جوار هرم منكاورع عثر علي تمثال من الجرانيت الأحمر مزدوج الهيئة لشخصين متلاصقين. والتمثال لم يكتمل نحته، وبناء علي التفاصيل الفنية للتمثال نستطيع القول بأنه كان مخصصا للملك رمسيس الثاني. دائماً ما تأتي الإكتشافات الأثرية بمفاجآت غير متوقعة، بل وتغير مجري التاريخ الذي نظن أننا نعرفة؟! وخلال العقود الثلاثة الماضية حققت لنا الحفائر حول الأهرامات نتائج عديدة جعلت دارسي الأهرامات يغيرون الكثير من نظرياتهم.. وأصبحت معلوماتنا عن الأهرامات المصرية أكثر وضوحاً. بدأنا في الحفائر في الجهة الجنوبية من هرم الملك منكاورع، وبدأنا في تنظيف حجرات الدفن الخاصة بالأهرامات الثلاثة الجانبية والتي نعتقد أن منها هرمين خصصا لدفن زوجات الملك منكاورع، أما الهرم الشمالي فيعتقد أنه هرم عقائدي - أي أن وظيفته تخدم الملك المتوفي في العالم الآخر- وقد دخلت إلي قلب هذا الهرم زاحفاً ووجدت أن المصريين القدماء وضعوا الأحجار الجرانيتية الضخمة لإغلاق الممر إلي حجرة الدفن، والتي لم يستطع المستكشفون الأوائل تحريكها وكل ما فعلوه هو رفعها بمقدار قليل عن الأرض فكانت عملية الدخول من أسفلها شاقة جداً، والأصعب هو الخروج من هذا الهرم. والي جوار هذا الهرم كانت هناك مفاجأة كبيرة في انتظارنا، وهي العثور علي تمثال من الجرانيت الأحمر مزدوج الهيئة لشخصين متلاصقين. والتمثال لم يكتمل نحته، وكان السبب واضحا وهو حدوث شرخ في الوسط أدي إلي كسر التمثال إلي نصفين، وبالتالي هجره النحات الملكي، وأعتبر من المشاريع الفاشلة. وبناء علي التفاصيل الفنية للتمثال نستطيع القول بأنه كان مخصصا للملك رمسيس الثاني بحيث تكون إحدي الهيئتين له والأخري للإله رع حور أختي. كان من الواضح أن مهندسي ونحاتي الملك رمسيس الثاني يقومون بنشاط واسع في جبانة الجيزة، ربما تكون بعض الترميمات، أو جلب وإعادة استخدام للأحجار الجيدة المتساقطة من الأهرامات. وهناك احتمال أن مهندس الملك وجد هذا الحجر الجرانيتي العملاق من الكسوة الخارجية لهرم الملك من كاورع؛ ولأنه كان من الصعب إعادتها إلي موضعها الأصلي لسبب أو لآخر فقد قرر المهندس الملكي استغلالها في نحت تمثال مزدوج للملك رمسيس الثاني والإله رع حور أختي؛ ولم يكتمل المشروع بسبب الحادثة التي ذكرناها. ومن اللافت للنظر العثور علي عدد كبير من أدوات النحت التي كانت مستخدمة في نحت التمثال، وهي أحجار من الدولميت والدولوريت الشديدة الصلابة والتي كانت تستعمل كمطارق. والسؤال المحير هو إذا كان التمثال قد كسر أثناء العمل وهجر لذلك؛ فلماذا هجر النحاتون أدواتهم؟! يبدو أن الإجابة الوحيدة المنطقية علي هذا التساؤل هو التشائم من هذه الأدوات!! يسمي هرم منكاورع ب"مقدس هو منكاورع"، وأعتقد هيرودوت أن هذا الهرم يخص الملكة رادوبيس؛ ابنة الملك خوفو. وقص هيرودوت قصة خرافية سمعها من الأدلاء الذين كانوا يعيشون بالمنطقة ويصحبون الأجانب من الإغريق وغيرهم ويمتعونهم بالقصص الخرافية حول آثار الفراعنة، والأمر لايزال يحدث إلي يومنا هذا بأهرامات الجيزة.. فيقوم الخيالة والجمالة بقص خرافات ومعلومات لا علاقة لها بالتاريخ للأجانب. يقول هيرودوت إن الأدلاء أخبروه أن الملك كان يجبر ابنته علي البغاء حتي يجمع المال لبناء هرمه؛ وهي من جانبها كانت تشترط علي كل عاشق أن يحضر لها حجرا وبهذه الأحجار بنت هرمها؟! العجيب أن المؤرخ السمنودي مانيتون قص نفس القصة ونسب الهرم إلي الملكة نيتوكريس - الجميلة ذات الشعر الذهبي والبشرة البيضاء. هذا الهرم هو هرم الملك منكاورع ابن الملك خفرع وحفيد الملك خوفو.. وتابوت الملك الجرانيتي لايزال قابعاً في قاع البحر بالقرب من أسبانيا بعد غرق السفينة التي كانت تحمله إلي إنجلترا في عام 1838.