طبعا كان اختيار المهندس عبد العزيز فاضل وزيرا لنفس الوزارة التي استقال منها منذ شهر مفاجأة له ان يعود اليها ويجلس هذه المرة علي كرسي وزير الطيران المدني الذي قبل استقالته. فالوزير السابق كان يعلم ان عبد العزيز فاضل من الكفاءات التي اعطت قطاع الطيران المدني احلي سنين عمرها وهو الذي اقام لمصر للطيران اول قلعة لصيانة الطائرات في الشرق الاوسط، وكون ان يصبح مهمشا وهو يشغل منصب نائب رئيس الشركة القابضة لمصر للطيران في هذا القرار ظلم لكفاءة مثله، ورغم محاولات الوزير السابق علي اثنائه عن الاستقالة وإصرار الاخر علي الرحيل فقد قبل الوزير الاستقالة وسط تذمر المئات من العاملين الذين ارتبطوا بمحبة هذا الرجل وقد عز عليهم ان يختم حياته بعد هذا الانجاز بهذه الصورة المؤسفة.. العاملون في مصر للطيران وبالذات قطاع الصيانة والذي وصل تعداده الي خمسة الاف فني يعرفون ان فاضل بدأ شركة صيانة الطائرات برأس مال 400 مليون جنيه مصري ووصل بها الي ان حققت في عام 2011 الي مليار و800 مليون جنيه ثم كانت مكافأته ابعاده عن القلعة التي بناها واصبح لها فروع في المطارات العالمية بعد ان منحتها ادارة الطيران المدني للاتحاد الاوروبي والطيران الفيدرالي الاميركي شهادات الصلاحية لصيانة المحركات العملاقة - سبحان الله فهو يمهل ولا يهمل.. فالرجل استقال من موقعه لانه كان لا يهش ولا ينش فيه وشعر ان الراتب الذي يتقاضاه حرام ولا يستحقه لانه لا يؤدي عملا عنه وهو المطلوب حيث ارتأت الادارة العليا اقصاءه عن المواقع الحساسة علي اعتبار انه من رجال احمد شفيق، ولا ينكر الرجل ان عقلية وجرأة شفيق هي التي فتحت له الطرق ليحقق هذا الاعجاز لمصر وتصبح لنا اول شركة عملاقة في صيانة الطائرات واكثر من 135 شركة طيران عالمية تتعامل معها، لكن اصحاب الضمائر الميته والتي تختزن نفوسهم بالحقد قرروا التخلص من الكفاءات التي برزت في عهد شفيق مع ان هذه الكفاءات انتماؤها لمصر وليس لشفيق.. لكن ماذا تقول للنفوس الرخيصة التي ظلت تبث سمومها في جميع الإنجازات الناجحة التي حققها شفيق لمصر.. وكون ان يكون لشفيق ضحايا من الرجال الشرفاء فمصر هي التي تدفع الثمن عندما سمحنا لخفافيش الظلام بالتنكيل بالكفاءات واستبدالها بالعناصر الهشة التي لا خبرة لها ولا علم كل مؤهلاتها ان اصحابها من الجماعة.. ومع ان عبد العزيز فاضل هو ابن من ابناء القطاع المدني وعمل فيه قبل ان يظهر شفيق علي الساحة اي قبل ان يصبح وزيرا للطيران، فقد كانت بداية عمله عام 1988 وشفيق تسلم وزارة الطيران عام 2002 ومع ذلك لا اعرف لماذا طالته الايادي المؤذية وابعدته عن القلعة التي بناها.. صحيح ان الرجل لم يسع للعودة ولم يتبرأ من علاقته بشفيق عندما كان يعمل تحت رئاسته، ولم يهبش في سيرته لاكتساب رضاء الاخرين، بل ظل علي مبادئه ولم تتغير اخلاقه وهذه شيمة العظماء، فيستجيب العلي القدير لدعوة المظلوم فيفتح لها ابواب السادة ويقول لعبده " وعزتي وجلالي، لأنصرنك ولو بعد حين " - ويتحقق وعد الحق ويأتي النصر من عنده، ويجلس عبد العزيز فاضل علي كرسي الوزير الذي كان من شهر فقط يجلس امامه وهو يرجوه ان يقبل استقالته، ولكي اكون صادقا مع نفسي فالوزير السابق اللواء وائل المعداوي لم يكن طرفا لا من بعيد او قريب في ظلم هذا الرجل بل حاول ان يبقي عليه لأنه كان يري ان قبول الاستقالة لا تكفي لتكريم صاحب عطاء مثل عبد العزيز فاضل فقد كان يستحق التكريم علي مستوي قطاعات الطيران المدني لكن التيار كان ضد إرادته فاضطر الي تحقيق رغبته في قبول الاستقالة وفي نفس الوقت لا يعلم ان فاضل سيجلس علي نفس الكرسي.. صحيح الدنيا دوارة يوم لك ويوم عليك. - هذا هو اول وزير يرفع شعار »لا لتصفية الحسابات«.. فنحن فعلا نريد ان تتطهر نفوسنا من الإقصاء وتتوحد قلوبنا علي الحب والتقوي .. المهم ان نعمل.