الكشف عن الحقائق وعرضها بطريقة واضحة ومباشرة، والاستناد الي الشواهد الصارخة والأدلة القاطعة والدامغة والوقائع المحددة، في اطار المنطق السليم، وفي ضوء خبرات وتجارب الشعوب المتراكمة.. يمكن ان يكون الوسيلةالناجحة في الرد علي الأكاذيب الملفقة والترهات والمغالطات السقيمة، وعمليات التزييف والتشويه المفتعلة. تلك هي خلاصة تجربة المشاركة في المؤتمر الدولي حول »الدول العربية بعد التغيرات الأخيرة« الذي عقد في العاصمة الاذربيجانية باكو مؤخرا. والواضح ان القيادات المتاجرة بالدين تلجأ الي تكتيكات متعددة ومتنوعة في مثل هذه المؤتمرات تتوافق مع المناخ السائد في الدولة المضيفة للمؤتمر والمزاج العام للمشاركين فيه. وعلي سبيل المثال، اذا كان الاتجاه السائد في المؤتمر هو مساندة الشعب الفلسطيني، فإن القيادة الاخوانية تعلن انها تؤيد تحرر فلسطين بالقوة. وكان ينبغي تذكير هذه القيادة بان اتباعها وضعوا أنفسهم في خدمة المخابرات الامريكية من أجل »تحرير« افغانستان والبوسنة وكوسوفو والشيشان. ولم يفعلوا شيئا لتحرير فلسطين. ولما كانت المادة 84 من دستور اذربيجان - التي يشكل المسلمون اكثر من 59 في المائة من مواطنيها - ينص علي انها دولة علمانية وتضمن الحرية الدينية.. فان هذه القيادة تزعم -كذبا- انها ضد تكفير الاخرين ولا تمانع في تولي أتباع أي دين آخر.. أعلي المناصب! وعلينا ان نتغاضي -إذن- عن تكفير أتباع هذه القيادة لكل من يعارضونهم في الرأي السياسي أو يخالفونهم في الدين أو المذهب.. وتذهب القيادة المتاجرة بالدين الي حد الادعاء بايمانها المطلق بالمساواة بين المرأة والرجل(!) رغم ان زملاء هذه القيادة في العالم العربي يعتبرون المرأة مجرد أداة لإرضاء الرغبات الجنسية والترفيه عن »المجاهدين« ولا يمانعون في زواج القاصرات! وجاء دور الكشف عن الحقائق، وهنا شرح الخبير الاستراتيجي سامح سيف اليزل دلالة خروج اكثر من 53 مليون مصري الي الشوارع والميادين في كل انحاء البلاد قبل سبعة أيام من 03 يونيو واستقالة 7 وزراء من الحكومة التي شكلها المتاجرون بالدين واستقالة 32 من اعضاء مجلس الشوري وأربعة من المحافظين الي جانب استقالة المتحدثين باسم الرئيس السابق ومعظم مستشاريه وكل من لا ينتمون الي التيار المتطرف في ما سمي بالجمعية التأسيسية للدستور. وأوضح سيف اليزل ان الشعب المصري قرر انقاذ الدولة التي تردت الي مستوي الدولة الهشة التي توشك ان تكون الدولة المنهارة، وان الجيش المصري كان لابد ان يستجيب لارادة الشعب. واستكمل الدكتور حسن حنفي -استاذ الفلسفة- وضع النقاط علي الحروف، عندما أكد علي ان محمد مرسي لم يكن قادرا علي فهم طبيعة الدولة، وان مكتب الارشاد الذي يحكم الاخوان.. هو الذي كان يحكم مصر، وان الاخوان يظنون انهم »الفرقة الناجية« وكانوا يديرون البلاد بعقلية التجار، وعقدوا الصفقات مع امريكا ومع حركة حماس. وأوضح الدكتور حسن حنفي ان »الأمة الاسلامية« في نظر الاخوان، لا وطن لها.. ولا حدود لها، وهم لا يعرفون ان لكل أمة رئتان: رئة في التراث والثقافة الاسلامية ورئة أخري في الحداثة والعقل، ولا يستطيع أي نظام سياسي ان يعيش برئة واحدة كما أراد الإخوان، فهم يلهثون وراء »الكل أو لا شيء«، ولا يتعاملون مع الواقع.. فالغاية هي البقاء في السلطة.. وها هم يستخدمون العنف.. وكأننا مازلنا في العشرينات والثلاثينات! وشرح الدكتور وجيه العتيق، استاذ التاريخ في كلية الآداب بجامعة القاهرة، أبعاد الأزمة داخل ما يسمي بجماعات الاسلام السياسي ومواقفها الانتهازية. اسئلة كثيرة تلقاها كاتب هذه السطور من »فرهاد محمدوف« رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية التابع لرئيس جمهورية اذربيجان، »وكمال فاسيموف« المستشار والخبير في نفس المركز، والدكتورة »ماريا« دولوريس كاستيلون« استاذة الصحافة في تركيا، والخبير الامريكي في السياسة الخارجية »ريتشارد ميرفي«، و»واثق الجاشيمي«، رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية، والمفكر المغربي الدكتور ادريس الهاني، وغيرهم، وكان المحور الذي تدور حوله الاسئلة: ماذا يجري في مصر؟ وكانت اجابتي: »ما يجري هو الأمر الطبيعي.. فلا شيء جديد في مصر.. كل ما في الأمر ان المصريين يصنعون التاريخ.. كما جرت العادة«. كلمة السر: القدرة علي الشرح وفضح الافتراءات