أحد معسكرات الجهاديين فى العراق في معسكر لأسري الحرب العالمية الأولي في ألمانيا، كانت بداية استغلال فكرة الجهاد لأغراض سياسية، هذا ما كشفت عنه دراسات تاريخية ألمانية، أفادت بأن معسكر «نصف القمر» الذي كان يقع قرب برلين شهد في عام 1914، محاولة فاشلة من جانب القيصر الألماني فيلهلم الثاني لتجنيد الجنود المسلمين القادمين من الهند وباكستان ودول المغرب العربي وزرعهم في صفوف القوات الفرنسية والبريطانية للقتال لصالح ألمانيا، عبر استغلال فكرة الجهاد واللعب علي الوتر الديني لديهم. البداية كانت فكرة من جانب الدبلوماسي والمستشرق الألماني ماكس فون اوبنهايم، الذي قضي 20 عاما في السفر ودراسة الشرق الإسلامي، واستطاع اقناع القيصر حتي قبل اندلاع الحرب باستغلال سلاح سري ضد بريطانيا، وهو حث أهالي المستعمرات البريطانية والفرنسية في شمال أفريقيا والهند وبنجلاديش علي محاربة المحتلين لاراضيهم، عبر حملة دعائية منظمة تدفع لقيام ثورة اسلامية ضد بريطانيا وفرنسا. معسكر «نصف القمر» لأسري الحرب قرب برلين خصص لإقامة الأسري المسلمين، وكان يشرف عليه صاحب الفكرة اوبنهايم، وهناك تم بناء مسجد لهم والسماح لهم بممارسة الرياضة، ومعاملتهم معاملة مميزة وحصولهم علي طعام جيد، حيث يذكر أحمد حسين أحد الأسري المغاربة الذين كانوا في المعسكر، ان الألمان كانوا لا يقدمون لهم لحم الخنزير احتراما للاسلام وبدلا منه قدموا لهم الدجاج، بالإضافة للسماح للمسلمين بذبح الأبقار طبقا للشريعة الاسلامية للحصول علي لحم حلال، واستغلت السلطات الألمانية ذلك في حملتها الدعائية للظهور بمظهر الصديق للمسلمين عبر طبع بطاقات بريدية تصور المسلمين وهم يؤدون الفرائض في المسجد ويمارسون الأنشطة المختلفة. إنشاء المسجد في المعسكر كان وراءه أهداف سياسية أيضا، ففي خطب الجمعة كان يتم الترويج للافكار المعادية لبريطانيا وفرنسا وتعزيز فكرة الجهاد ضدهما، كما كان مركزا لتجميع الأسري لمناقشة كل ما كان الألمان يريدون ترويجه بينهم. وفي 2 اغسطس 1914، تم توقيع معاهدة سرية بين الدولة العثمانية والمانيا، للتنسيق بين الدولتين لإشعال المستعمرات الاسلامية ضد بريطانيا، وليبدأ تحالف غريب بين السلطان العثماني عبدالحميد الثاني، والقيصر الألماني فيلهيلم الثاني، وفي نوفمبر من نفس العام اعلن عبد الحميد الثاني من داخل أحد مساجد اسطنبول أن بريطانيا وفرنسا وروسيا أعداء للاسلام، وذلك بالتنسيق مع ألمانيا، وفي نفس اليوم ألقي السفير الألماني باسطنبول محاطا ب14 أسيرا من المغرب والجزائر خطبة نارية تعهد فيها بدعم الجهود الاسلامية، وأكد الأسري أنهم سينقلون «الجهاد» إلي الأراضي البريطانية والفرنسية في شمال افريقيا. الشيخ التونسي صالح الشريف كان مبعوثا من المخابرات العثمانية للمشاركة في جهود الترويج لفكرة الجهاد داخل معسكر «نصف القمر»، وكان بمثابة القائد الروحي لأسري المعسكر، وأشرف علي اصدار مجلة دعائية تحمل اسم الجهاد، وكان مؤيدا لاستقلال المغرب العربي، حتي أنه ارسل خطابا للقيصر الألماني ينصحه بالتدخل لتحرير شمال افريقيا، إلا أن القيصر تجاهل ذلك. وبعد أشهر من التأهيل النفسي، والحياة في أجواء جيدة بالمعسكر الألماني، التحق نحو 3 آلاف من الأسري للقتال في صفوف القوات العثمانية في الحرب «المقدسة» ضد المستعمرات البريطانية، وأرسلوا إلي بغداد للقتال في جبهة إيرانوالعراق، إلا أنهم لم يستطيعوا تحمل ظروف الحرب القاسية وأجواء الطقس الحار هناك فضلا عن المعاملة القاسية لقادتهم العثمانيين. وأدي انخفاض روحهم المعنوية وعدم ايمانهم بالقضية التي يقاتلون من اجلها، إلي اعلانهم التمرد علي قادتهم ويري يوجين روجان مؤلف كتاب سقوط العثمانيين، ان فكرة الجهاد ضد 3 دول غربية فقط دون باقي اوروبا لم يكن منطقيا، مضيفا بأن المسلمين مثل الجميع تثور لديهم المخاوف عندما يكون هناك حرب وليس شرطا بأن يتحركوا حينما يلوح أي أحد بالقرآن والجهاد. وفي عام 1917، تم التخلي عن المعسكر وفكرة الاعتماد علي الجهاد لمحاربة بريطانيا، وأرسل معظم الأسري ليقوموا بأعمال الزراعة في رومانيا، بينما سافر الشيخ صالح الشريف إلي سويسرا، لتنتهي اولي محاولات توظيف الجهاد في النزاعات السياسية الدولية.