لا أدري لماذا تطورت أزمة الحكم القضائي بحق الأخوة الأقباط في الزواج مرة ثانية، عند حدوث الطلاق لغير علة الزنا، كما تشترط تعاليم الكنيسة الارثوذكسية »القبطية«؟.. ولماذا يحاول البعض ان يجعل من الحكم ذريعة لإحداث فتنة جديدة، واشعال النيران بين المسلمين والأقباط؟.. ولاشك ان هناك بالفعل من يسعي لذلك، مثل بعض الصحف المستقلة التي يبدو أن أحد أهدافها إشعال أزمة ما يسمي اضطهاد الأقباط، لصالح »أجندة« خارجية، وكذلك المجموعة المارقة من أقباط المهجر.. وكنت أتمني لو أن البابا شنودة بما عرف عنه من سعة صدر وسماحة وأفق مستنير - وقد أكد ذلك في مواقف عديدة - قد تعامل مع هذه الأزمة المفتعلة بحنكته المعهودة، وعدم التسرع بجعلها أزمة بين الأقباط والمسلمين، أو التعامل مع الحكم باعتباره موجها ضد الكنيسة القبطية، وهي موضع التقدير والاحترام منذ دخول عمرو بن العاص مصر وحتي الآن. القضية ليست دينية علي الإطلاق، وإنما هي قضية مدنية، ولم يرفعها مسلم وإنما رفعها أقباط، ونالت تأييدا واسعا من عدد كبير من الأقباط الذين يعانون من هذه المشكلة، ونطق القاضي بالحكم بناء علي القانون، ولو ان قاضياً قبطيا نظر هذه القضية، لكان قد اصدر هذا الحكم نفسه.. ثم أن القول بأن الحكم يخالف أحكام الكنيسة أو الشريعة المسيحية، ومحاولة استغلال ذلك لصب المزيد من »البنزين« علي النار، فذلك مردود عليه بأن هناك العديد من الاحكام التي تستند إلي القانون الوضعي تخالف الشريعة الإسلامية. والحل »العاقل« الذي أراه أن تساهم الكنيسة القبطية مع عدد من كبار أساتذة القانون واللاهوت في إعداد مشروع قانون للأحوال الشخصية للطوائف القبطية، وبعد أن يتم الاتفاق عليه، يتم تقديمه إلي مجلس الشعب لإقراره ثم إصداره بعد ذلك، وهنا سيحكم القضاء بهذا القانون. ولكن لابد من حل مشكلة الزواج الثاني للأقباط تمشيا مع الحقوق الإنسانية، التي لا يختلف عليها أحد.