شاهدت الدكتور أسامة الغزالي حرب في أكثر من برنامج تليفزيوني يتحدث عن « الترقيصة» التي أخذها من المهندس ابراهيم محلب.. بلغة الكورة طبعا.. ولأنه نجم تليفزيوني بطبعه فقد استطاع أن يجد من يستضيفه ويفتح له كل الأبواب.. ليشعر الناس بأنه لم يخسر الوزارة ولكن الوزارة هي التي خسرته. ربما يكون هذا الكلام صحيحا الي حد كبير.. فالدكتور حرب باحث محترم ومفكر بارز.. وله فكره وقلمه الذي يستطيع به أن يصل الي الناس ولن يزيده كرسي الوزارة ولن ينقصه. ولكنني أحسست وكان هذا واضحا أن كل من استضافوه كانوا يريدونها جنازة يشبعون فيها لطما وحسرة.. علي الرجل المسكين الذي ذهب في السيارة التي قادتها زوجته الي مجلس الوزراء حيث التقي هناك برئيس الوزراء المكلف الذي عرض عليه تولي حقيبة وزارة الثقافة ووافق حرب ثم يتراجع محلب بعدما بلغته اعتراضات علي الترشيح لأسباب عدة من بينها موقف الرجل من التطبيع مع اسرائيل. الكلام كله انصب علي التكليف ثم الاعتراض ثم الاعتذار..ان كانوا اعتذروا له.. ولم يتطرق الأمر الي الترشيح من أساسه وكيف تم ومن الذي رشح للمهندس محلب الوزراء الجدد. والحقيقة أنا لا أعرف لماذا كان الإصرار علي تغيير وزير الثقافة.. وهل كان صابر عرب هو أحد أسباب فشل الببلاوي حتي يتم تغييره والإبقاء علي ثلثي الحكومة .. ولماذا استقبل محلب أربعة مرشحين لهذه الوزارة بالذات ( طبعا لم تستضف الفضائيات واحدا منهم ).. وهل كانت المشكلة في الثقافة الي هذا الحد بينما لم يتكلم أحد عن وزيرة الإعلام التي لم تفعل شيئا ولم تقدم أو تؤخر.. ووزراءآخرون كان أداؤهم ضعيفا. هل كان ترشيح الدكتور أسامة الغزالي حرب وهو اسم كبير في عالم الصحافة و الثقافة جاء لأنه زوج أخت الدكتور ممدوح حمزة الاستشاري الإنشائي الكبير القريب من المهندس محلب.. والتي تعمل في شركة المقاولون العرب التي كان يرأسها رئيس الوزراء الحالي. وهنا لابد أن نتفق علي أن من حق رئيس الوزراء المكلف أن يلتقي من شاء.. وأن يتلقي ترشيحات من أي مصدر..وأن يستطلع الرأي.. وأن يراجع نفسه ان كانت هناك اعتراضات يراها مقنعة.. ومن حقه أن يأخذ بها أو لا يأخذ بها.. فهو المسئول الأول عن اختياراته وهو الذي سيحاسب عليها. ومن هنا فلم يكن هناك أي داع لإثارة كل تلك الضجة لمجرد أن رئيس الوزراء المكلف التقي مرشحا ثم تراجع بعد اعتراضات. سيقول الناس.. ولماذا لم تعترضوا علي أي مرشح أو مكلف بالوزارة في أي زمن مضي.. كنتم تتلقون الأسماء سواء للوزارة أو غيرها ولا تحاولون حتي مجرد المناقشة.. اليست هناك دولة يجب أن تكون لها كلمة وهيبة وسلطان.. وهل سنسمع غدا عن اقتراح بأن تتولي كل فئة اختيار وزيرها. ولكن ما يهمني هو انني أريد أن أري تلك الأجندة التي يختارون منها الوزراء.. من يحمل تلك الأجندة ومن الذي يطلب أي شخص تليفونيا ليقول له : لو سمحت السيد رئيس الوزراء عاوز يشوفك بكرة ضروري. أغلب الظن انه ليست هناك أية أجندة.. وأن كل الترشيحات علي ما يبدو تجيء من الذاكرة.. أدينا بنجرب.. ورانا ايه. وأمام مثل تلك المواقف وحتي لا يتصور أحد أنه أهين إهانة بالغة باستدعائه للوزارة ثم صرف النظر عنه بعد ذلك.. وحتي لا نفاجأ بأن المرشح له وجه آخر لا يعرفه من رشحه للمنصب.. فإنني أرجو أن تكون هناك أجندة فعلا تضم دراسات وسيراً ذاتية علمية موثقة عن الكفاءات والخبرات والمتخصصين في مختلف مجالات الحياة العلمية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والإنسانية والصحية والرياضية والزراعية وغيرها.. كذلك الأبحاث والدرجات والإنجازات العلمية والميدانية للعاملين والعاملات في جميع مؤسسات الدولة.. وتعتمد تلك الأجندة التي سيشارك في وضعها أكثر من جهاز علمي ومعلوماتي ورقابي علي معايير شفافة ومعلنة بقواعد الاختيار في كل موقع وزاري أو غيره. وأعتقد ان مثل تلك التجربة سوف تحمي مصر من الآثار السلبية لسوء الاختيار لا قدر الله.. وتحمي المناصب من القافزين عليها دون سند أوحق.. وتحمينا نحن من البرامج التليفزيونية التي تستضيف الموعودين بالوزارة وطارت منهم !!