فتح الرجل علي الرابع واتهم الأهالي بأنهم «بس فالحين يزربوا في عيال وبعدين عاوزيني أشغلهم» وأعقب ذلك إشارة من الأصبع الوسطي تذكرت بالخير صديقي ورفيق رحلة الحياة ولقبه «البحراوي».. كان إذا أغضبه أحدهم أيام زمان يقوم بخلع ملابسه فيصبح في الوضع بلبوصاً، كما ولدته أمه، وكان البحراوي بعد ذلك يقدم اعتذاره وأسفه علي ما جري لأنه دون أن يشعر وفي لحظة غضبه يقوم علي الفور بسلت بنطلونه وما هو تحت البنطلون.. تذكرت البحراوي وطريقته العجيبة في الغضب وأنا أقرأ تصريحاً لمعالي الوزير المحافظ.. محافظ المدينة الأجمل في بر مصر «الاسماعيلية» التي أخرجت لنا كل ما هو جميل في كل مجال.. قال سعادة المحافظ: «فض فوه» إن ما حدث منه لم يكن إلا نتيجة للعفوية!! وما أدراكم ما حدث من المحافظ أيها السيدات والسادة.. وأصل الحكاية أن سعادته كان في اجتماع جماهيري مع بعض أهالي الاسماعيلية يستمع إلي شكاواهم ويبحث في أمور الحل وطرق العلاج.. فإذا به عندما اكتشف حجم الأعداد التي تطلب وظائف تفوق إمكانيات المحافظة، أقول علي الفور فتح الرجل علي الرابع واتهم الأهالي بأنهم «بس فالحين يزربوا في عيال وبعدين عاوزيني أشغلهم» وأعقب ذلك إشارة من الأصبع الوسطي والمصيبة الكبري التي تمتد من الاسماعيلية إلي شبرا أن سعادة المحافظ ساق لنا عذراً أقبح من الذنب نفسه فقد قال إن هذه الحركة جاءت عفوية وأنه لم يقصدها.. والحق أقول إن تفسير المحافظ هذا يجعلني متمسكاً ومنادياً ومطالباً بإقالة الرجل علي الفور وتقديمه لمحاكمة عاجلة بتهمة إهانة أهالي مصر أجمعين ممثلين في شعب الاسماعيلية، وأيضاً بتهمة استغفال الناس في بر مصر فالمحافظ علي ما يبدو يصور أننا قوم بلهاء فقد فعل فعلته المهببة وبعد أن انتشر الخبر وشاع جاء بحجة لا يمكن لواحد معاه شهادة تخلف عقلي أن يصدقها وهي أن إشارته بأصبعه الوسطي للناس جاءت بطريقة عفوية.. و«يا دار ما دخلك شر»، وياريت الرجل أبدي أسفه أو أظهر نوعا من أنواع الخجل لفعلته السوداء أو طلب العفو والرضا ولكنه وببراءة الأطفال في عينيه فقعنا الوسطي ومنحنا المبرر علي فعلته وكشف لنا السر الرهيب وراء هذه الفعلة.. إنها العفوية.. لا أكثر ولا أقل.. وبالتأكيد لو ظل هذا الرجل في مكانه فإننا أيها السيدات والسادة قد نشهد بحراوي جديدا.. فإذا كان الرجل ضحية العفوية.. لا يتحكم في انفعالاته ولا يفرق بين المجلس الخاص والمجلس العام فإنني أتصور لو أنه حضر اجتماعاً ووقف علي حجم ما يعانيه الشارع الاسماعيلاوي من مصائب في رصف الطرق وكوارث في الصرف الصحي وإصلاح لشبكات المياه وتجديد للكهرباء وإعمار وبناء لاستيعاب الزيادة السكانية وميزانية لتوفير المواصلات والخدمات وبناء المدارس والمستشفيات ساعتها أخشي أن يرتفع مؤشر العفوية فيقوم السيد المحافظ بنفس ما فعله صديقي «البحراوي» فيتخلص من ملابسه ويظهر للناس «بلبوصاً» وساعتها ح نقول «ياريت اللي جري ما كان».. وطالما أن الرجل ضحية العفوية فعليه أن ينسحب من الحياة العامة ويرفق ذلك برسالة اعتذار للشعب المصري عما بدر منه بحق أهل الاسماعيلية خصوصاً استخدامه للأصبع الوسطي، وعلي الرجل أن يعود إلي صفوف الجماهير ليمارس عفويته في الأماكن المخصصة لها فيرتاد المقاهي ويلعب الكوتشينة أو الدومينو أو الطاولة وساعتها سيكون له مطلق الحرية في أن يوجه لخصمه ما شاء من عبارات وأن يصدر له ما يحب من «أصوات» .. ساعتها لن يكون معالي المحافظ في حاجة إلي تبرير أو تفسير!!