العلاقات بين الدول لا تقوم علي رسو خ أواصر الأخوة والقيم الواحدة والتاريخ المشترك والانتماء العربي فحسب ولكنها تعلو وتسمو بالمواقف التي تستجيب عمليا وميدانيا لكل هذه المبادئ . هذه الصورة المبهرة للعلاقات تتجسد فيما بين مصر والكويت والذي يعود إلي سنوات طويلة قبل الاستقلال الذي أعلن عام 1961 . إنها تمثلت في وفود الطلبة والطالبات الكويتيين الذين جاءوا إلي مصر للدراسة في كل مراحل التعليم بالمدارس والجامعات والأزهر الشريف. في نفس الوقت كانت لشركات المقاولات المصرية وفي مقدمتها المقاولون العرب بصماتها في عملية البناء والتعمير. وعلي نفس المنوال كان للخبرات المصرية في كل المجالات دورها في تأسيس كل أجهزة دولة الكويت وإعداد القوانين والدستور الذي مازال حتي الآن محوراً لنظام الحكم؟ لم تقتصر مسيرة هذه العلاقات علي هذه النواحي بل شملت حماية الأمن القومي للكويت والذي كان عرضة لمغامرات وعدوان الطامعين منذ اللحظات الاولي للاستقلال. جاءت البداية عام 1961 من جانب عبدالكريم قاسم قائد الثورة التي اسقطت النظام الملكي في العراق عندما أعلن أن الكويت جزء من العراق. وفي مواجهة تهديداته بغزو الكويت أعلن الرئيس الراحل عبدالناصر وقوفه إلي جانب شعب الكويت مبديا استعداده لارسال قوات من الجيش المصري للدفاع عن أمنه واستقلاله، كان لهذا الموقف المساند لتوجهات المجتمع الدولي أثره في تخلي عبدالكريم قاسم عن هذه الفكرة الشيطانية.. كان من حسن حظي المهني أن اتيح لي تغطية هذا الحدث ميدانيا في ذلك الوقت مبعوثا عن صحيفة «الأخبار» حيث تابعت عملية افشال هذه المغامرة لحاكم العراق الأسبق. وعندما تعرضت مصر لعدوان 1967 وقفت الكويت إلي جانب مصر مؤيدة وداعمة مع كل الدول العربية. وفي حرب أكتوبر 1973 التي خاضتها مصر بقيادة الزعيم أنور السادات لتحرير سيناء التي احتلتها اسرائيل في حرب 67 كانت الكويت ضمن الدول العربية المساندة لشقيقتها مصر. تجلي ذلك في مشاركتها الفاعلة في قرار وقف إمدادات البترول للدول الغربية الذي تبناه بكل الشجاعة ملك السعودية الراحل العظيم فيصل بن عبدالعزيز. وفي إطار مواقف مصر التاريخية حفاظا علي الأمن القومي العربي ودفاعا عن الحقوق العربية المشروعة في مواجهة المغامرات العدوانية كان الموقف المصري عام 1991 داعما ومساندا ومشاركا كعنصر فاعل في هذه المنظومة. تجلي ذلك في التصدي مع المجتمع الدولي لعملية الغزو التي قام بها صدام حسين للكويت عام 1990. تمثلت بداية هذا الموقف المصري الرافض لهذا العدوان الذي قاده الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك في مؤتمر القمة العربي الذي عقد في القاهرة 1990. ومع بدء حرب تحرير الكويت عام 1991 كانت القوات المصرية في مقدمة القوات المشاركة وأدت دورها العسكري بكل الشجاعة انتصارا للمبادئ والقيم الأخلاقية العربية ضد هذا العدوان غير المبرر. إذن فإنه وفي إطار هذا التاريخ المشرف لمسيرة العلاقات بين الاشقاء تأتي زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي للكويت ليحظي بكل الحفاوة والترحاب من أميرها الشيخ صباح الجابر الصباح ومن كل ابناء الشعب الكويتي. هذا الاستقبال الحافل ما هو إلا تعبير للتأييد والمساندة لثورة الشعب المصري ضد حكم الإرهاب الإخواني واحتفاء باستعادة مصر لمكانتها الرائدة عربيا وإقليميا ودوليا.