إذا كان رئيس الجمهورية صامت عن الكلام ولا يخرج علينا الا في المناسبات فاعذروه لأن طبيعته كقاض لا يحب الرطرطة بالكلام مع أنه اكتسب محبة البيت المصري من خلال حواراته المحدودة وأكثر من بيت تمني أن يكون رئيس مصر القادم بشخصية عدلي منصور. وكونه أعطي للببلاوي الصلاحيات التي تمكنه من ادارة شئون البلاد فمن الطبيعي أن تكون السلطة لحكومة مدنية.. مع أنه كان يتصور أن تحدث نقلة ثورية في دفع عجلة الإنتاج وتعافي الاقتصاد.. رئيس الدولة المؤقت يتطلع للعودة إلي موقعه كرئيس للمحكمة الدستورية العليا.. لكن كيف يتحقق هذا وفي داخله احساس بأنه شرب مقلب العمر باختياره الدكتور حازم الببلاوي رئيساً للحكومة بعد استبعاد ترشيح العبقري زياد بهاء الدين بسبب اعتراض حزب النور، وكونه أن يلعب القدر دورا ويتمسك الببلاوي به نائباً فالاثنان شخصية واحدة في التباطؤ في اتخاذ القرار. وقد كشفت الأيام عن عدم تجاوبهما مع ثورة 30 يونيه، الأمر الذي دعاني أن أشكك في اتجاهاتهما السياسية لدرجة اًنني تخيلت أن يكون الببلاوي من خلايا الاخوان النائمة أو أنه مثل صاحبنا الذي كان زعيما لجبهة الانقاذ والتي كانت تتظاهر بعدائها لحكم الإخوان وبعد ثورة يونيه اختير نائبا لرئيس الجمهورية المؤقت ثم ظهر علي حقيقته وكشف عن ميوله الاخوانية بتقديمه استقالته احتجاجا علي فض اعتصامات الاخوان.. اليوم نواجه خطرا أكبر بعد رحيل نائب رئيس الجمهورية، نواجه رئيس حكومة متخاذلا موقفه مايع ليس فيه جدية أو عنف مع الفوضي وعدم الاستقرار مع أن هذا البلد أيام ما كانوا الإخوان خلايا نائمة في عهد مبارك ويطلق عليهم لقب المحظورة كانوا يعملون لأمن الدولة مليون حساب لدرجة أن بعض قادتهم كانوا عملاء لأمن الدولة، وكان العادلي هو البعبع الذي كان يملك مفاتيح أبوابهم ولا يجرؤ مرشدهم علي انتقاد سياسته في طريقة التعامل معهم.. لقد تعاطفنا مع الإخوان بسبب اضطهاد نظام مبارك لهم ويوم أن سقط حكم مبارك كنا أول المؤيدين لوصول الإخوان إلي سدة الحكم علي اعتبار أن من شرب من كأس الظلم لا يمكن أن يظلم، وكانت صدمتنا فيهم قوية يوم أن نسوا كيف كانوا وكيف أصبحوا، لم نتوقع ظلمهم لمصر وللشعب الذي شاركهم في كراهية نظام مبارك، لم نتصور أن يبيعوا وطنهم بتنفيذهم للمخطط الأميركي بالاتجاه إلي توطين حماس في سيناء.. لم نتخيل أن نراهم في أحضان القطريين لتفتيت الجيش المصري، ناهيك عن أخونتهم لمفاصل الدولة، فقد كان من الطبيعي أن يتمرد الشعب عليهم ويسانده جيشه تجنبا لحرب أهلية علي الطريقة السورية، الذي يدهشني أنهم أيام بطش حبيب العادلي كانوا مثل الأرانب واليوم نراهم أسوداً علي الشعب المصري يتوعدون كل من لا يناصرهم.. أنا هنا لا أطالب الببلاوي بأن يكون صورة من العادلي ولكن أريده أن يحافظ علي هيبة الدولة فلا يضعف أمام الفوضي والابتزاز وبالقانون يستطيع أن يضبط إيقاع الشارع المصري.. ولا يغض البصر عن التطاول علي الجيش لابد من تجريم الأفعال التي تنال من هيبة المؤسسة العسكرية وقادتها.. لقد صدمني أحد المفكرين وهو يقول »إن مصر يحكمها الآن أنصاف الرجال« يمسكون بالعصا من منتصفها حتي لا تحسب عليهم مواقفهم ومن يتابع مواقف الببلاوي يشهد هذه الصورة حتي أصبح نائبه الاقتصادي العبقري صورة طبق الأصل منه فبدلا من أن يطرح علينا رؤية اقتصادية تدفع باقتصادنا الي الإمام طرح رؤية إخوانية تدعو للمصالحة مع قيادات الإخوان الذين تلوثت أياديهم بدماء المصريين.. ولو أن قادة الإخوان نية قادتهم التصالح لكنت أول المنادين للحكومة بأن تفتح الأبواب لهم عملا بالمثل العامي الذي يقول »من يجنح للسلم فهو فوق الرؤوس« لكن للأسف شئ من هذا لم يحدث.. من الواضح أن قدر مصر أن ابتلاها الله برئيس حكومة أعصابه باردة جدا يتمتع بالبطء في استيعاب مطالب الشارع المصري.. نحن نريد رئيس حكومة يتمتع بالصلابة واللين، يقاتل من أجل استعادة هيبة الدولة ليكسب شعبها وقارا واحتراما، رئيس حكومة يضع المؤسسة العسكرية في عيونه وحذاء أي مقاتل من جنودنا فوق رأس كل خائن للوطن.. ها تقولوا فين.. ها أقول لكم مصر عمرانة بالرجال، المهم نتخلص من الأسماء التي عفي عليها الزمن..