هل نحن علي شفا حرب عالمية ضد الإرهاب ؟ أم نحن بصدد اتحاد للإنسانية ضد شياطين الدمار الفكري والمادي ؟... اهتز العالم بجريمة اغتيال الصحفيين في صحيفة «تشارلي أبدو» في فرنسا والتي راح ضحيتها 12 صحفيا يمارسون حريتهم في الكتابة والرسم والنقد في باريس عاصمة الحريات الفكرية في العالم, ومنها حريات تتجاوز ما هو متعارف منه من حريات في أمريكا وعدد من الدول الغربية... الحدث الإرهابي البشع هز العالم وأثار زلزالا لم يخمد بعد. ويعتقد البعض أنه لن يخمد لفترات طويلة حيث إنه ضرب العالم كله في مقتل وانقسام وصراع... الظاهر منها هو انقسام فكري وصراع للحضارات, وانقسام للمذاهب وصراع للأديان, وانقسام سياسي وصراع للأيديولوجيات... حقيقة ما حدث هو رد فعل لعالم زرع فيه الدمار والإرهاب, والانقسام والتفرقة, والجوع والفقر, والجهل والمرض, والتخلف والعشوائية...الحقائق المرة تشير إلي جرائم متراكمة للإرهاب - نتابعها ونشاهدها يوميا - منها علي سبيل المثال وليس الحصر... جريمة اغتيال الصحفيين في صحيفة «تشارلي ابدو», ومنها جرائم اغتيال 387ر197 سوري (حتي الآن) وهو آخر رقم رسمي لضحايا ما يحدث في سوريا, ومنها جرائم قتل ما يقرب من مليون عراقي منذ الغزو الأمريكي لبغداد ومنها جرائم 11 سبتمبر وتدمير برجي التجارة العالمي بنيويورك والذي راح ضحيتها 3000 شخص, ومنها جرائم ما يحدث في ليبيا والتي راح ضحيتها ما يقرب من خمسة آلاف شخص, ومنها جرائم ما يحدث في اليمن والتي راح ضحيتها أكثر من عشرة آلاف شخص, ومنها جرائم ما يحدث في أفغانستان عبر ثلاثين عاما, ومنها أيضا ما يحدث من جرائم إرهابية في مصر, هذه الجرائم جميعا وغيرها تتجاهل دائما المجرم الحقيقي وحلفاءه ومن يقوم بتمويله وتدريبه بل صناعته, وتتجاهل الدوافع الأساسية لهذه الجرائم وتتعامل بازدواجية في المبادئ والأخلاق والقيم بل في تقدير الإنسان الذي يتم اغتياله... فإذا كان مسلما فلا قيمة له وإن كان يهوديا تتسلط عليه كل كاميرات العالم... وإذا كان عراقيا أو سوريا فلا يذكر أما إذا كان فرنسيا فترفع الأقلام كلها - ومنها قلمي - احتراما وشجبا وألما... لقد صدم العالم فيما تابعته من بشاعة الحادث في الهجوم علي صحيفة «تشارلي ابدو» وفجعت وتألمت للضحايا وأهاليهم وقلمهم وحريتهم... ولكني أيضا فجعت في عالم وحربه, وأديان وقادة, وطغاة وساسة, وتطرف وإرهاب, وغني وفقر... فجعت في دنيا وأجيال أنا منهم أوصلت العالم لما نحن فيه... فجعت في ازدواجية وتجاهل لأسباب ما حدث ومنها انتهاك للأديان والأنبياء... فجعت في جذور ما يحدث في انقسام للحضارات وتحريف للأديان وتطرف لعقول بلا حدود... فجعت لمشاهد احترافية لأياد قذرة لأجهزة مخابراتية تحترف وتحرك وتلعب وتتلاعب بلعبة الموت والدمار... فجعت لساسة وأمراء الدمار يجلسون علي عروش الحكم ويديرون الفوضي الخلاقة وحروب الربيع العربي باسم الديمقراطية والإرهاب الإسرائيلي الفلسطيني لمصالحهم, ويتحالفون دهرا مع رموز الديكتاتورية وطغاة الشعوب لأكثر من ستين عاما... يوم الأحد الماضي انطلقت «صرخة من أجل الحرية « ووقف العالم كله - وأنا منهم - مع صحيفة «تشارلي ابدو»... فهل سيقف العالم مع أكثر من مليون ضحية في العالم العربي - وأنا منهم - تم اغتيالهم بأيدي الإرهاب وقادة القتل والدمار في الغرب والشرق ؟ هل ستكون صرخة الحرية صحوة للإنسانية ؟ هل سيتم اتحاد عالمي لإعادة الرشد إلي الإنسان والمعرفة إلي العقول والمحبة إلي القلوب ؟ هل سينتصر الإرهاب ؟ أم ستتحد الإنسانية وتنتصر الحضارة ؟... مستقبل العالم وتحديدا مستقبل شعوب العالم العربي والإسلامي هو في الاتحاد من أجل الحياة والحرية, والتقدم والرخاء, والعدالة والعدل, والعلم والمعرفة, واحترام الأديان وقبول الآخر... فهل سيتحد العالم ؟ ومن سيقود المواجهة ؟... هل القلم أم الرصاص ؟؟؟