الصاروخ الإيرانى فاتح 110 تجاوزت الدوائر السياسية والأمنية في تل أبيب الإجابة علي سؤال: هل يتأهب حزب الله وإيران للرد علي مقتل ستة ضباط إيرانيين، قصفتهم الصواريخ الإسرائيلية بمنطقة القنيطرةجنوب سوريا؟، وبات حديث الأروقة الإسرائيلية منصباً علي الطريقة التي سينتقم بها نصر الله وطهران "قريباً" من إسرائيل علي خلفية الحادث، لاسيما بعد تصريحات أمين عام حزب الله، التي أكد فيها أن قواته ستصل في زحفها نحو إسرائيل إلي منطقة الجليل، وربما إلي ما هو أبعد من ذلك. ويري المراقبون في تل أبيب، أن إصرار حزب الله علي رد الفعل السريع، يكمن في أنها المرة الأولي التي تهاجم فيها إسرائيل ضباطا إيرانيين بشكل مباشر، بينما يري المحلل الإسرائيلي "رون بن يشي"، أن قسوة الضربة الإسرائيلية منعت أكبر عملية تهريب سلاح من إيران إلي حزب الله في الجنوباللبناني، وأضاف بن يشي: "إن عملية إسرائيل الاستباقية حالت دون حصول حزب الله علي منظومات عسكرية متطورة، أشرف علي نقلها ستة ضباط إيرانيين، في طليعتهم الجنرال محمد علي الله دادي، وساعد في محاولة وصول الصفقة لهدفها جهاد مغنية، نجل قائد أركان حزب الله الراحل عماد مغنية". وأوضح المحلل الإسرائيلي أن مقتل الضباط الإيرانيين الستة، وتفويت وصول صفقة الأسلحة لحزب الله، كان للحيلولة دون تكرار الوضع العسكري المتردي، الذي عايشه جنود الجيش الإسرائيلي خلال عملية "الجرف الصامد" في قطاع غزة. وفي حين تؤكد المعطيات شروع حزب الله في الرد علي إسرائيل، لاسيما بعد قيام الأخيرة بحشد فيالق من قواتها علي جبهتها الشمالية، استبعد الخبير الإسرائيلي "يارون فريدمان" رد حزب الله المرتقب، وأوضح في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، أن حزب الله لن يستطيع فتح جبهة عسكرية ضد إسرائيل في الوقت الراهن، ففي ظل ارتفاع أسعار النفط العالمية، ومعاناة روسيا "الحليف الأكبر لحزب الله وإيران" من تلك الأزمة، فلن تستطيع موسكو وكذلك طهران تمويل نفقات الحرب المرتقبة مع إسرائيل. وأضاف: "الظروف الاقتصادية التي يعانيها حزب الله حالياً في تمويل أي عمل عسكري ضد إسرائيل، كانت باعثاً لاختيار أجهزة الأمن الإسرائيلية هذا التوقيت في الهجوم علي القافلة الإيرانية". رغم ذلك تؤكد تقارير تقدير الموقف الإسرائيلي أن خطر حزب الله علي إسرائيل لايزال قائماً، فبعيداً عن تعطيل أو تجميد وصول صفقة الأسلحة الإيرانية الأخيرة لحزب الله، يمتلك نصر الله منذ انتهاء حرب لبنان الثانية 2006 صواريخ "فتح 110"، وينتمي هذا الطراز لعائلة الصواريخ بعيدة المدي، وهي من إنتاج إيران، ونظراً لأن هذا النوع من القذائف موفق إلي حد كبير في إصابة الهدف، طورت حكومة طهران منه أربعة أنواع جديدة، آخرها صاروخ يستطيع حمل 450 كيلو جراما من المواد المتفجرة، ويصل مداه إلي 300 كيلومتر، ويشكل هذا الطراز خطورة بالغة علي أهداف البني التحتية الإسرائيلية، خاصة معامل تكرير البترول في حيفا، والموانئ الجوية شمال ووسط إسرائيل. وكشفت التقارير الإسرائيلية النقاب عن أن منظومة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية "القبة الحديدية" لن يكون بمقدورها مجابهة صواريخ حزب الله من هذا النوع. بعيداً عن الحروب التقليدية التي قد تطرق أبواب إسرائيل من ميدان قتال حزب الله، أزاحت تقارير منسوبة للاستخبارات الإسرائيلية الستار عن تخوف المستوي العسكري والسياسي في تل أبيب من "حرب الأنفاق"، وتفيد التقديرات بأن حزب الله تفوق في حروبه الميدانية السابقة عبر شبكات الأنفاق، ومن غير المستبعد أن يعتمد عليها في حربه المرتقبة ضد إسرائيل، وحينئذ لن يحتاج إلي تمويل ضخم كالذي يدور الحديث عنه، خاصة أن نصر الله هدد بقوة غير مسبوقة أن قواته تستطيع الوصول بسهولة إلي منطقة الجليل الأعلي في العمق الإسرائيلي. وتحذر دوائر أمنية إسرائيلية من مغبة عدم التفات إسرائيل لتلك الاستراتيجية العسكرية غير التقليدية، خاصة أن الجيش الإسرائيلي لم يستطع التعاطي معها خلال مواجهاته الميدانية الأخيرة مع حماس في قطاع غزة. وتتزايد المخاوف الإسرائيلية مع تصريحات المنسق السياسي لجهاز الأمن الإسرائيلي الجنرال المتقاعد "عاموس جلعاد"، التي أشار فيها إلي ضرورة التعامل بجدية مع مسألة أنفاق حزب الله، وقال: "لابد من دراسة تلك الإشكالية". ولم ينكر جلعاد إمكانية وصول أنفاق نصر الله للجليل الأعلي. وتوضح التقديرات الإسرائيلية أنه إذا لجأ حزب الله لتلك المعارك غير التقليدية ضد إسرائيل، فسيكون بمقدوره إدخال قواته لمنطقة الجليل، واختطاف مدنيين وجنود، والقيام بعمليات عسكرية، يمكن من خلالها السيطرة الكاملة علي مستوطنات محاذية لحدود إسرائيل الشمالية مع الجنوباللبناني.