واخيراً جاء رئيس يؤمن بضرورة تنفيذ «ممر التنمية»..وإقامة عاصمة جديدة وتلك مسألة فارقة في تاريخ وجغرافية الوطن يجب معالجتها بروية وعلم.. إنه الحلم القديم بإنقاذ قاهرة المُعز والحفاظ علي ما بقي من كنوزها الفريدة، والخروج إلي فضاء الصحراء لبناء مجتمعات عمرانية جديدة تحقق مفهوم التنمية المتكاملة..تركز إهتمامنا طويلاً علي العاصمة وأهملنا الاقاليم فلم يجد أهلنا في المحافظات المُهمَلة مفراً من شد الرِحال إلي «قاهرتهم» سعياً للقمة عيش وفرصة عمل بعد أن حاصرهم الفقر والجهل والمرض..وكانت «تغريبة» فقراء النازحين إنتقاماً قاسياً إذ سكنوا أطراف العاصمة في عشوائيات تحولت سريعاً إلي حزام ناسف يخنق المدينة العجوز ويهدد بتفجيرها في أي لحظة..وهذه بالقطع خطيئة دولة تخلت عن دورها في التخطيط والتنمية ورعاية الأكثر فقراً واحتياجاً منذ عصر السادات وإن كان المسئول الأكبر عن هذا التشوه «الديموجرافي»( السكاني) الكارثي هو حُكم مبارك الذي كان بحق «ازهي عصور العشوائية»!!.. واخيراً جاء رئيس يؤمن بضرورة الخروج إلي النهار وتنفيذ «ممر التنمية» وإقامة عاصمة جديدة وتلك مسألة فارقة في تاريخ وجغرافية الوطن يتعين معالجتها بروية وعلم وبحث عميق في غياب برلمان يمثل إرادة الشعب، مطلوب إجراء حوار مجتمعي جاد وفوري يشارك فيه علماء الجغرافيا والإجتماع والسكان والتخطيط العمراني لتحديد موقع وشكل ومحيط عاصمة ستغير حياة المصريين لاجيال قادمة.. تقول الحكومة إنها مجرد عاصمة إدارية وإن القاهرة هي العاصمة التاريخية والرسمية بحكم الدستور..ولكننا نتحدث عن عاصمة جديدة مثل بوتراجايا بماليزيا أو برازيليا، ستكون فيها رموز الدولة حاضرة مثل مقر البرلمان والحكومة والقصر الجمهوري والسفارات الأجنبية والمطار..وهنا يجب أن يتوقف الجميع للتفكير والمُراجعة وتعديل الخطط..لسبب جوهري هو أن إقامة مدينة مليونية جديدة علي طريق السويس الذي تقع عليه تجمعات سكنية كبيرة كالتجمع الخامس ومدينتي بدر والشروق سيمثل كارثة ديموجرافية ومرورية بكل المقاييس خاصة في وجود المطار الرئيسي القديم وملحقاته في الشرق..هذا يعني نقل محور الحركة والحياة والسفر والتجارة شرقاً..ولكم أن تتصوروا الزحام والتكدس وتوقف الحياة تماماً بعد بناء العاصمة الجديدة واكتمال المدن الاخري علي طريق السويس فضلاً عن المشرعات الكبري التي ستقام في محور قناة السويس الجديد!!..أين الطرق التي ستتحمل كثافة الحركة علماً بأن الرحلة من وسط البلد إلي أول طريق السويس تستغرق حالياً نحو ساعتين أحياناً ؟!..سيقول البعض إن هناك طريقاً دائرياً إقليمياً يجري إنشاؤه لتسهيل الحركة، وأخشي القول إنه سيكرر علي الأرجح عشوائيات وفساد الطريق الدائري الحالي ويلف المزيد من حبال المشانق حول رقبة القاهرة علي المدي البعيد!!..وإلي المقال القادم.. ونشر مركز الدراسات المستقبلية التابع لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لرئاسة الوزراء في نوفمبر 2007 دراسة تفصيلية، حصلت عليها «المصري اليوم»، قدمها الدكتور محمد عباس الزعفراني، أستاذ التخطيط العمراني. واقترح «الزعفراني» في دراسته التي حملت «القاهرة 2050 عاصمة جديدة لمصر» أن يتم نقل العاصمة نهائياً خارج القاهرة ورفض الأفكار المقدمة بإعادة تخطيط العاصمة الحالية، واقترح أن يكون المكان الجديد بعيداً عن العاصمة الحالية ب 300 كيلومتر «حتي لا تقع العاصمة الجديدة في أسر العاصمة القديمة» ودلل علي ذلك بالمدن الجديدة حول القاهرة والتي رأي أنها لم تؤد الغرض منها. وقالت الدراسة: «تحديد وجوب بعد العاصمة الجديدة ب 300 كيلومتر حتي تكون الرحلة ذهاباً وإيابا من العاصمة الحالية إلي العاصمة الجديدة حوالي 7 ساعات بما يمنع أن يسكن مواطن في العاصمة القديمة ويعمل في المكان الجديد لإجباره علي تغيير محل إقامته».