يوما بعد يوم تتعقد الازمة السورية، ولم يعد يلوح في الافق بريق أمل في اي حل سياسي من اي نوع، بل يري كثيرون من المتابعين للشأن السوري ان الايام القادمة تحمل ما هو أكثر سوءا لهذا البلد، حيث تتفاقم مشكلة اللاجئين ويزداد عددهم ويسوء الوضع الصحي والانساني سواء داخل سوريا او في المخيمات التي تؤوي اللاجئين بالدول المجاورة. وتفول المتحدثة باسم مفوضية الأممالمتحدة لشئون اللاجئين ميليسا فليمنج في مقال بصحيفة الجارديان البريطانية انه مع قرب دخول الصراع عامه الخامس يوجد 3.8 مليون لاجئ والاوضاع تزداد سوءا ولا تبدو أي احتمالات لعودتهم لمنازلهم وفرصتهم في بدء حياة جديدة في دول اللجوء محدودة جدا، أما في داخل سوريا فأقصي ما يتمناه المواطنون البقاء علي قيد الحياة حتي الغد. وعلي الرغم من الاوضاع الصعبة إلا ان موظفي الاغاثة كانوا يبقون علي الامل في المستقبل، إلا ان هذا الامل تبدد وأصبح تحقيقه أكثر صعوبة للأسباب التالية: لا حل سياسيا الحل الوحيد للكارثة الانسانية في سوريا هو انهاء الصراع، وهو ما يبدو بعيدا فالقتال في البلاد لا يتوقف رغم محاولات احلال السلام عبر المفاوضات بموسكو او اقتراح الهدنة في حلب، كما يستمر انقسام الاطراف المسلحة المتصارعة والدول التي تدعمها. نصف الشعب السوري ( 12 مليون مواطن) يحتاجون للمساعدة كي يبقوا علي قيد الحياة، بينما اجبر 8 ملايين اخرون علي مغادرة منازلهم ومشاركة عائلات اخري في بيوتهم او الحياة في مخيمات، وسط مخاوف من ان يمتد اليهم القتال، كما يعيش 4.8 مليون سوري في مناطق يصعب وصول المساعدات الاغاثية اليها وحوصر 241 ألف شخص وسط القتال وانقطعت عنهم جميع المساعدات الاغاثية والادوية والمواد الطبية. ويعاني ملايين الاطفال من الاصابات والأمراض، كما ان ربع مدارس البلاد دمرت او تم اتخاذها كمأوي، ودمرت نصف المستشفيات تماما او بشكل جزئي يمنعها من العمل، وسط سيطرة جماعات ارهابية متطرفة علي اجزاء واسعة من سوريا. لا مكان للهرب في ظل تزايد المخاوف الامنية وزيادة اعداد اللاجئين السوريين، اتخذت الدول المجاورة اجراءاتها للحد من تدفق اللاجئين، حيث وضعت لبنان والاردن والعراق اشتراطات صارمة للدخول، بينما تسمح تركيا للحالات الانسانية فقط بالدخول، وكل تلك الاجراءات صعبت الأمور علي كل من ليس لديهم معارف او اتصالات أو يحملون تأشيرات لدول معينة للسفر اليها، كما أدي ذلك لتقليل اعداد اللاجئين. انتهي عهد فتح مواطني الدول بيوتهم للاجئين ومشاركتهم للموارد، فالمواطنون بالدول المجاورة لسوريا ضاقوا ذرعا بهم، حيث يشكل اللاجئون الفلسطينيون والسوريون 25% من سكان لبنان حاليا وهو وضع شاذ لم يحدث في اي مكان بالعالم، ما يجعل اللبنانيين غاضبين حيث يرون ان اللاجئين يأخذون فرص العمل منهم، كما يربط الاعلام اللبناني بين اللاجئين والإرهابيين. وعلي الرغم من جهود منظمات الاغاثة لتحسين اقتصاد وخدمات الدول المضيفة للاجئين الا ان العداء نحوهم يزداد، حيث تفتقد تلك الدول للبنية التحتية القوية اوالدعم لمنظومة الصحة والتعليم والمياه. وفي ديسمبر 2014 تم تخصيص 2 مليار دولار لتلك الدول، ولكن لا تزال هذه المخصصات قليلة بحسب المتحدثة باسم مفوضية اللاجئين. يزداد العداء ضد اللاجئين في أوربا، كما تزداد حركات مناهضة الهجرة قوة، وفي ظل استضافة السويد وألمانيا نصف اللاجئين السوريين المقيمين في دول الاتحاد الاوربي تزداد المعارضة المحلية