنوعت حول طريقة اختيار وأهمية الفريق الرئاسي ودوره في صناعة القرار، فبينما يري البعض منهم انه لا مجال لوجوده، حتي لا يؤدي إلي تضارب الوظائف والأدوار بين الهيئات السياسية بالدولة خاصة في ظل وجود مجلس الوزراء ونواب للرئيس، يري البعض الآخر أن الفكرة طيبة بشرط أن تحدد له الصلاحيات والاختصاصات. في البداية يؤكد الدكتور وحيد عبد المجيد عضو مجلس الشعب المنحل والمتحدث الرسمي باسم اللجنة التأسيسية لوضع الدستور أن وجود الفريق الرئاسي دون ان يكون ممثلاً لشراكة وطنية حقيقية سيكون بلا جدوي وسيصبح كل أعضائه مجرد موظفين يعملون في ظل نظام بيروقراطي، ولن يختلفوا كثيراً عما كان عليه الوضع من قبل في ظل النظام السابق وسوف ينحصر دوره في مجرد التمثيل لأطياف المجتمع السياسية والاجتماعية والتي يتم اختيارها دون معايير واضحة ومحددة، ومن ثم لن يشعر احد من المواطنين بوجود اعضاء هذا الفريق أو بمجهودهم الذين لن يشعروا بدورهم بالمجتمع المصري ولا بالمشاكل الحقيقية بداخله، لانه لا يعرف هذه المشاكل إلا من رآها وعايشها علي الطبيعة أو خبراء عملوا في مجال العمل السياسي ويدركون المشاكل وفقا لطبيعتها وجذورها من منابعها الحقيقية وليس من تقارير تعرض عليهم مجردة علي الورق. ديكور شكلي بينما يري الدكتور احمد مهران مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية وأستاذ القانون العام وعضو لجنة الحريات بنقابة المحامين أنه لا يوجد نص قانوني أو دستوري يجيز أو يلزم رئيس الجمهورية بوجود الفريق الرئاسي ومن ثم يمكن للرئيس إقالة هذا الفريق في أي وقت. كما إننا إلي الآن ليس لدينا ما يوضح اختصاصات رئيس الجمهورية بشكل واضح، فكيف لنا ان نسعي إلي تحديد اختصاصات نوابه ومساعديه ومستشاريه. وتساءل د. مهران : كيف ستكون العلاقة القانونية بين رئيس الجمهورية وبين الفريق الرئاسي ؟.. وهل ستكون هناك علاقة إنابة لأداء دور معين أم ان الأمر سيتعلق بالتفويض، موضحا ان الأمر يختلف بين الإنابة والتفويض وهذا سيؤدي لتساؤل آخر وهو: هل هذا التفويض في عمل معين أم انه إنابة في كل الأعمال وهل الإنابة ستكون إنابة خاصة ام عامة وهل ما سيصدر من آراء أعضاء الفريق الرئاسي قرارات وهل إذا ما جاءت هذه القرارات مخالفة للقانون فهل سيتحملها النائب فقط أم سيتحملها رئيس الجمهورية باعتباره مسئولا عن قرارات نائبه وهل هذه القرارات ستكون ملزمة للرئيس أم إذا تعارضت مع أفكار أو برنامج الرئيس سيتبرأ منها، مما يؤدي لحدوث تعارض ما بين قرارات النائب والأصيل " الرئيس " وهذا أمر مهم جداً من النواحي القانونية. ويري مهران ان مسألة تشكيل فريق رئاسي لمعاونة رئيس الجمهورية ربما ينتهي الأمر إلي أن يصبحوا مجرد سكرتارية إدارية تقف حدود عملها عند ترتيب مواعيد زيارات الرئيس أو النظر في الشكاوي المقدمة في ديوان المظالم وليست حتي سكرتارية تنفيذية لان السكرتارية التنفيذية في هذه الحالة ستكون مجلس الوزراء. ويقول : وجود الفريق الرئاسي بمثابة تعبير عن تحقيق الوعود التي وعد بها الرئيس أمام الشارع حتي لا يقول المواطنون إن الرئيس يغير وعوده ولا ينفذ ما يقوله. وحتي