لو علم المؤمن فضل رمضان لتمني أن تكون السنة كلها رمضان كما استقبلنا شهر رمضان بالشوق والانتظار حان وقت الرحيل لكي نودعه أيضا بالأسف علي الرحيل مصحوبا بالرجاء ان نكون قد حصلنا في هذه الأيام المباركة ما وعدنا الله من الحسنات والعفو عن السيئات وحسن الجزاء في الآخرة. وفي أيام رمضان المباركة يحسن للنفس ان تتذكر لماذا فرض الله الصيام الذي يهيئ النفس للتهذيب ويعودنا للطاعة وتمرينا علي تقوي الله ومراقبته وذكره دائما.. ولقد اثبت الطب الحديث ان للصيام فوائد طبية عدة فهو يفيد في علاج كثير من الامراض كضغط الدم المرتفع وتصلب الشرايين والبول السكري ويصلح الجهاز الهضمي وهبوط القلب والتهاب المفاصل ويعطي الانسجة فرصة الراحة والتخلص من الفضلات الضارة بالجسم.. ويقول الدكتور عبدالله شحاتة رحمه الله في كتابه تفسير القرآن الكريم أن الصوم كان معروفا في الأمم السابقة منذ عرف الصوم عند قدماء المصريين ومنهم إلي اليونان والرومان ولايزال الهنود والوثنيون يصومون إلي الآن مع اختلاف الوسيلة والرجاء.. ونجد في التوراة مدحا للصوم والصائمين وثبت ان موسي صام اربعين يوما وفي التوراة ذكر للصيام مع عدم وجود نص علي فرضه بل فيه مدح واشهر صيام النصاري وأقدمه الصوم الكبير الذي قبل عيد الفصح وهو مشابه لصوم موسي وعيسي والحواريين.. وهذا الصيام بكيفية لا يعلمها الا الله فلم يرد لنا كيف كان هذا الصيام. والحمد لله حينما فرض الله علينا أمة الإسلام الصيام اختص هذا الشهر بعدة فضائل ومزايا فهو شهر انزل فيه القرآن هدي للناس وهو شهر الصوم وفيه خشوع القلب ومراقبة الله وهو شهر الصبر وتربية الارادة وهو شهر الصدقة وصلة الرحم وكان فيه اول انتصار للمسلمين في غزوة بدر وفي 20 من رمضان سنة 8 ه تم فتح مكة ودخل الناس في دين الله افواجا واختص الله شهر رمضان بأن فيه ليلة القدر وهي ليلة خير من ألف شهر فهي منحة إلهية ومكافأة ربانية وعطاء سماوي مكافأة للصائمين المخلصين.. لهذا قيل «لو علم المؤمن فضل رمضان لتمني ان تكون السنة كلها رمضان». ولعل أعظم ما قيل عن الصوم ما قاله الله عز وجل في حديث قدسي كل عمل ابن ادم له إلا الصيام فانه لي وانا اجزي به.. وقال ايضا : «اذا سألك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداع اذا دعان» فما اجمل هذه الآية وما ابدع التعبير فيها عن قرب الله من العبد اذا دعاه وقال النبي صلي الله عليه وسلم «ان للصائم عند فطره دعوة لا ترد». واذا كنا نودع رمضان بعد ان نكون بإذن الله قد حصلنا منه علي الكثير من الهدايا ويكفي ان نعلم ان الفرض فيه بسبعين فرضا وان النافلة فيه بفرض وان الحسنة بعشرات ومئات الحسنات حسب فضل الله.. ولكن الخطأ الاكبر اننا بعد رمضان نتقاعس عما كنا نفعله في هذا الشهر الكريم.. فننسي قراءة القرآن يوميا مع ان الثواب مستمر وننسي المواظبة علي الصلاة مع انها فرض مكتوب وننسي معاملة الناس بالحسني وقد فرضها الله علينا «الكلمة الطيبة صدقة» لهذا اقول لكم ولنفسي من كان يعبد رمضان فإن رمضان قد ولي ومن كان يعبد الله فإن الله باق ومستمر.. اللهم اجعلنا ممن يعبد الله دوما واستمرارا.