ظهرت زيارة الرئيس محمد مرسي للسعودية في ثلاث صور مهمة الأولي: رسمية بحتة، والثانية: دينية وروحية والثالثة: الشعبية تلمست مشكلات بالسعودية. الصورة الأولي: بدأت منذ هبوط طائرة الرئيس مرسي حيث حفاوة الاستقبال السعودي من الصالة الملكية بمطار الملك عبد العزيز في جدة فكان علي رأس مستقبليه ولي العهد السعودي الامير سلمان بن عبد العزيز الذي اصطحبه من سلم الطائرة وهو يحتفي به ويتحدث معه منذ نزول الرئيس من الطائرة وحتي استقلالهما للسيارة الملكية المخصصة للرئيس المصري . تناول الحديث عن مصر والسعودية أهمية العلاقات بين هذين البلدين الكبيرين، وظهر هناك تطابق في الرؤي بين الرئيس وولي العهد الامير سلمان بن عبد العزيز الذي يعرف الكثير عن مصر وله تاريخ طويل، كما انه متابع لجميع الاحداث الموجودة في مصر فتحدث مع الرئيس عن حرص السعودية علي استقرار مصر وعودتها لدورها العربي والدولي، وأهمية التطابق والتنسيق بين البلدين في جميع القضايا والمجالات. وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في مقدمة مستقبلي الرئيس المصري د محمد مرسي فور وصوله القصر الملكي في جدة، واتسمت المقابلة بحفاوة وترحاب كبيرين من العاهل السعودي تقديرا لمكانة مصر وشعبها ورئيسها وسط أشقائها العرب وبخاصة السعوديين الذين يعرف قيمة ومكانة مصر ودورها التاريخ والحضاري في النهوض بالأمة بأثرها، وقد تحدث العاهل السعودي مع الرئيس مرسي بمشاعر يملؤها الحب والتقدير لمصر داعيا الله أن يمن علي مصر بالاستقرار الشامل وتعود بكل قوة إلي أشقائها العرب، وأكد خادم الحرمين ان السعودية حريصة علي مصر وشعبها، وأن السعودية مستمرة في الوقوف بجانب مصر، وعبر الملك عبد الله عن تقديره للشعب المصري وان البلدين لا يستطيعان الاستغناء عن بعضهما. وقد شرح العاهل السعودي بنفسه للرئيس مرسي التوسعات التي يشهدها الحرم المكي الشريف من خلال مجسم لهذه التوسعات بحيث يستوعب الحرم المكي ملايين الزوار والمعتمرين والحجاج، وعبر د.مرسي عن تقديره وشكره لخادم الحرمين الشريفين والسعودية علي هذه التوسعات الضخمة في الحرمين الشريفين بما يعود بالنفع علي ابناء الأمة الاسلامية. أربعة ملفات وقد تناول لقاء الرئيس المصري مع خادم الحرمين الشريفين وولي عهده أربع قضايا أولها دعم العلاقات الثنائية وآفاق التعاون المشترك بين البلدين ، والثاني حول الاستثمارات السعودية في مصرودعوة المستثمرين السعوديين لزيادة استثماراتهم بمصر، الملف الثالث تناول أمن المنطقة ودور مصر فيه ، حيث اكد الرئيس مرسي أن الامن القومي المصري مثلما هو موجود في الشمال والجنوب الأفريقي فهو موجود أيضا في الخليج، أما القضية الرابعة فهي بحث بعض الملفات العالقة التي تشغل الرأي مثل ملف المصريين المحبوسين في المملكة علي ذمة القضايا المختلفة وقد حصلت مؤسسة الرئاسة المصرية علي بيان بأسماء جميع المعتلقين في السعودية من الأجهزة المعنية لأن الرئيس يتابع هذه القضية باعتبارها قضية رأي عام وتأكد الرئيس أنهم ليسوا معتقلين سياسيين وأن معظمهم متهم في قضايا إرهاب.