الاختلاف كبير بين الظروف التي مرت بها عملية اختيار الدكتور نبيل العربي كأمين عام للجامعة العربية وخليفته والتي لابد من حسمها خلال الأسابيع القليلة القادمة فلابد من الاتفاق حول الاسم في الاجتماع الوزاري العادي الذي يعقد الشهر القادم ليكون جاهزا لإقراره في قمة الدار البيضاء بالمغرب التي تستضيف القمة العربية القادمة في الاسبوع الاول من ابريل ونتوقف عند بعض مظاهر هذا الاختلاف : اولا: لن يكون هناك اكثر من مرشح كما كان عليه الامر في مارس 2011 حيث كان التنافس علي أشده بين الدكتور مصطفي الفقي مرشح مصر وبين المرشح القطري عبدالرحمن العطية الامين العام السابق لمجلس التعاون الخليجي حيث نجح كل منهما في ضمان عدد من الدول لدعمه وكان الاتجاه إلي التصويت علي المرشحين حتي تمت المقايضة في اللحظة الاخيرة علي ان تتنازل قطر عن ترشيحها لعطية مقابل اختيار مرشح مصري آخر غير الدكتور مصطفي الفقي وكان من الطبيعي ان يتم اختيار الدكتور نبيل العربي. ثانيا : ان العادة والأعراف المستقرة وهي احيانا اهم من الميثاق جرت في الحقب الاخيرة علي ان يكون الامين العام للجامعة من دولة المقر وهي مصر، وتونس عندما انتقلت إليها الجامعة العربية بعد اتفاقية كامب ديفيد وتجميد عضوية مصر في الجامعة عندما اختير الشاذلي القليبي، كما جرت العادة ايضا علي ان يتولي المنصب وزير خارجية مصر وتكرر الأمر مع محمود رياض وعصمت عبد المجيد وعمرو موسي فكان المنصب من نصيب الدكتور نبيل العربي خاصة وانه لم يكن من المناسب ان تفقد مصر ذلك المنصب بعد قيام شعبها بثورة 25 يناير 2011. ثالثا : المنصب هذه المرة مصري خالص بعد ان تراجع- إلي حين - التوجه الذي عملت عليه بعض الدول بتدويره وعدم قصره علي دولة المقر خاصة الجزائر علي سبيل المثال لا الحصر وكان هناك مسعي إلي النص علي ذلك في اي تعديل يتم إدخاله علي ميثاق الجامعة العربية. وفي ظل تلك الظروف المختلفة تتم عملية الاختيار والاتجاه إلي ان تقوم مصر بترشيح احد كوادرها التي تتلاءم مع المهمة ليتم التوافق عليه ونحن هنا امام ثلاثة سيناريوهات. الأول : «وهو مستبعد» الا اذا حدثت تطورات ومفاجآت تستدعي استمرار نبيل العربي والتجديد له لفترة ثانية خاصة ان الدكتور نبيل العربي نفسه لا يسعي إلي التجديد لفترة ثانية وكان هذا هو العرف الذي جري مع الأمناء السابقين بل طلب الامين العام اعفاءه من المهمة منذ اكثر من عام ولكن القيادة السياسية طلبت منه الاستمرار لان مصر لم تكن جاهزة لفتح هذا الملف كما ان الظروف العربية لم تكن تسمح بالدخول في مناقشات حوله وقد أكد الدكتور العربي لمقربين منه ولعدد من الدبلوماسيين هذا الامر ونفي ماتردد انه يسعي إلي طلب التمديد له والحقيقة ان الفترة الماضية شهدت توترا في العلاقات واختلاف في وجهات النظر بين الدكتور نبيل العربي وعدد من المندوبين المدعومين من دولهم حول قضايا تتعلق بالتعيينات التي تتم من قبل الجامعة العربية ومنها السفير محمد عز الدين النائب العربي لدي ميتسورا المبعوث الأممي الخاص بالازمة السورية كما كان هناك خلاف حول مشروعات إعادة هيكلة الجامعة وتقليص أعداد المكاتب الخارجية بالاضافة إلي بطء تحرك الامانة العامة تجاه بعض القضايا التي تحتاج موقفا عربيا داعما لهذه الدولة او تلك وهكذا فإن فرصة استمرار نبيل العربي محدودة بناء علي رغبته الا اذا كان للقيادة السياسية رأي آخر وتطلب منه الاستمرار في مهمته. السيناريو الثاني : «وهو الأقرب» ان يكون احمد ابو الغيط هو الامين العام القادم للجامعة العربية وتتوافر فيه العديد من الشروط منها توليه وزارة الخارجية لسنوات طويلة منذ يوليو 2004 حتي بعد ثورة يناير 2011 واستطاع من خلالها نسج شبكة علاقات قوية مع دول عربية عديدة كما انه يتميز بالكفاءة ولم يؤخذ عليه خلال فترة وجوده او في السنوات الماضية اي ملاحظات وهو مرشح مقبول من معظم الدول العربيه وان كان هناك تحفظ عليه من دولة أو أخري، فالقمة القادمة كفيلة بإزالته وعموما فلن يكون ذلك عائقا في الموافقة عليه بالأغلبية. السيناريو الثالث : وهو» الأوقع» ان تري القيادة السياسية ان الوقت قد حان لضخ دماء جديدة في شرايين وزارة الخارجية المصرية بعد كل الإنجازات المهمة التي حققها الوزير الحالي سامح شكري خلال العام ونصف العام الذي قضاه في المنصب رغم صعوبة المرحلة التي مرت بها الدبلوماسية المصرية من تحديات ومواجهات وعقبات وان يكون المنصب من نصيب سامح شكري بعد خروجه في اي تعديل وزاري قريب خاصة انه يحظي بقبول عربي ودعم واسع اذا ما قررت مصر ترشيحه للمنصب. ولعل من المهم الاشارة إلي ان تولي سامح شكري منصب الامين العام للجامعة العربية يعني بالضرورة البحث عن وزير خارجية جديد وبورصة الترشيحات تتحدث عن بعض الأسماء ومنها ماجد عبد الفتاح وله خبرة واسعة في العمل بوزارة الخارجية والرئاسة حيث كان مستشار الرئيس الأسبق مبارك للمعلومات والمتابعة ومنها انتقل إلي الاممالمتحدة مندوبا لمصر في المنظمة الدولية ولعل نجاحه في المنصب ساعد في اختياره مساعدا للامين العام بان كي مون وتتحدث الترشيحات ايضا عن السفير عمرو ابو العطا مندوب مصر الحالي في الاممالمتحدة.