تتغير رائحة الأيام ويختلف مذاقها في هذه الأيام العطرة ويكسو أجواءها سكون غريب رغم سخونة الأحداث السياسية التي لا تطغي علي روحانيات الليالي العشر من ذي الحجة وعيد الأضحي واعذروني لن أقول المبارك لأنه يذكرني بعهد مضي ولازالت بعض رموزه تفرض علينا وجودها الثقيل.. وزارة جديدة وحركة محافظين وشيكة وانتخابات علي الأبواب تمهيدا لمولد البرلمان الأخطر في تاريخ البلاد.. ولكن أجواء الحج تغلب كل ما عداها والحنين للأراضي المقدسة يتجدد مع كل موسم حج ويذكرنا بدعاء سيدنا إبراهيم أبي الأنبياء في القرآن الكريم عن الكعبة المشرفة (فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم) فأتساءل وهل يتسع ما بقي من العمر ومن الصحة لأحج للمرة الثانية؟ هذا في علم الغيب! ويظل الإرهاب بلا قلب ولا ضمير فلا تتوقف ضرباتهم الدنيئة فيستمرون في بث الرعب وقتل الأبرياء دونما احترام لهذه الأيام المشهودة..أما نحن المصريون فمناسباتنا ترتبط بالطعام فما بالك بعيد الأضحي الذي ينشغل فيه الناس بالأضاحي واللحوم وتتحول المدن إلي سوق كبير للخراف التي تتغذي علي القمامة فتلوث لحومها ودماءها وتتحول إلي مصدر للأمراض لمن يأكلها وينصب تركيز الناس علي مواصفات الخروف من حيث سنه وقوته وقرونه ولا يلتفتون لغذائه ولا يراعون عدم استخدام العنف معه عند الذبح فنجد من يوثق الخروف بحبل ويضعه في حقيبة السيارة وأطفالا يلهون به ويضايقونه ثم يبكون عند ذبحه، ولا يراعي الجزار ما أوصي به الشرع ألا يدخل علي الخروف وهو شاهر سكينه أو يرتدي ملابس ملوثة بالدماء أو يستخدم سكينا غير حادة.. إن عدم التزامنا بالشروط الشرعية للأضحية تفقدها معناها وتعرضنا للانتقاد في الخارج فيتهمون المسلمين بمعاملة الحيوان بعنف حتي ان بعض البلدان اشترطت تخدير الخروف قبل ذبحه واختلفت آراء رجال الدين حول اتفاق التخدير مع مباديء الذبح الشرعي. أما صلاة العيد التي تقشعر الأبدان لتكبيراتها وتجمع المسلمين في الساحات ونري الجد والأب ينقلون للابن طقوس العيد لتبقي محفورة في ذهنه مدي الحياة، ثم يعودون لبيوتهم لذبح الأضاحي وهنا تحدث الطامة الكبري فتتحول الشوارع والمساجد أحيانا إلي ساحات للذبح والسلخ وتغرق الشوارع في الدماء الملوثة وتصبح رائحة الطرق لا تطاق سواء الأحياء الشعبية أو الأحياء الراقية فمتي نتذكر أننا شعب متحضر وأن النظافة من الإيمان ومتي نحتفل بدون تلويث البيئة؟ وكل عام وأنتم بخير.