إن ما تمر به مصر الآن من محن وأزمات إنما هو اختبار من الله - عز وجل - لمدي قوة وصلابة هذا الشعب وقدرته علي التحمل والصبر. وقد نجح هذا الشعب علي مر التاريخ في اجتياز الكثير من المحن والأزمات، ولكن - في الواقع - أن هذه الأيام هي أخطر مرحلة وستكون فارقة في تاريخ مصر المعاصر كله - عندما تمر بسلام - لأنها ستشكل مستقبل مصر القادم. لذا فإن من يرغب في قيادة مصر عليه أن يعي جيداً أن مصر لاتُقاد بالأهواء والأغراض والأطماع الشخصية، وأن يكون قلبه خالصاً لخدمة الوطن... والوطن فقط. فمصر الآن تختلف عن مصر قبل 25 يناير - 30 يونيو... مصر كانت ومازالت وستظل كبيرة إلا أنها أصبحت أكبر مما يتصوره البعض ... لاأقصد أنها أصبحت أكبر من حيث المساحة وعدد السكان ولكن أقصد أنها وصلت إلي أعلي درجات النضوج فكرياً وثقافياً وسياسياً بعقول وأفكار أبنائها باختلاف فئاتهم وانتماءاتهم.. لذلك فإنه لابد أن تكون من شروط الترشح للرئاسة - بل شرط أساسي - أن يتوافر لدي المرشح القدرة الشخصية علي إدارة هذه العقول باختلاف ميولها وآرائها ويوجهها لمصلحة الوطن لكي نبني مصر الحديثة ... وليس فقط إدارة الدولة بالشكل التقليدي الذي كانت تُدار به لسنوات طويلة. أري في الفريق أول عبد الفتاح السيسي هذه الشخصية - الرجل الذي استطاع أن يقرأ عقول أبناء شعبه قبل 30 يونيو وتوجهاتهم ورفضهم المطلق للنظام السابق - نظام جماعة الاخوان- وحاول أن ينبه الرئيس المعزول إلي خطورة أسلوب إدارته للدولة وما ستؤول إليه الأمور في البلاد، إلا أن الأخير أبي ذ في تعنت- أن يستمع إليه أو يعمل بنصيحته. فما كان من الفريق أول عبد الفتاح السيسي إلا أن ينزل علي إرادة الشعب الذي هو أحد أبنائه - خاصة بعد ما تجمع إليه من معلومات أن هذه الجماعة في حد ذاتها خطرا علي مصر من تخابر مع جهات أجنبية ووعود بتقسيم البلاد وخلافه. عرض نفسه لمخاطر المجازفة بعزل الرئيس السابق وتحمل الكثير من القيل والقال من أجل حماية الوطن وحماية شعب مصر. فهل يوجد علي الساحة الآن من اقدر منه علي إدارة البلاد في هذه المرحلة؟.. وإلي من يروجون أن ما حدث في 30 يونيو انقلاب عسكري ... لماذا لم يسموا ما حدث في 25 يناير انقلاباً عسكرياً ... هل لأنهم نالوا غرضهم حينذاك فكانت ثورة شعبية، وأما في 30 يونيو لم ينالوا شيئاً فأصبح انقلاباً عسكرياً ... علي الرغم من أن ما حدث في 25 يناير وفي 30 يونيو هو نفس السيناريو أي نزل الشعب إلي الشارع يرفض النظام في الأولي والثانية وحماه الجيش في الأولي والثانية أيضاً ... والاختلاف الوحيد الذي حدث أنه في الأولي تولي إدارة شئون البلاد المجلس العسكري ... أما في الثانية فتولي رئيس المحكمة الدستورية العليا كما ينص الدستور ... فأين هو الانقلاب؟ أوجه كلمة إلي الفريق أول عبد الفتاح السيسي... إن أي رئيس جمهورية سوف يتولي الحكم غيرك سوف يكون أمام خيارين لاثالث لهما (الإطاحة أو ..... لاقدر الله.) وذلك لعدة أسباب: أولاً: أنه ليس من المنطقي أن يقبل أي رئيس آخر أن يكون وزير الدفاع نجمه ساطعا ويلقي هذا الكم من الشعبية أكثر منه فنحن في النهاية بشر ولسنا ملائكة. ثانياً: ما سيتعرض له من ضغوط خارجية من بعض الدول الكبري مثل أمريكا وتركيا والدويلات الصغري مثل قطر وسوف يشحذون هممهم لتأجيج هذا الشعور داخله ومساعدته في التخلص من الشخص الذي كشف مخططاتهم.. هذه أمانة ولك مطلق الحرية في الاختيار.