رحل عن عالمنا فجر أمس سليمان محمد رمضان الشهير ب "طه بصرى" نجم المنتخب الوطنى ونادى الزمالك السابق والملقب ب "إزيبيو الكرة المصرية" عن عمر يناهز 68 عاما، بعد أن وافته المنية بعد صراع طويل مع المرض دام 3 أشهر ، حيث دخل بصرى فى غيبوبة لفترة ليست بالقصيرة بعد إصابته بجلطة فى المخ، وظلت حالته غير مستقرة حتى وفاته أمس. كان بصرى عاشقا لكرة القدم، وبدأت مشواره معها وهو طفل صغير فى شوارع مدينة الجبل الاصفر، ولم يكن يدور بذهنه مطلقا أنه سيصل إلى ما وصل إليه، وبالصدفة إكتشفه الكابتن على شرف وهو يتدرب مع فريق سلاح الحدود وضمه لأشبال الزمالك ليستمر مع الناشئين لمدة عامين وفجأة يترك الكابتن على شرف موقعه بالزمالك وشعر بصرى بعده بالتجاهل حتى أنهم فى الزمالك إقترحوا عليه أن يلعب لأى ناد أخر، ورفض الفكرة وإنقطع عن الذهاب للنادى وإبتعد عن الملاعب فترة. وهنا تلعب الصدفة دورها مرة ثانية مع بصرى، وكان ذلك خلال إحدى مباريات دورى القوات المسلحة الداخلى حينما شاهده الراحل على زيوار مدير الكرة بالأهلى، وعلى الفور أعطاه ورقة تحمل رسالة منه إلى طه الطوخى ومصطفى حسين مدربى أشبال النادى الاهلى فى ذلك الوقت وبالفعل ذهب بصرى وتدرب بالأهلى لمدة 3 شهور منتظرا حتى نهاية الموسم كى يتم قيده فى الموسم الجديد، بعدها علم الكابتن علي شرف مفاوضات الأهلى، وتدخل بقوة ليفسد عملية قيده بالقلعة الحمراء وأقنع بصرى بالعودة للزمالك، وبالفعل شارك بصرى كأساسي مع ناشئى الزمالك وكان التوفيق حليفه وتم تصعيده للمران مع الكبار وعمرى 19 سنة، وكانت أول مباراة رسمية له أمام السويس وإنتهت بالتعادل بدون أهداف ثم لعب أمام الطيران وسجل في هذه المباراة 3 أهداف (هاتريك) وفاز الزمالك في اللقاء بسبعة اهداف مقابل هدف. وكان طه بصري في الستينات و السبعينات أحد "الفلتات" الكروية النادرة التكرار بالأداء العالي الرفيع كلاعب ذو مهارات رائعة ورفيعة وساحرة ولم يقل إخلاصه عن تلك الصفات داخل وخارج المستطيل الاخضر، كما لعب بصرى بجوار عمالقة الكرة المصرية فى منتصف الستينات أمثال حمادة إمام وسمير قطب وعبده نصحى ورفعت الفناجيلى وطه اسماعيل والشربينى وغيرهم، وإستمر يعطى بنفس الكفاءة طوال السبعينات مع حسن شحاتة وفاروق جعفر وعلى خليل ومحمود الخواجة، ويعتبر بصرى أحد القلائل الذي لم يحصل على عقاب مادي أو معنوي في صفوف الزمالك على مدار 19 عاما كلاعباً لم ينال خلالها كارت اصفر أو أحمر، فلم يعترض يوما على حكم مباراة أو إعتدى على زميل، لذلك أحبه الجميع على مختلف الإنتماءات، وظهر هذا جليا عندما توافد على زيارته العديد من الشخصيات الرياضية بمختلف إنتمائتها، وكان أكثر المتأثرين بمرض طه بصرى صديق عمره الكابتن حسن شحاته المدير الفنى السابق للمنتخب الوطنى، والذى كان دائم الزيارة له بإستمرار بجانب نجله كريم حسن شحاته. وكان فقيد الرياضة المصرية، من مواليد 2 أكتوبر 1946 بقرية الجبل الأصفر أحد قرى محافظة القليوبية، من أسرة بسيطة مادياً " غاية في البساطة " لكنها ثرية فكرياً ومعنوياً ذات جذور صعيدية من جنوبأسوان ، وفي حقول الجبل الأصفر وشوارعها الفضية برز "الفتى الأسمر" طه بصري كأحد الموهوبين السحرة في كرة القدم، وفي مدرسة المستقبل الإعدادية رسخ إقدامه كأحد نجوم المدرسة، حتى أصبح لاعبا لنادى الزمالك والمنتخب الوطنى الأول في السبعينات، وشغل بصرى مركز الوسط بجدارة للمنتخب الوطني والقلعة البيضاء، وشارك مع المنتخب في بطولات عديدة بكأس الأمم الأفريقية وهو أحد هدافي مصر في أمم أفريقيا برصيد 4 أهداف سجلها عامي 1974/1976، إنضم طه بصرى للزمالك موسم 