أثارت الجولة التي يقوم بها رئيس الوزراء شريف إسماعيل بين الوزارات، لإعداد برنامج الحكومة لعرضه علي البرلمان المقبل، تكهنات حول إمكانية استمرارها في أداء مهامها، علي الرغم من انتخاب برلمان جديد. واستند مثيرو هذه التكهنات، إلي أن الفترة الفاصلة بين تشكيل هذه الحكومة والبدء في إجراءات انتخاب البرلمان الجديد كانت قصيرة جدا، وأن الحرص علي تشكيلها رغم قصر تلك الفترة، يعني من وجهة نظرهم، أن لهذه الحكومة حظوظا في الاستمرار. لكن هذه التكهنات، رغم وجاهتها، بنيت علي وضع سياسي لم يعد موجودا في مصر مع دستور 2014، حيث لم يعد تعيين رئيس الحكومة سلطة مطلقة لرئيس الجمهورية، وأصبح للبرلمان الدور الأهم في ذلك. فوفق المادة 146 من الدستور الجديد، يكلف رئيس الجمهورية رئيساً لمجلس الوزراء، يتولي تشكيل الحكومة وعرض برنامجه علي مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته علي ثقة اغلبية اعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يوماً علي الأكثر، يكلف رئيس الجمهورية رئيسا آخر لمجلس الوزراء بترشيح من الحزب أو الائتلاف الحائز علي أكثرية مقاعد مجلس النواب. وبحسب نتائج الإنتخابات البرلمانية في جولتيها الأولي والثانية، فإن مصير هذه الحكومة، سيكون في يد قائمة «في حب مصر» التي حصدت أغلب المقاعد، وهو ما جعل هناك مجالا لتكهنات أخري، تشير إلي حصول حكومة شريف إسماعيل علي وعود بالإستمرار من القائمة صاحبة الأغلبية. ويجد أصحاب هذه التكهنات في سعي الحكومة لإعداد برنامجها ما يؤيد وجهة نظرهم، إذ كيف سيقوم رئيس الوزراء بهذا الجهد، وهو يعلم أن أيامه في المنصب باتت معدودة. من جانبها لم تنف قائمة « في حب مصر» أو تؤكد ذلك، وجاءت تصريحاتها متوازنة، وتدور في إطار واحد، وهو أنها لن تمنح حكومة شريف إسماعيل «شيكا علي بياض» يضمن لها الاستمرار مهما كان الأداء.. وذهب اللواء سامح سيف اليزل في تصريحاته، إلي ما يمكن اعتباره «شيكا مؤجلا»، من القائمة لحكومة شريف إسماعيل. و»الشيك المؤجل» بلغة التجار، هو ذلك الذي يحرره أحدهم للآخر ثم يضع عليه تاريخ الأجل الذي تم الاتفاق علي السداد عند حلوله، وهو مناقض لما يعرف ب « الشيك علي بياض»، الذي يمنح حامله الفرصة لوضع المبلغ الذي يريده في التاريخ الذي يريده. وقال اليزل: « إذا كانت الحكومة علي درجة عالية من تحمل المسئولية في الفترة القادمة وقادرة علي شيل الشيلة فأهلا وسهلاً، ولكن إذا استمرت بطريقة تعاملها مع أزمة الإسكندرية فسيكون هناك قول آخر». فهل ستنجح الحكومة في «شيل الشيلة»، علي حد تعبير اليزل؟ أغلب الظن أن ما يقوم به رئيس الوزراء، هو محاولة لإثبات قدرة حكومته علي ذلك، قبل أن تدخل مع بدء جلسات البرلمان المقبل امتحان الفرصة الأخيرة، فإما أن تحصل علي موافقة البرلمان أو يكتب مجلس النواب الفصل الختامي في قصتها.