خاصة بعد الهجمات الارهابية في باريس وتصاعد النظر للمسلمين كخطر امني. الموت غرقاً نظرا لقلة الطرق الشرعية للسفر إلي اوربا، يلجأ آلاف السوريين إلي البحر، حيث يدفع الكثير منهم كل مدخراته لمهربين عديمي الضمير يحملونهم في طرق خطرة إلي الموت غرقا. لجأ في العام الماضي حوالي 220 ألف سوري إلي مراكب الهجرة غير الشرعية التي تنتشر في البحر المتوسط هربا إلي اوربا، وفشل الالاف منهم في الوصول، في ظل استخدام مراكب مكتظة وغير مجهزة يكون مصيرها الانقلاب والغرق، بينما يروي الذين وصلوا لأوربا عبر تلك الرحلات قصصا مرعبة حول رحلاتهم الليلية والاستغلال والفساد، وعلي الرغم من ذلك فان اوربا لم تزد جهود الانقاذ وإنما تخفضها تدريجيا. ضعف التمويل السوريون هم أكثر المستفيدين من برامج مفوضية اللاجئين الاممية حول العالم، ومع ذلك فقد نفدت مدخرات معظم اللاجئين والنازحين السوريين والكثير منهم بدأ في التسول او دفع الاطفال للعمل أو حتي امتهان الدعارة لكسب العيش، الامر الذي يجعلهم في حاجة ماسة للمساعدة. ومع نهاية العام الماضي تم توفير 54% فقط من الأموال اللازمة لاغاثة اللاجئين السوريين، بينما تقل نسبة توفير احتياجات النازحين داخل سوريا. وفي ديسمبر الماضي اطلقت الاممالمتحدة أكبر نداء انساني في تاريخها نجح في جمع 8.4 مليار دولار، وهو المبلغ الذي يغطي احتياجات اللاجئين السوريين الاساسية ويساعد الدول المستضيفة لهم في تحسين البنية التحتية والخدمات، كما سيعقد في مارس المقبل مؤتمر للمانحين بالكويت، وهو ما تأمل الاممالمتحدة في ان يجمع تبرعات خاصة من دول الخليج، في ظل محاولات لجمع 3 مليارات دولار اخري هي حجم المساعدات المطلوبة للعام الحالي، وإلا فإن مئات الالاف من السوريين لن يتلقوا اي مساعدة. 50% من الأطفال أكثر من 2.3 مليون طفل داخل سوريا لا يذهبون إلي المدرسة، بينما يزيد العدد بين اللاجئين حيث ان نصف الاطفال في سن المدرسة لا ينتظمون بها. وفي لبنان يوجد عدد اطفال من اللاجئين أكثر من القدرة الاستيعابية للمدارس في البلد باكمله، وبالتالي فإن 20% منهم فقط يدرسون، ويتشابه الوضع بالنسبة للاجئين في تركيا والاردن خاصة الذين يعيشون خارج المخيمات. وفي ظل عدم توجه الاطفال للمدارس تزداد مخاطر اضطرارهم للعمل او اجبار الفتيات علي الزواج المبكر او تجنيدهم في القتال داخل سوريا، كما يقلل من فرصهم المعيشية في المستقبل. آلاف الاطفال يعيشون دون جنسية يحملونها لعدم استطاعتهم الحصول علي اوراق رسمية سورية، الامر الذي يمنعهم من الحصول علي خدمات حكومية مثل التعليم والعلاج، حيث لا يستطيع 3 أطفال من كل 4 ان يستخرجوا شهادة ميلاد، الامر الذي يصعب علي الطفل معه اثبات انتماؤه لسوريا، كما يواجه آلاف الاطفال مشكلة اضافية وهي عدم وجود الأب في ظل منع القانون السوري اكساب الام لجنسيتها السورية لأطفالها.ولذلك فان أكثر من 100 ألف طفل ولدوا للاجئين سوريين معظمهم بلا جنسية او اوراق رسمية. تزايد معاناة اللاجئات يعيش نحو 150 ألف امرأة سورية في دول اللجوء دون عائل، حيث توفي معظم أزواجهن او فقدوا خلال الصراع، وفي ظل اقامتهن بمجتمعات تزدري المرأة نوعا ما فإنهن لا يستطعن الحصول علي عمل ويتعرضن للتحرش والمضايقة في كل مكان، حتي من موزعي المواد الاغاثية.وكلما زاد عدد القتلي في المعارك يزداد عدد السيدات الارامل والوحيدات وإذا لم يغير المجتمع تعامله معهن فإن معاناتهن ستزداد.