« ست ب 100 راجل » جملة شهيرة تتردد علي ألسنة المصريين عندما يصادفون امرأة تتحمل ما لايتحمله كثير من رجال هذا الزمان.. فعادة ما يعاني الرجل الأمرين إذا ماتت الزوجة وتركته مع أولادها يعاني تربيتهم المرهقة خاصة إن كان الفقر حليفه, ودائما ما يتزوج الرجل بعد وفاة زوجته.. لكننا أمام امرأة مات زوجها وهي في ريعان شبابها تاركا لها طفلين وميراثا ثقيلا من الديون وحربا لا هدنة فيها بينها وبين الفقر.. لم يمنعها كلام الناس المحبط من استكمال مسيرة الحياة.. رفضت أن تتزوج ووهبت حياتها لاطفالها.. واتخذت علي نفسها عهداً أن تربيهم أحسن تربية.. تحدت الفقر وقلة الحيلة.. لم يرق لها العمل كخادمة في المنازل.. لاطعام أطفالها.. كافحت وأخذت تدبر الأموال من هنا وهناك, ولم يكن أحد يعلم ما يدور برأسها.. حتي فاجأت جيرانها وأقاربها وهي تهل عليهم داخل توك توك ليست كزبونة ولكن سائقة. داخل إحدي العشش بروض الفرج أسفل كوبري الصنايع تقطن بطلة قصة أول سائقة توك توك في مصر.. إنها صباح حمادة (37 سنة) لم تخجل يوما − رغم انتقادات الناس لها − من قيادتها للتوك توك, فلم يكن لها سبيل آخر يرضيها لتكمل مسيرة معاناتها بسلام إلا العمل علي التوك توك لما يجلبه من رزق وفير تستطيع به إطعام اولادها وسداد ديونها. صدمني المشهد من أول وهلة ونطق لساني..ايه ده.. ست سائقة توك توك ..استوقفتها أثناء سيرها أعلي كوبري الصنايع بروض الفرج.. وبدهشة قُلت لها : أول مرة اشوف ست سواقة توك توك! اجابت صباح لتروي قصة كفاحها والابتسامة لا تفارق وجهها قائلة: توفي زوجي في عمر الشباب وتركني وحدي وطفليّ وديون لا آخر لها.. وكان الفقر صديق الأسرة الوفي لا يفارقنا لكننا كنا سعداء عندما يأتي زوجي بعد غروب الشمس بفتات الطعام لإطعام أسرته. واضافت صباح : بعد وفاة زوجي شعرت أن الدنيا اسودت في وجهي خوفا علي أولادي وكيف أنفق عليهم.. ومن الديون التي تحيطنا من كل جانب.. رفضت ان اخدم في المنازل لاطعام أولادي. سألتها:ومن أين أتت لكِ فكرة العمل علي توك توك.. قالت: كنت أسمع شباب المنطقة من الذين يعملون عليه أن التوك توك فلوسه كتير وشغله حلو, فقررت أن اشتريه.. فاستدنت من طوب الأرض وجمعت المبلغ لشرائه حتي استطيع تربية أولادي وسداد ديوني.. والحمد لله ربنا بيرزقني وبيرضيني أنا وأولادي وما يجلبه التوك توك من رزق أربي به اطفالي وأسدد به جزءا من ديوني ويكفي أن التوك توك لا يحوجني لأحد من الناس. وعن نظرة المجتمع لها ؟ قالت صباح : أول ما عرضت الفكرة علي أمي صرخت في وجهي وقالت لي : وهو انتِ راجل علشان تسوقي توك توك؟ فقلت لها : هو عيب ولا حرام.. مش أحسن ما أمد ايدي لحد وأقول أكلني أنا وأولادي.. وأخذت اقنعها حتي وافقت.. واستطردت صباح في حديثها قائلة: من المواقف التي لن انساها.. هي أول مرة أدخل منطقتي وأنا باسوق التوك توك, بعد أن علمني أحد شباب المنطقة كيفية قيادته.. فكل من يراني يدخل في حالة ضحك هستيرية أو دهشة لعدة دقائق ولكن مع مرور الوقت اعتاد الناس علي هذا المشهد. واضافت صباح: كلام الناس ميهمنيش.. الناس ولا هتأكلني ولا هتأكل عيالي ومحدش بيدّي لحد حاجة.. وعندما اعتاد الناس علي قيادتي للتوك توك بدأوا في تشجيعي وقالولي : انتي ست ب 100 راجل.وعن نوعية زبائنها قالت: أنا بيركب معايا من كل الألوان شباب ورجال ونساء وكل اللي بيشوفني واحدة ست (بيزود الفيزيتا شوية).. بيدور حوار بيننا عن أنني ازاي راكبة توك توك؟ فأروي لهم قصتي فيتعاطفون معي. وعما اذا كانت هناك مضايقات من بعض الزبائن بسبب قيادتك لتوك توك, قالت: الناس في روض الفرج طيبين وبيقدروا الظروف, فلم أواجه أي مضايقة منذ أن عملت علي التوك توك, فالكل متعاطف معي ويعرف قصتي. واختتمت صباح حديثها بقولها: الحمد لله الأشية معدن وأربي أولادي أحسن تربية والفضل لله ثم للتوك توك .