نحن نعيش علي المفاجآت شعبا وحكومة ولا نكف عن الاندهاش لأتفه الأسباب.. يفاجئنا رمضان وتفاجئنا الأعياد وتفاجئنا أكوام القمامة في الشوارع ويفاجئنا تعدادنا الذي تجاوز التسعين مليون، وما إن ينتهي موسم مفاجيء حتي نتراخي ولا نستعد له حتي يهل فجأة دون انتظار.. ولا يكف المسئولون عن اختلاق الأعذار وتعليق تقصيرهم علي شماعة نقص الميزانية مع أن التخطيط والاستغلال الأمثل للموارد المتاحة يحد من المشكلات المزمنة.. لكنهم لا يتعظون ولا يستعدون للأزمات المتوقعة ولا توجد سيناريوهات ولا خطط بديلة لمواجهة الكوارث رغم وجود مجلس أو جهاز لمواجهة الأزمات لكننا لم نشعر بفاعليته حتي الآن وغرقت الأسكندرية للمرة الأولي في نوة معروف موعدها مسبقا فأغرقت المنازل والسيارات ومصرع 6 بينهم طفلان وإصابة آخرين بالإضافة إلي الخسائر المادية التي تصل إلي مليارات الجنيهات، والمعروف أن الأسكندرية تتعرض إلي 18 نوة كل عام أكثرها طولا نوة الكرم ونوة الحسوم وتستمر كل منهما 7 أيام كاملة ولكن الأسكندرية لم تتعرض للغرق طوال السنوات السابقة لأن نظام الصرف عن طريق البالوعات علي الكورنيش كان يعمل بكفاءة معروفة فكانت مياه الأمطار تزول وتجف خلال ساعات دون أن تصاب المدينة بالشلل ودون أن يضطر الناس لاستخدام القوارب وكأنهم يعيشون في فينيسيا ولكن إغلاق مصبات الأمطار سبب الكارثة، وفي أول أزمة حقيقية يواجهها محافظ الأسكندرية هاني المسيري يصرح أن أزمة تصريف المياه ستحل العام المقبل ! لهذا قبلت استقالته علي الفور غير مأسوف عليه من شعب الأسكندرية الذي اعترض علي أدائه منذ توليه منصبه، وقتها تساءلنا عن مواصفات المحافظين وكيف يتم اختيارهم؟ خاصة من يتولون هذا المنصب التنفيذي الخطير للمرة الأولي فالمحافظ بمثابة حاكم الإقليم في محافظته وهو المسئول عن أي أزمة أو مشكلة كبرت أو صغرت ويجب ألا يتعالي علي مواطنيه الذين يدفعون راتبه من ضرائبهم ويستحقون أن يجدوا ما يحتاجون من خدمات.. ويبدو أن المحافظ ورئيس هيئة الصرف الصحي الذي أقيل أيضا وغيرهم من المسئولين قد فوجئوا بالنوة بعد أن تناسوا وأهملوا صيانة البالوعات التي تصرف مياه الأمطار التي تقل كثيرا عن تكلفة الخسائر المادية والبشرية التي خلفتها النوة وإذا كان هذا حال عروس البحر المتوسط التي لم تعد عروسا فكيف سيكون الحال في المحافظات والقري التي ستنزل بها السيول؟ وهل ستغرق القاهرة مثل كل شتاء في شبر مية ؟ !