الناس اليومين دول بتتنكر لأي شئ في ماضيها وكأن كلنا ولاد ذوات والمعلقة الدهب كانت موجودة جنبنا من يوم ما اتولدنا. الهروب من توترات الحياة أمر مهم وضروري، يا سعد من يقدر علي هذا الهروب، نفسي أهرب من الآلام والأوجاع النفسية والجسدية، نفسي أهرب من الوجوه التي أعلم أنها أقنعة تتبدل حسب المصلحة، نفسي أهرب من الأدوية الصباحية والمسائية وما بينهما، توترات الحياة صعبة والهروب أصعب، المتنفس الوحيد للهروب أجده في بعض " البوستات " التي تصل إلي صفحتي علي موقع التواصل الاجتماعي من أناس كل ما يجمعني بهم عالم افتراضي واسع جدا. في مقدمة من أجد في كتاباتهم ملاذا للهرب من متاعب الدنيا، الأستاذة " أميرة " ابنة راحلنا الكبير الشيخ سيد مكاوي، تلقيت منها " بوست " تقول فيه " عارفين إيه أكتر حاجة حبيتها في أبويا؟ قصة الطفل الذي فقد بصره بسبب علاج غلط فيتعلم ويحفظ القرآن ويصرف علي اخوات ولاد وبنات وهو أصغرهم، يحب الفن ويعلم نفسه بنفسه. يشتغل وينجح ويكبر، ويفضل فاكر انه ابن الحي الفقير، ويعلم ولاده كويس، يفضل فاكر أصله ويجاهر بيه، كان بيصر علي انه ابن الحي الفقير ومجاور السيدة زينب ويحكي عن فضل الناس عليه، حلو إننا نشقا ونتعب ونتغير ونتطور وعيب إننا ننسي أصولنا وناسنا. الناس اليومين دول بتتنكر لأي شئ في ماضيها وكأن كلنا ولاد ذوات والمعلقة الدهب كانت موجودة جنبنا من يوم ما اتولدنا. سكان إمبابة يقولوا انهم سكان المهندسين علشان الناس تشوفهم بعيون تانية، الكفاح والدأب فخر مش عيب، العيب انك تخون أصلك وناسك، حب الناس واحترامهم مش بييجي بالفلوس ولا بالأماكن ولا بالممتلكات، حب الناس بييجي من الصراحة والصدق والكفاح والأصل الطيب في الوفاء وبس ". أميرة بنت الشيخ سيد مكاوي كتبت " بوست " آخر يكشف عن تحول جذري أصيب به المجتمع المصري، تعالوا لنري كيف عالج الشيخ ناتج هذا التحول عندما عرضته عليه، إذ انها تقول " وانا في الجامعه كان عندي زميل قمر دمه خفيف وشاطر واجتماعي جداً، الولد كان حاجه كده مش موجوده في الدنيا، توفت والدته وفجأة اختفي من الكليه شهور، رجع واحد تاني، دقنه طولت وزبيبة الصلاة ملعلعة في وشه. مش مشكله طبعاً، هو في حد يكره التدين، جالي في يوم ولقيته بيديني شريط كاسيت وبيقولي اسمعي ده وقوليلي رأيك، أخدت الشريط وشغلته في العربية وأنا مروحة، طلع لعمر عبد الكافي عن عذاب القبر. ودي كانت أول محاولة لاستقطابي، سمعت الشريط ولقيت عمر عبد الكافي بيتكلم عن رب تاني غير اللي أبويا عرفني عليه. رب بيخوف وبيعذب وبيعاقب وأنا ربنا اللي أعرفه بيحب وبيغفر ومغرقنا في النعم وخالق كون كامل علشانا، اتلخبطت جداً وروحت البيت، جريت علي أبويا حكيتله وانا بقول له انت بتضحك عليا، ربنا بيخوف مش زي ما انت قلت لي انه هو الحب ذاته، اتكلم معايا كتيييير وبعد ما خلصنا سألته أعمل ايه في الشريط ده؟ قالي نسجل عليه مزيكا. رجعت تاني يوم الجامعة فسألني زميلي بمنتهي الحزم سمعتي الشريط، قلتله أيوه، قالي وإيه رأيك، قلتله المزيكا اللي عليه حلوة أوي، وفضل ربنا اللي أعرفه هو الحب والرحمة والمغفرة". شكرا لأميرة بنت شيخنا ومبدعنا الراحل سيد مكاوي.. صحيح المبدع اللي خلف ما متش.