المخرج محمد عابدين كان يحلم وهو طفل أن يصبح لاعب كرة قدم مشهورًا وممثلاً في السينما والتليفزيون.. وعندما احترف الفن وجد أن المخرج هو الذي يختار الممثلين ويوجههم وهو مايسترو العمل بحق، فانبهر بشخصية المخرج وتمني أن يصبح مخرجاً.. وبالفعل أصبح مخرجاً وحصل مسلسله (حكايات رمضان أبو صيام) علي الجائزة الذهبية في مهرجان القاهرة للإعلام العربي عام 2009. وما بين حلم الطفولة والصعود لمنصة التتويج قصة نجاح طويلة يرويها الفنان وحكم الكرة والمخرج محمد عابدين صاحب السبع صنايع لكن بخته مش ضايع. كابتن محمد عابدين .. هكذا يحب أن يناديه الناس بالرغم من أنه فنان محترف (مخرج وممثل) بدرجة فنان قدير بمسرح الدولة وهي أعلي درجة يصل إليها الفنان ومع ذلك إذا سأله أحد.. هل تحب أن أناديك بالأستاذ أم بالفنان أم بالكابتن؟ يرد سريعاً، كابتن طبعا. لأن الكرة حياته وتمثل أهمية قصوي له وهو لا يتصور أن يعيش بدون الرياضة والكرة بالتحديد.. والرياضة كانت وما زالت المفتاح له في كل شئ.. فعمله الأساسي الآن اتجه إليه من خلال الكرة. كيف؟ كنت أحب التمثيل وكذلك لعب الكرة وأنا طفل صغير ككثير من الأطفال.. وكان والدي يعمل مهندسًا زراعيًا وكان كثير التنقل (بحكم عمله) بين المحافظات وبالتالي لا أستطيع ممارسة هوايتي إلا بالمدرسة.. وعندما استقر والدي وانتقل للعمل بالقاهرة كنت ومازلت طالباً بالصف الثالث الاعدادي وكانت أولي محاولاتي في تنمية هوايتي أن اتجهت للعب بأحد الأندية الكبري وتنقلت في العام الأول ما بين نادي السكة الحديد والنادي المصري القاهري.. وفي العام التالي نجحت في اختبارات الأشبال بنادي الزمالك وكان ذلك عام 1966 لأصبح حارس مرمي فريق الناشئين.. وكان مجموعة كبيرة من الفنانين يلعبون الكرة ويشتركون في المباريات الودية ضد قدامي اللاعبين.. ومن ضمن هؤلاء الفنانين فريد شوقي, يوسف شعبان, صلاح السعدني, نور الشريف, حمدي غيث, نور الدمرداش, وجدي العربي, سامح الصريطي, أحمد بدير, هاني شاكر, سيد إسماعيل, وآخرون.. ولكن لا يوجد منهم من يحرس المرمي فطلبوا مني أن ألعب معهم.. ومن هنا كانت البداية في التعرف علي الفنانين الكبار وكانت فرصة لأتجه للفن وكان ذلك عن طريق المخرج الكبير نور الدمرداش فقمت بالتمثيل في أعماله المتميزة.. ولما انبهرت بشخصية المخرج كما ذكرت لكم فكرت في الاتجاه للإخراج بالعمل في البداية كمساعد مخرج ولكني احتفظت بهوايتي التي أحبها وهي التمثيل ومازلت أمارسها حتي الآن مع الإخراج والذي تتلمذت فيه علي يد أساتذة كبار من أهمهم المخرج الراحل إسماعيل عبد الحافظ الذي ساعدته كثيراً في عديد من الأعمال من أهمها : الشهد والدموع, وليالي الحلمية.. وفي المسرح اتجهت للإخراج أيضاً وساعدت كثيراً من الأساتذة أهمهم سعد أردش ورشاد عثمان. محمد عابدين خريج المعهد العالي للتعاون وحصل علي العديد من الدورات والدراسات في الاخراج. ووجه الغرابة في الجمع بين التحكيم والفن أن التحكيم مهنة شاقة جدا ويعتقد البعض أن الفنان يعيش في رفاهية. لا يوجد شخص يجمع بين التحكيم والفن غيري علي مستوي الوطن العربي وربما علي مستوي العالم ولكن يوجد بعض الفنانين كانوا يرغبون في الاتجاه للتحكيم مثل وجدي العربي ولكنه لم يفعل, وكذلك بعض الحكام حاولوا التمثيل مرة أو أكثر أو بعد اعتزالهم التحكيم ولكنهم لم يصلوا لدرجة الاحتراف. ويضيف : لرغبتي في الاستمرار في مزاولة الرياضة بعد اعتزالي كلاعب اتجهت للتحكيم ولم أتجه للتدريب لأن المدرب يرتبط بمواعيد محددة مع الفريق الذي يدربه.. أما في التحكيم فمن الممكن الاعتذار عن أي مباراة لا تتماشي مع وقته وهو مسئول عن إعداد نفسه بدنياً ويمكن أن يتم ذلك في أوقات فراغه وكان ذلك أنسب لي حيث إنني كنت احترفت الفن.. وكان لابد من التنسيق بين عملي وهوايتي. وفي بداية حياتي عملت أكثر من عمل لمدد مؤقتة مثل : محاسب, مدير علاقات عامة, بالاضافة طبعا للتحكيم والتمثيل والاخراج وبذلك ينطبق علي المثل سبع صنايع لكن والحمد لله الحظ مش ضايع. اعتزلت التحكيم أو كما يقال تقاعدت عام 1995 وذلك لوصولي للسن القانونية 45 سنة كما يحددها الاتحاد الدولي.. ولكن لو سمحوا للحكم بممارسة التحكيم حتي أي سن سأعود فوراً وللعلم أنا أتدرب وحتي الآن بانتظام شديد كما لو كنت حكمًا عاملًا. وحدث بالفعل منتصف عام 1998 وأثناء تولي كابتن إبراهيم الجويني رئاسة لجنة الحكام سمح للحكام المعتزلين العودة للتحكيم حتي سن 48 سنة.. والوحيد الذي تقدم وعاد فعلاً للتحكيم كنت أنا. وبعد تحكيمي لأول مباراة بعد عودتي اتصلت بالكابتن إبراهيم الجويني وقلت له (أنا مثل السمكة التي خرجت من المياه وكادت أن تموت وقمت أنت بإعادتها إلي الحياة).