1965/1966، وبرز نجمه سريعا وسط جيل الستينيات، وبعد توقف الكرة عقب نكسة 1967، وكان قد قضى 4 مواسم مع الزمالك مابين المران والمباريات الودية والرحلات الخارجية وإستعان به الإسماعيلى للمشاركة معه فى بطولة افريقيا، وفى فبراير 1971 حصل على إستغناء مشروط من الزمالك للعب للنادى العربى بالكويتى على أن يعود للزمالك مع إستئناف نشاط الكرة المصرية، وكان يلعب للعربى وقتها حارس مرمى الزمالك سمير محمد على، وإشترك بصرى مع العربى فى بطولة أندية أسيا التى اقيمت فى تايلاند، ووصل الفريق للدور قبل النهائى للبطولة وخلال وجوده هناك حصل العربى على كأس الأمير مرتين وكأس الدورى المشترك مرة واحدة وظل يلعب هناك حتى عاد للزمالك فى يونيو 1974، وخلال تلك الفترة لعب بصرى مع المنتخب الوطنى فى مباريات بطولتى إفريقيا بالخرطوم والقاهرة ووصل عدد مبارياتى الدولية 60 مباراة وتعد أفضل مبارياته الدولية على الإطلاق كانت ضد المغرب بالقاهرة فى عام 1971 وفازت مصر بثلاثة اهداف مقابل هدفين، كما ساهم طه بصرى فى فوز الزمالك بالدورى موسم 77/1978، وكأس مصر عامى 1975 و1977. ولعب بصرى لمنتخب الوطنى ل 10 سنوات وشارك فى بطولة الامم الافريقية 3 مرات اعوام 1970 و1974 و1976، وقاد المنتخب للفوز بكأس فلسطين التى أقيمت بتونس عام 1975، كما تم إختياره كأفضل لاعب فى مصر موسم 1977/1978، ولاتنسى له الجماهير أهدافه الرائعة وخاصة هدفه التاريخى فى مرمى ديربى كاونتى الانجليزى عام 1975 والذى فاز به الزمالك. وإتخذ بصرى قرار الإعتزال فى عام 1978 بعد فوز الزمالك بالدورى والوصول للمباراة النهائية لكأس مصر التى خسرها الفريق بغرابة، ورغم محاولات مسئولى الزمالك لإثنائه عن قرار الإعتزال إلا أنه فضل ترك الملاعب وهو فى القمة ولم يسمح أن يغامر بمجهود وعرق سنوات طويلة بالملاعب صنع خلالها اسمه ومجده وشهرته كما حصل بصرى على وسام الجمهورية من الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بعد أن ساهم فى فوز الزمالك على ويستهام بطل انجلترا وقتها بخمسة اهداف وأحرز بصرى وقتها هدفا. ولم يحزن بصرى فى حياته مثلما حزن يوم أن خسر المنتخب الوطنى أمام زائير باستاد القاهرة فى الدور قبل النهائى لبطولة افريقيا عام 1974، والمرة الثانية يوم هزيمة الزمالك أمام نادى شوتنج ستار النيجيرى فى بطولة افريقيا عام 1977. وتميز بصرى بالتسديد القوى واجادة ضربات الرأس والقوام الرياضى النموذجى، ولكن أهم ما تميز به طوال مسيرته "أخلاقه الكريمة". وعمل بصرى مديرا للكرة بالزمالك بعد إعتزاله ثم إتجه للتدريب وتولى تدريب الزمالك والعديد من الأندية المصرية أمثال غزل المحلة وإنبى والمقاولون والإسماعيلى والإتحاد السكندرى وحرس الحدود وطلائع الجيش وبتروجيت. كما تولى تدريب منتخب الناشئين تحت 17 سنة عام 87 وصعد بهم كاس العالم بكندا، وكان ضمن الجهاز الفنى للمنتخب الوطنى الأول الفائز بكأس الامم الافريقية عام 1986، كما حصل على لقب أفضل مدرب مصري لعام 2003، كما حصل على لقب كأس مصر مع إنبى موسم 2005/2004. كما نعى الإتحاد الدولى لكرة القدم "الفيفا"، طه بصرى، وذكر الموقع الرسمى للفيفا، أن بصرى كان يتميز بالأخلاق الرفيعة طوال مسيرته كلاعب ومدرب، مشيرًا إلى أن الراحل كان يحظى بحب جماهير الكرة المصرية بمختلف إنتماءاتها بسبب أخلاقه العالية. كما أبرزت وكالة الأنباء الكويتية خبر وفاة طه بصرى، وذكرت الوكالة الأخبارية، أن طه بصرى نجح فى صناعة شعبية واسعة لديه بين جماهير العربى الكويتى، الذى لعب ضمن صفوفه، عقب توقف النشاط الرياضى فى مصر، بسبب "نكسة 67"، وترك علامة مميزة فى تاريخ الكرة العربية.