وصف البعض الحكم الذي صدر من محكمة الأمور المستعجلة صباح الإثنين الماضي بحظر نشاط تنظيم الإخوان المسلمين وجماعته وجمعيته وحزبه السياسي بأنه حكم تاريخي. ولكن السبب الذي دعاهم إلي ذلك الوصف لا يجعله حكما تاريخيا. فحكم حظر النشاط لم يكن الأول .. سبقته أحكام بالحظر والحل والسجن والإعدام لقيادات الجماعة .. وهو لن يكون الأخير لأننا نتوقع أحكاما قضائية تؤكده وتؤيده. ولكن حكومة الببلاوي هي التي جعلت منه حكما تاريخيا بحق .. وجعلت منه حكما غير مسبوق . العادة القضائية المستقرة منذ بدء التاريخ القضائي هي أن يقوم المحكوم عليه أو المتضرر بالطعن علي الحكم من أجل إلغائه أو تخفيفه أو علي الأقل وقف تنفيذه. ولكن في هذا الحكم بادرت حكومة الببلاوي بالطعن عليه قبل أن تتلقاه جماعة الإخوان وتقوم بدراسته ثم الطعن عليه . حكومة الببلاوي لم تقرأ الحكم ولم تلتفت إلي ماجاء فيه .. ولم تقرأ قبله رأي الشعب في الجماعة والتنظيم والجمعية والحزب .. رأي قاطع لا شك فيه ..لا يحتاج إلي دراسة أو حتي إلي حكم قضائي. الحكومة رأت أن كل هذا لا يكفي لذلك قررت هي البدء بالطعن علي الحكم ووقف تنفيذه وعدم الألتفات إليه حتي تصدر أحكام أخري تدعمه . علي ما يبدو .. فإن حكومة الببلاوي تنتظر قرارا من السماء حتي تأخذ هي قرارا بشأن كل ما يتعلق بالإخوان طبقا لما طالب به الشعب وما أقره القضاء. رئيس الوزراء لا يعترف بأن الأعمار بيد الله وأن كل قدر مكتوب .. يخاف من أن ينال مصير أحمد ماهر والنقراشي وكل من كافأهم الإخوان علي قرار الحظر أو الحل. أما وزير التضامن الأجتماعي .. فهو الآخر خائف .. مرة يرسل إلي القضاء .. ومرة إلي اتحاد الجمعيات الأهلية .. ومع ذلك فهو يتمني أن يكون يوم خروجه من الوزارة قبل يوم اصداره قرار الحل . انظروا إلي ما قالته المحكمة برئاسة المستشار محمد السيد :" كانت جماعة الإخوان المسلمين، والتي أنشأها حسن البنا في عام 1928 وتنظيمها وجمعيتها قد اتخذت من الإسلام ستار لها إلي أن تولت زمام أمور البلاد فأهدرت حقوق المواطنين المصريين وأفتقر المواطن إلي أبسط حقوقه، وهي إحساسه بالأمن والطمأنينة كما ساءت أحواله المعيشية وتاهت عنه الحرية والعدالة الاجتماعية التي ناضل كثيرا حتي ينالها منذ ثورة 25 يناير إلا أنه اصطدم بواقعة الأليم فلم ينل من هذا النظام إلا التنكيل والإقصاء والتهديد والاستعلاء فأستاثرت تلك الجماعة وقياداتها بجميع مناصب الدولة." كلام جميل .. أنظروا ماذا قالت أيضا في حيثياتها.. "إنه في ظل حكم الإخوان المسلمين للمقاليد البلاد زادت أحوال المواطنين سوءا فهب الشعب في ثورته المجيدة يوم 30 يونيو سنة 2013 متحصنا بقلمه وحشوده وسلميته التي لم يكن لها مثيل في تاريخ العالم، لافظا هذا الكيان الظالم، متمردا عليه ومتخلصا من ظلمه، منهيا لحكمه مستعينا بسيفه ودرعه قواته المسلحة، والتي هي فصيل من هذا الوطن لاينفصل عن شعبه ولا ينصر غيره في مواجهة هذا النظام الظالم الذي أصم أذنيه عن تلبية نداء شعبه ومطالبه، وأعمي عينه عن رؤية الحقيقة فهبت لنجدته ونصرته." وأضافت حيثيات المحكمة " أن الشعب المصري، الذي هو مصدر السلطات فؤجي بموجة من التطرف والإرهاب والتخريب والعنف تجتاح آمنة وأمانة.. ولجأت الجماعة إلي الإستقواء بالخارج وطالبت بالتدخل الأجنبي لشئون البلاد، وحصد أرواح الأبرياء، وحقوقهم ومزقت الوطن، وأحتلت المساجد وحرقت الكنائس، وأعتدت علي منشآت الدولة فإزدادت بغيا وإجراما، كما مارست القتل والتنكيل والتمثيل بجثث رجال القوات المسلحة والشرطة والمواطنين فلم ترحم شيخا هرما، ولا طفلا صغيرا، أونبتا مثمرا متسترة في ذلك بستار الدين، والذي هو منهم ومن أعمالهم براء فملئوا بطونهم وحشدوا عقول أتباعهم كذبا، مستغلين في ذلك كثرة أموالهم وسطوتهم." ولذلك كان لزاما علي المحكمة أن تحكم بحظر أنشطة تنظيم الإخوان بمصر وجماعة وجمعية الإخوان المنبثقة عنه، وأي مؤسسة متفرعة منه أوتابعة له تم تأسيسها بأموالهم، وكذلك التحفظ علي جميع الأموال العقارية والسائلة والمنقولة سواء كانت مملوكة أو مؤجرة لهم. وكذلك كل العقارات والمنقولات والأموال المملوكة للأشخاص المنتمين إلي إدارتها بما يتفق والغرض من إنشائها وطبقًا لقوانين الدولة، علي أن يتم تشكيل لجنة مستقلة من مجلس الوزراء لإدارة الأموال والعقارات والمنقولات المتحفظ عليها ماليا وإداريا وقانونيا. هل تحتاج حكومة الببلاوي إلي كلام أخر؟!!