ذهب خالص والعيار 24 نظراتهما تحمل خبرة السنين وتكشف بشكل قاطع غش الذهب والفضة وتحدد العيار، علي أعتابهما تأتي السبائك من المعادن النفيسة لاختبارها في معملهما القديم لتحديد قيمتها ورقم عيارها، أدواتهما قليلة، نار وأحماض وزئبق وميزان حساس وأزميل صغير، هما محمد ومجدي يوسف اللذان يعملان في مهنة «الششنجي» منذ 50 عاما، خبرتهما لاتقدر بثمن ورثاها عن أبيهما ومن قبله جدهما، حازا علي ثقة مصلحة الدمغة والموازين حتي أصبحا معتمدين لديها في اختبارات الذهب والفضة لتحديد القيمة العيارية بالاضافة لعدد من الدول الأوروبية علي رأسها فرنسا وألمانيا، اختباراتهما علي السبائك النفيسة بدائية ولكن كما يقولان هي الأكثر فاعلية من الأجهزة الحديثة التي لاتكشف العيارات المنخفضة، يظهر الحزن علي وجهيهما بسبب اهمال الدولة لخبرتهما الكبيرة وعدم الاستفادة منها. محمد الأخ الأكبر «62 سنه» يقف ممسكا بأزميله الصغير ويطرق به طرقة محترفين علي احدي سبائك الفضة التي أتي بها أحد الزبائن لتحديد عيارها ليقتطع جزءا صغيرا منها لتبدأ مرحلة الاختبار بالأحماض، محمد توقف عن عمله قليلا ليتحدث معنا عن مهنته التي يعتز بها ويعترف أن غش الذهب والفضة زاد في السنوات الأخيرة و«الغوايش» أكثر المشغولات التي يتم غشها بنظام «السندوتش» وهي طريقة وضع طبقة من النحاس بين طبقتي الذهب أو الفضة ولايكشفها اختبار الصائغ بالحجر لكشط جزء من الغويشة ويأتي لدينا للكشف عليها حتي لايقع فريسة للغشاشين ونقوم بقطع جزء منها لاختبارها وبيان قلب المعدن من الداخل وتحديد قيمته باستخدام حمض النيتريك الذي يتغير لونه بالحرارة مع نوع المعدن الذي يختبره. الشقيق الثاني هو مجدي يوسف 58 سنه وجهه شاحب متعرق من لهيب حرارة الموقد الذي رسم علي وجهه سنوات من الشقاء والتعب وحب لمهنته التي ورثها عن والده , مهمته تحديد عيار الذهب او الفضة ونقائها ابنه الذي يدرس بالجامعة الامريكية رفض العمل معه في هذه المهنة الا ان حبه لها وعشقه لتفاصيلها جعلته لا يستطيع الابتعاد عنها .. يقف عم مجدي امام مجموعة من القارورات التي تشبه كثيرا الموجودة في المعامل الكيميائية التي تحوي علي احماض يقوم من خلالها بعمل تحليل لعينات الذهب او الفضة حتي يصل الي عيارها كما يستخدم فرنا شديد الحرارة حتي يستطيع صهر العينة التي يقوم باختبار نقائها واجراء التحليل عليها عبر الاحماض والمواد الكميائية . الشقيقان علي وجهيهما علامات الحزن بسبب الخوف من اندثار مهنتهما « الششنجي» بعد ظهور أجهزة ألمانية وصينية تحدد عيار الذهب بدون اختبارات عن طريق أشعة أكس وان كانت هذه الأجهزة لاتكشف غش العيارات المنخفضة النقاء الا بالاختبار المعملي، حلمهما الوحيد تقدير معنوي في آخر العمر من مصلحة الدمغة والموازين لرحلة عطائهما التي قاربت علي نصف قرن من كشف غش الذهب والفضة.