هناك الكثير والكثير من الحوارات والمناقشات العلمية المهمة والمشوقة وعلي الرغم من صعوبة تلك المناقشات واصطدامها بعدم المعرفة في كثير من الأحيان، إلا أنه خلال السنوات الثلاث الماضية، ونتيجة للتقدم السريع والمتقن في مجال بحوث تكنولوجيا النانو تحققت طفرات مثيرة تمثلت في ابتكار أنواع متقدمة. فقد صنع أخيراً نوع جديد من الحساسات البيولوجية تسمي بالمنار الجزيئي تتراوح أبعادها من 4 - 5 نانو مترات يتم إدخالها إلي جسم الإنسان عن طريق حَقنه بها، فتجري مع الدم سابحة في أوعيته وشرايينه، حيث تقوم بدور المراقبة لرصد النوع الجيني بالجسم المسئول عن ترسيب الدهون، ويتم نقل هذه البيانات عن طريق إشارات وومضات تسجل علي أجهزة متابعة خارج الجسم.. ومن ثم تتم مراقبة تلك الجينات وتتبع سلوكها ورصد ميكانيكية تكوّن طبقات الدهون علي جدران الأوعية الدموية.. وذلك بهدف تحديد الأسلوب الأمثل والفعال الذي يجب اتباعه لإعاقة تلك الجينات عن تأدية عملها هذا. حساسات المنارات الجزئية تسهم إسهاماً كبيراً في وصف وتصميم حبيبات مواد العقاقير الطبية النانونية وتحديد المواد الكيمائية التي يجب استخدامها لإزالة طبقات الدهون المتراكمة. وفي إطار الجهود البحثية المبذولة لتقليل فرص تكون الجلطات الدموية داخل الأوعية والشرايين الدموية - وفتح وتوسيع شرايين القلب المصابة بضيق شديد - فقد ساهمت تكنولوجيا النانو في إيجاد حلول عملية للتغلب علي مشاكل الدعامات المستخدمة حالياً - وذلك بإنتاج دعامات تتمتع بالمرونة والمتانة - هذا بالإضافة إلي عدم مقاومة الجهاز المناعي لمادة الدعامة. تتصدر اليوم العقاقير الطبية المركبّة من حبيبات نانوية تقل مقاييس أبعاد أقطارها عن 02 نانو متراً. تعتمد الأدوية النانوية في أداء مهامها، علي صغر أحجامها الذي يمنحها ميزة التخفي عن جهاز المناعة بالجسم، والذي يقاوم وجود أي أجسام دخيلة عليه. وهذه النوعية من العقاقير النانوية لها مزايا متعددة منها تقليل نسبة سُمية الدواء وتحسين توزيع المادة الفعالة للدواء داخل خلايا الجسم المصابة. وقد تحققت اليوم نتائج مبشرة في مكافحة مرض فقدان المناعة المكتسب الذي يعرف باسم AIDS وذلك عن طريق تعطيل مسار الفيروس ومنع نفاذه إلي خلايا كرات الدم البيضاء. ويعمل العلماء في هذه الآونة علي تأهيل عدد من المواد النانوية كي يتم توظيفها في زراعة الخلايا العصبية بالمخ. كذلك أدي التطور المستمر في البحوث إلي ابتكار أنواع متطورة من المستحضرات الطبية المذيبة للتجلط الدموي - تكون قادرة علي اختراق الحاجز الدموي وخداعه حيث تذهب مباشرة إلي المخ لتستقر داخل شرايينه مما يتيح لها التعامل مباشرة مع تلك الجلطة وإذابتها دون أدني تدخل جراحي. وللحديث بقية.