بات مألوفا منظر الملايين من البشر الذين تسقط عليهم إغاثات من الطائرات فتختلط الحبوب بالتراب فتلتقطه أيدي الجوعي الذين لا يكسو عظامهم إلا الجلود من الهزال، وقد هدّالجوع والمرض قواهم فلا يكاد أحدهم يستطيع أن ينهض من علي الأرض من الضعف، إن الفقر بوجوهه الكريهة يعم العالم عامة وان كانت أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا أصبحت موطنا رئيسيا له علي وجه الخصوص، حيث انتشر بين معظم السكان كانتشار النار في الهشيم، حتي أصبحوا فريسة للجوع والمرض ومما زاد الطين بلة الفساد الذي يعد أهم أسباب انتشار الفقر، أصبح شديد الانتشار للأسف في العالم العربي والإسلامي!! اليوم ومع زيادة عدد السكان زاد عدد الفقراء وزادت نسبة الفقر في بعض الدول العربية عن 03% وفي بعضها الاخر بلغت النسبة 05%، بل اننا نجد ان 76% من سكان فلسطين هم تحت خط الفقر، وان هذه النسب لسوء الحظ تزيد ولا تنخفض فالفقراء يزدادون عددا والأغنياء يزداد غناهم حتي ان الطبقة الوسطي تلاشت في معظم الدول وأصبح هناك الطبقة الغنية في أعلي الهرم والطبقة الفقيرة والمعدمة في قاع السلم الهرمي. هؤلاء الفقراء الذين اتسعت الفجوة بينهم وبين الأغنياء أصبحوا مسحوقين معظمهم لا يجد المسكن والمأكل والماء النقي والتعليم والعناية الصحية التي تحفظ كرامتهم وآدميتهم وتبعدهم عن جحيم الفقر والفاقة والتي تؤدي في بعض الأحوال الي الانحرافات وركب صهوة الاستقطابات والاغراءات في اتجاهات كثيرة قد تضر بالفقير نفسه وبوطنه وأمته واستقرارها!! واذا انعدم هذا الاستقرار الفردي ووصل المواطن العربي الي محطة اللارجعة بسبب الفقر والعوز، فان كل الموازين تصبح عرضة للاختلال حتي القيم نفسها، فان الجوع وعدم توفر المسكن الملائم وعدم توفر الدواء الذي يخفف آلام الانسان، كل ذلك يخلق جوا مناسبا لنمو الجريمة وانتشارها، ترفع الجريمة رأسها لتوفر احد أهم أسبابها، وفي ذلك تهديد مباشر للأمن السياسي والاجتماعي والاقتصادي للأمة كلها. آفة الفقر هذه أثقلت كاهل الفقراء في الدول العربية الذين يلامس عددهم (75) مليون انسان يعيشون تحت خط الفقر، ينضم إليهم أكثر من (17) مليونا يعانون من سوء التغذية يصرخون ليل نهار يطلبون العون والاغاثة العاجلة لانتشالهم من ظلام الفقر وسوء التغذية وانعدام العناية الصحية وانتشار الأمية والبطالة فاجتمعت عليهم مصائب الزمن من كل حدب وصوب. وإذا كانت خطوة انشاء (البنك الاسلامي للتنمية) عام 1975 شبه الخيري تحسب للدول الاسلامية، وان كان يعوزها التطوير والدعم المتواصل لهذا البنك، فإن تأسيس بنوك للفقراء في الوطن العربي أصبح ضرورة وليس ترفا. لا شك ان تدشين هذه البنوك فيه تلبية لحاجات الفقراء وتنفيس لما يعانون منه وتفريج لكربهم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: (من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة ومن يسر علي معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه) الحديث رواه مسلم والترمذي.