أضم صوتي للأطباء ونقابتهم وأرفض تماما مشروع قانون المستشفيات الجامعية الجديد الذي هبط علينا فجأة بالباراشوت بعد أن أعده مجهولون في غرف مغلقة دون مشاورات ومداولات مع الأطراف المختلفة. نعم.. كلنا نعلم ونؤكد ونبصم بالعشرة..أن أحوال مستشفياتنا الجامعية مهينة ومذرية.. وأن عذاب الفوضي داخلها يفوق عذاب المرض.. وأنها في حاجة إلي معايير حاسمة تعيد الانضباط والالتزام والسمعة لهذه المؤسسات العريقة. لكن مشروع القانون بصورته الغريبة «المكلكعة» لا يمكن أن يؤدي لاصلاح أحوال المستشفيات الجامعية أوتحسين الخدمة داخلها.. بل يبدو وكأنه مجرد أداة قانونية لفرض السيطرة والبيروقراطية. ينص القانون الجديد – كما تفتق عنه ذهن المشرع - علي تشكيل شبكة أخطبوطية من المجالس الاشرافية تكون مسئولة عن ادارة هذه المستشفيات.. فهناك مجلس أعلي للمستشفيات برئاسة وزير التعليم العالي.. ومجلس ثان لأمناء المستشفي علي مستوي الجامعة.. ومجلس ثالث لادارة المستشفي علي مستوي الكلية.. بالاضافة للمديرالتنفيذي للمستشفيات!! والنتيجة.. ان كل هذه الجهات المشرفة ستؤدي بلا شك لتعطيل العمل وليس تيسيره.. فلكي تشتري جهازا مثلا لابد من عشرات الموافقات والتوقيعات.. ومن المخاوف المطروحة ايضا ان مشروع القانون يحول المستشفيات الجامعية إلي وحدات مستقلة إداريًا..ويفصل بين أقسام الكلية والأقسام المقابلة لها بالمستشفي.. بما يؤثر علي العملية التعليمية والتدريبية لطلاب الطب. القانون أيضا يجعل المستشفيات الجامعية وحدات مستقلة بلوائحها الفنية والمالية.. لكنه لم ينص علي التزام هذه المستشفيات بالضوابط المالية العامة.. بما يمكن أن يؤدي لإلغاء الخدمة الصحية المجانية في هذه المستشفيات بدلاً من إصلاح عيوبها. مشروع هذا القانون يؤكد للأسف ان مصر لم تتغير وأن الفكر البيروقراطي العقيم لازال يجرها للخلف.. فلدينا دائما ترزية عباقرة في تفصيل اللوائح والقوانين ووضع الميزانيات..وفي النهاية توضع كل هذه اللوائح والقوانين علي الرف..وتسود الفوضي وتضيع المسئوليات..ولا يتبقي من مشروعاتنا سوي الهياكل الادارية الضخمة التي أهدرنا فيها الملايين بلا طائل. كان الأجدي بوزير التعليم العالي ألا يترفع عن مشاورة زملائه من عمداء وأساتذة كليات الطب في مشروع القانون قبل اعلانه فربما جاءت المشاورات بفكر أفضل!!