في طريق عودتي من لندن والطائرة تقارب علي الهبوط في مطار القاهرة، وتخيلت لو أننا استيقظنا صباحاً وطوينا صفحة الأحزان وما مررنا به طوال الأربع سنوات الماضية بل الأربع والثلاثون سنة الماضية وقررنا أن ننفض عنا الأحزان والخمول وأن نبدأ صفحة جديدة يحدونا الأمل والإخلاص في العمل، وتذكرت المثل الألماني القائل «إن أفقر الناس من ليس لديه أمل». هناك دائماً ضوء في آخر النفق ويمكننا الخروج من ذلك النفق عندما تصبح لدي حكومتنا رؤية واضحة وأهداف استراتيجية مزودة بمؤشرات أداء محددة وتصبح هناك مساءلة وشفافية ولكن أيضاً لدي الشعب الطرف الآخر من الخيط المؤدي للحل والخروج من النفق فالمسئولية مشتركة بين الشعب والحكومة. إن الحل لما نحن فيه يتلخص في مثلث ذهبي أضلاعه الثلاثة هي الأخلاق، العمل والتعلم. فإذا ضاعت الأخلاق فعلي الدنيا السلام والأخلاق لابد أن تترجم إلي تصرفات وإلي معاملات فالدين المعاملة وليس فقط العبادات وطول الجلباب واللحية. إننا لا نهتم بتعليم القيم والأخلاق لأبنائنا منذ صغرهم ونهمل أهم وأخطر مرحلة في حياتهم وهي مرحلة تشكيل الشخصية، في حين أن العديد من الدول مثل فنلنداواليابان تقوم بتدريس المناهج من خلال إطار للقيم والأخلاق، فمثلاً عندما يدرسون تعليم الساعة والوقت يدرسونها تحت إطار قيمة «إحترام الوقت» والجغرافيا تدرس تحت قيمة «المواطنة» وهكذا فهم يدرسون وبطرق حديثة الأخلاق ولديهم مواد تعليمية تجذب الكبير قبل الصغير لتعلم القيم والأخلاق. لنبدأ فوراً في العودة إلي الأخلاق فهي الملاذ وكما قال أمير الشعراء أحمد شوقي: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا.. وقد أتيحت لي الفرصة التحدث مع مستثمرين أجانب لهم مصانع في مصر وقد فضلوا جلب عمال من دول أسيوية علي عمال مصر والسبب هو ببساطة كثرة الغياب والأعذار وعدم الإلتزام بقواعد العمل مثل إجراءات الصحة والسلامة أو حتي أبسط الأمور الفنية. وهذا يأخذنا مرة أخري إلي الأخلاق، الضلع الأول في المثلث فكيف نتحدث عن أن العمل عبادة ونحن لا نحترم عملنا «وأكل عيشنا» والبعض لازال يبحث عن وظيفة «ميري» حتي يستطيع أن يتفرغ ل»مصلحة» أخري!! لقد تعلمت ماليزيا من اليابان فما الذي لدي الماليزين واليابانيين وليس لدينا نحن المصريين؟ أعتقد أننا إذا تمسكنا بالأخلاق، وركزنا علي العمل المخلص والتعلم الفعال عندها سننجح في صنع وامتلاك المثلث الذهبي وسنكون من أفضل دول العالم.