الذين يعرفون الشيخ عبدالرحمن التركي عن قرب يعرفون عنه انه صاحب جائزة بن تركي كأول دبلوماسي عربي يرصد أول جائزة تنطلق من جامعة الدول العربية وتخصص للمغتربين العرب الذين يعيشون خارج أوطانهم العربية يساهمون بعلمهم وفكرهم في الارتقاء بشعوب العالم فالرجل استطاع من خلال رحلاته حول العالم.. ان يتعرف علي المئات من أولادنا النابهين الذين أصبحوا سفراء لنا في القارة الاوروبية وفي الامريكتين.. اكتشف ان أولادنا هم سبب حضارة هذه البلاد من هنا أخذته الحمية والغيرة علي الوطن العربي الام فقرر هذه الجائزة للتواصل مع أولادنا المغتربين بغرض إحياء الانتماء عندهم لأوطانهم لكن القدر لم يمهله طويلا لتحقيق حلمه فيقضي بقية عمره داخل المستشفي الوطني بجدة مريضا ويبقي ملازما للفراش سنوات بعيدا عن أصدقاء عمره الذين أحبهم وأحبوه.. وله معهم ذكريات كدبلوماسي وكأديب وكرحالة فكم من الامسيات الثقافية التي كان يجمع فيها الأدباء والمفكرين المصريين مع اخوانهم العرب داخل صالونه الثقافي في برج الرياض الذي يطل علي نيل القاهرة.. لقد ظل السفير عبدالرحمن التركي عاشقا لمصر وأنا شخصيا لم أنس له موقفا يوم أن استقال من عمله كمندوب للمملكة العربية السعودية في جامعةالدولة العربية عندما انتقلت من القاهرة الي تونس بعد اتفاقية كامب ديفيد ولأنه كان يحب أهلها فقد رفض الانتقال منها وبقي مع أسرته في القاهرة ابنه الاكبر الدكتور »وليد التركي« الذي كان أول دفعته في طب القاهرة ثم حصل علي الدكتوراة من أمريكا حتي أصبح الان علما من أعلام أطباء جراحة العيون في العالم وكبري بناته أمال التي تزوجت من مصري وهو الدكتور أحمد عبد اللاه عميد طب أسنان الاسكندرية والمرشح لرئاسة الجامعة »ولينا التركي« التي تخرجت مع شقيقتها أمال في الجامعة الامريكية ثم تزوجت رجل الاعمال المعروف المهندس يحيي بن لادن.. وتغرب الشمس ويغرب عنا الشيخ عبد الرحمن الذي كان واحدا من عظماء الزمن الجميل ولأول مرة أشعر ان غيابه قسوة فقد كنت قريبا الي قلبه لقد عرفت فيه الشهامة والوفاء رجل يحمل كل المعاني الطيبة يعرف الصديق في محنته.. فقد كان يزورني يوميا أثناء مرضي بالمستشفي في انجلترا حتي وصل بهيئة التمريض في مستشفي لندن كلينك انهم كانوا يضبطون ساعتهم علي حضوره لي يوميا في الصباح.. وأذكر له موقفا آخر يوم ان دعاه الشيخ بكر بن لادن الي شرم الشيخ وطلب منه ان يختار أحب الناس الي قلبه ليكونوا في صحبته وإذا به يختارني ويومها اعتذرت عن جميع ارتباطاتي أمام هذا التكريم وقضينا اسبوعا في ضيافة »أبو نواف بكر بن لادن« ولا تزال ذكريات هذا الاسبوع حلما في مخيلتي فقد كنت أعرف جيدا منزلة العم عبدالرحمن عند »أبو نواف« الذي كان يعتبره الاب والاخ والصديق فكلما كان يشعر بالهموم التي كان يتعرض لها كأي رجل أعمال كان يجد راحته ومتعته في الجلوس مع الشيخ عبد الرحمن التركي حيث كان أبو نواف يحبه كثيرا لما يتمتع به من نورانية وحديث يثلج الصدر.. رحم الله الشيخ عبدالرحمن التركي الذي تركنا بغير استئذان صحيح ان خبر وفاته كان مثل الصاعقة عليَّ رأسي .. والذي آلمني انني عرفت به مؤخرا من زوجتي.. لكن ماذا اقول للمقربين الذين كنت معهم أكثر من أخ وصديق. علي أي حال.. ليس لي أن اغضب بعد أن تغيرت الدنيا وتغيرت الناس فيها وأصبح لا مكان لمن أعطي وكان وفيا مع الآخرين.