كما تم التطرق إلي الملف السوري وضرورة إيقاف المذابح التي تحدث هناك وإيجاد آلية لذلك. الصورة الدينية أما الصورة الثانية وهي الدينية فعقب انتهاء المباحثات الرسمية التي امتدت حتي الساعة الاولي من صباح الخميس، وبعد مرور نحو ساعة تغيرت أشكال وملامح الوفد المصري وتحول قصر المؤتمرات في جدة إلي سرية من الملابس البيضاء بعد ارتدائهم مناسك الاحرام حيث ارتدي الجميع بما فيهم الحرس الخاص بالرئيس محمد مرسي نفس الملابس، وحتي السفير المصري محمود عوف انضم اليهم ليؤدوا جميعا مناسك العمرة، ونزل الرئيس مرسي من جناحه الرئاسي بقصر المؤتمرات ترافقه قرينته واستقلوا الموكب الضخم الذي خصصته السعودية للرئيس المصري تكريما لمصر، وأدي الرئيس مرسي مناسك العمرة وسط حراسة قوات الحرس الملكي السعودي حيث طاف بالبيت العتيق وأدي ركعتين في مقام سيدنا ابراهيم وسيدنا اسماعيل ثم سعي بين الصفا والمروة وادي صلاة الفجر في رحاب الحرم المكي متأثرا ببعض الايات القرآنية التي تلاها الامام خلال الصلاة. الصورة الشعبية بينما كانت الصورة الثالثة شعبية من خلال لقاء عقده الرئيس مرسي مع رموز الجالية المصرية في السعودية ظهر يوم الخميس وهو يعد أول لقاء لرئيس مصري مع أبناء مصر في السعوديةحيث استعرض عدد من أبناء الجالية المصرية مطالبهم علي الرئيس محمد مرسي والتي تتضمن تفعيل قنوات الاتصال بين الرئاسة ورجال الأعمال في الخارج، مشيرين إلي وجود 1500 مستثمر مصري ورجل اعمال في السعودية، كما طالبوا بلقاء الرئيس لعرض مجموعة من المقترحات والمشروعات لتنفيذ مشروع النهضة، وتوفير المساعدة القانونية للمصريين في الخارج الذين يتعرضون إلي بعض المشاكل، مشيرين إلي انهم طالبوا منذ ما يزيد عن عشر سنوات بإصدار قانون لتشكيل هيئة لرعاية المصريين في الخارج تتبع الخارجية أو القوي العاملة، ومراجعة قوانين الهجرة والسلك الدبلوماسي بما يتوافق مع كرامة المصريين، وتوفير اعفاءات جمركية حقيقية للمصريين العاملين في السعودية أسوة بالدول الأخري، ودعم السفارات المصرية في الخارج بمحامين يحملون صفة دبلوماسية، وإلغاء التمييز بين أبناء الجالية المصرية في الداخل والخارج بالنسبة للطلبة العائدين لاستكمال دراستهم في مصر، وتنظيم برنامج للدراسات العليا. وطالب مرسي أبناء الجالية المصرية إلي الإدخار والاستثمار في وطنهم، مؤكدا أن أبواب الاستثمار في مصر مفتوحة وآمنة، ولا داعي للخوف. وأضاف الرئيس إن هذا لا يعني أن تتركوا عملكم بل أن تجعلوا مصر في قلوبكم وعقولكم"، موضحا أن هناك من 8 إلي 10 ملايين مصري في الخارج، أصحاب الأعمال فيهم يصلون إلي 3 ملايين، ولو ادخر كل واحد منهم في مصر ألف دولار شهريا، لوصل حجم المدخرات إلي 18 مليار دولار في العام، فضلا عن جهود الاستثمار. وأكد مرسي إذا كانت السعودية هي الراعية لمشروع أهل السنة والجماعة، ذلك المشروع السني الوسطي المعتدل فإن مصر حامية لهذا المشروع وما بين الراعي والحامي نسب وصهر وقال : تعلمون أن الإسلام والمسلمين يحتاجون إلي الوحدة وإلي النموذج والقدوة ولم الشمل دون أن تتدخل دولة في الشئون الداخلية للدول الأخري"، مؤكدا علي ضرورة أن تقدم مصر والسعودية نموذجا للتآخي والتعاون والانصهار لأن الأهداف واحدة وإن اختلفت الأماكن. ووعد الرئيس بدراسة جميع مطالب الجالية، معلنا موافقته علي فتح حساب لتبرعات المصريين في الخارج، وقال سيصدر قريبا قرار بتعيين مستشار للرئيس لشئون المصريين في الخارج. وقال مرسي إن وجود حصة للمغتربين في البرلمان أمر يحتاج إلي أن ينص عليه في الدستور الجديد، لكن من حيث المبدأ هذا أمر مهم وسيتم دراسته في المرحلة المقبلة