شاب لم يتجاوز 35 عاما، قاد عملية الانقلاب المسلح في اليمن، ومن ثم فقد أحدث "عبد الملك الحوثي"، قائد جماعة "أنصار الله" المسلحة المعروفة بالحوثيين، الضجة التي هزت العالم أول أمس بعد أن امتلك زمام الأمور في اليمن، عندما تمكنت جماعته من الاستيلاء علي قصر الرئاسة اليمنية، بعد اشتباكات دامية راح ضحيتها اثنان من حرس الرئاسة ومن ثم قاموا بنهب جميع الأسلحة التي كانت في المخازن ومحتويات المقر إلي جانب محاصرتهم لمنزل الرئيس اليمني هادي عبد ربه منصور، مما ينبئ بحلقة جديدة من الصراع، في ظل وجود عناصر القاعدة داخل الأراضي اليمنية، الأمر الذي سيؤجج الحرب والفوضي علي الأراضي اليمنية ويزيد من أدوار القوي الخارجية داخل ما كان يعرف سابقا باليمن السعيد. يزعم "عبد الملك" إن التحرك الذي قام به يهدف إلي تحقيق أربعة مطالب يجب علي الرئيس اليمني أن ينفذها، في مقدمتها سرعة تصحيح الهيئة الوطنية، مشيرا إلي أن هذا الأمر تم الاتفاق عليه من قبل جميع المكونات السياسية في اليمن دون أن تتحقق، وكذلك تنقيح مسودة الدستور، وحذف جميع المخالفات. وسرعة تنفيذ الشراكة الوطنية كعقد سياسي ملزم، وفق ما نص عليه اتفاق السلم والشراكة، وأخيرا سرعة معالجة الوضع الأمني في البلاد. يأتي "عبد الملك" من خلفية شيعية زيدية، تقف وراءه إيران وتقدم له الدعم مما يزيد حسابات الوضع السياسي داخل اليمن تعقيدا، ويجعل حالة الفوضي التي لم تهدأ منذ الإطاحة بعلي عبد الله صالح، وتولي عبد ربه الهادي مقاليد الحكم، مستمرة بل متصاعدة. ولد عبد الملك الحوثي بمدينة ضحيان في محافظة صعدة عام 1979، وهو الابن الأصغر للزعيم الروحي للحوثيين بدر الدين بن أمير الدين الحوثي والذي يعد من أبرز المراجع الفقهية في المذهب الزيدي باليمن قبل أن يتحول للمذهب الجارودي -القريب من المذهب الإثني عشري- بعد إقامته في إيران خلال الفترة ما بين 1994 و2002. عرف عبد الملك بملازمته لوالده في كل حلقات دروسه الفقهية، وأجازه والده في تلقيه العلوم الدينية التي درسها علي يديه وهو في الثامنة عشرة من عمره، ولا يعرف أنه نال أي شهادة تعليمية سواء المرحلة الأساسية أو الثانوية أو الجامعية. ورث "عبد الملك" قيادة الجماعة بدعم من والده في أعقاب مقتل قائدها ومؤسسها -شقيقه الأكبر- حسين الذي لقي مصرعه في 10 سبتمبر 2004 خلال حرب الجماعة مع الجيش اليمني أثناء حكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح. وعقب مقتل شقيقه نشب خلاف داخل الجماعة في شأن من يتولي قيادتها، خاصة في ظل بروز القائد الميداني آنذاك عبد الله الرزامي، غير أن الاختيار وقع علي عبد الملك الأصغر سنا والأقل خبرة، كقائد للجماعة نزولا علي رغبة والده. بدأ اسمه يتردد كقائد للجماعة المتمردة خلال جولات الحرب في صعدة مع القوات الحكومية التي تواصلت علي فترات متقطعة حتي عام 2010. وبدا "عبد الملك" خلال خطاباته المتلفزة- مقلدا لأمين عام حزب الله اللبناني حسن نصر الله، من ناحية الخطاب اللغوي والحركة الجسدية والإشارة بالإصبع، إضافة للخلفية الزرقاء التي يجلس أمامها والشعار المطبوع عليها. بعد تولي عبدالملك الحوثي قيادة الجماعة اهتم كثيراً بالجانب الإعلامي والذي كان شبه غائب تماماً في فترة بداية نشأتها، فأدرك هو أهمية ودور الإعلام في الحياة العامة والسياسية والدعوية فسارع إلي إنشاء العديد من القنوات الفضائية وكان أبرزها قناة المسيرة التي تم إطلاق أول بث تجريبي لها في 23 مارس 2012 وكان لتلك القناة الفضائية دور كبير في توصيل أفكار الجماعة والرسالة الدينية لمؤسسها إلي جمهور كبير وواسع في داخل اليمن وساهم ذلك بشكل جيد في تزايد أنصارها، كما كان لها دور كبير في التصدي للحملة الإعلامية الشرسة المضادة للجماعة والتي تعرضت لها من قبل القنوات التابعة لمعارضيهم في الداخل والخارج، بسبب استمرارنشاطهم الثوري وعدم اعترافهم بالمبادرة الخليجية وبذلك استطاع عبدالملك الحوثي إيصال وجهة نظر جماعته إلي الرأي العام الداخلي والخارجي خصوصا أثناء الحروب الست التي خاضوها مع الدولة اليمنية خلال عهد الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وكذلك خلال نشاطهم الثوري في مرحلة ما بعد ثورة فبرابر 2011، وبالإضافة إلي القنوات الفضائية أنشأ الحوثيون العديد من المحطات الإذاعية الخاصة بهم والعديد من المواقع الإخبارية. وفي 8 يوليو 2014 سيطر "عبد الملك" علي محافظة عمران الشمالية بعد مواجهة مع الجيش.وفي أغسطس 2014 بدأ يتوعد الدولة إن لم تستجب لمطالبه بإقالة الحكومة وإلغاء قرار رفع الدعم عن المحروقات، ودعا أنصاره للاعتصام علي حدود العاصمة صنعاء وداخلها. ومع تصاعد الخلاف بينه وبين الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي-الذي رفض الانصياع لمطالبه أو الجلوس للحوار بشأنها قبل فض الاعتصامات والانسحاب من الشوارع- دعا "عبد الملك" أنصاره للعصيان المدني وهدد بالتصعيد. بعدها اقتحم انصاره العاصمة واحتلوا مقار وزارة الدفاع والداخلية ومبني التليفزيون. في ظل تصاعد الاحداث من الارجح أن يقوم زعيم جماعة أنصار الله عبد الملك الحوثي بالإعلان عن مجلس عسكري يدير البلاد، مدعوما من حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يترأسه الرئيس السابق علي عبد الله صالح. وفي كل الأحوال سيظل عبد الملك الحوثي هو محرك الأحداث خلال الأيام القادمة.