يظهر الوضع السياسي بمصر بشكل ديمقراطي مكتمل بأن يكون للرئيس نواب ومستشارون من خارج نطاق الإخوان. رسالة تطمينية ويري الدكتور جمال زهران أستاذ ورئيس قسم العلوم السياسية بجامعة بورسعيد ان وجود ما يسمي بالفريق الرئاسي هو مجرد رسالة تطمينية للمجتمع لطمأنة المسيحيين بأن الإخوان المسلمين أو تيار الإسلام السياسي يقبلون بوجود الآخر »باعتبار عامل الشراكة«.. كما ان هذا الفريق هو بمثابة مجاملة للتيارات السياسية الأخري، ويصبحو " سكرتارية فنيين " في مجالات معينة لذا فلن يتم اختيار أي شخص إلا من يتوافق مع الإخوان المسلمين وقريب منهم، ولن تكون شخصيات قوية ليس لها حضور عند الرأي العام، لكن لها رمزية. فلا يتوقع ان يتواجد ضمن الفريق الرئاسي نماذج من كبار الشخصيات السياسية الفاعلة وذات الحضور السياسي والطامحة مثل الدكتور ابو الفتوح او حمدين صباحي، فهذا الأمر كان يفترض ان يتم في توافق سياسي قبل الانتخابات. ويقول : لا يجب التعويل علي هذا الأمر كثيراً. فوجود الفريق الرئاسي لن يخصم من رصيد اختصاصات الرئيس ولكن اذا لم يكن دعماً له لا يخصم منه لصالح هذه القوي السياسية او غيرها. فلن تكون للفريق الرئاسي قرارات بل ستقف حدود عملهم عند تقديم استشارات، كما لن تكون هذه الاستشارات معلنة بل سيكون الأمر داخل " دهاليز " الحكم . موجة من الغموض يؤكد الدكتور جهاد عودة أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان ان هناك اشكالا جديدة لنظام الحكم وهي غامضة ولا تحدد مسئوليات واضحة لهذه الاشكال، فهذا الفريق ليس له وجود في اي دولة علي مستوي العالم وفي مختلف الأنظمة السياسية. فلابد ان يتم تحديد معناه واختصاصاته وعلي أية أسس سيتم اختيار أعضائه حتي لا نجد أنفسنا أمام موجة من المسميات غير الواضحة لان نظام الحكم في النهاية يجب ان يكون واضحا وإلا سنكون قد استرجعنا سلوكيات ما قبل ثورة 25 يناير من غموض للمسئوليات. بينما يري النائب محمد انور السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية ان التشكيل الحالي للحكومة، ينبئ بإمكانية جعل الفريق الرئاسي ذي دور مهم وكبير لان ما رأيناه من تشكيل الحكومة انها تقوم علي فنيين وخبراء وليسوا سياسيين ومعني ذلك انه لابد من ان الفريق الرئاسي ان يكون له دور وتأثير واضح في الحياة السياسية. ويقول : مع استقرار الحكومة سيكون الفريق الرئاسي هو المحرك الاساسي للعملية السياسية او حزب الحرية والعدالة، فهذان الطرفان هما من سيطرح الخطط السياسية وعلي الخبراء و الفنيين من الحكومة الحالية ان يقوموا بدور التنفيذ. ويؤكد السادات ان الفريق الرئاسي سيكون بمثابة " الاسفنجة " او »الاكصدام« الذي سيقوم بمقابلة مختلف القوي السياسية ويقوم بحوارات ولقاءات سياسية لاعطاء الرئيس فرصة للتحرك كما يريد. فهم في النهاية من ضمن مستشاري الرئيس الذين يقومون علي مساعدته في شئون الحكم. فالآن في ظل الظروف الحالية والتحديات الكثيرة والمستمرة يوميا من احتجاجات مستمرة من مجموعات مختلفة فإن الأمر يحتاج الي مثل هذا الفريق لكي يتقابل مع هؤلاء المحتجين كلا في مكانه لحل مشكلاتهم.