لم يكن أحد يتوقع أن تلك البلد الصغيرة في تعداد السكان، التي يتلعثم في نطق أسمها العديد من الأفراد الأوربيين والأفارقة، أن تكون هي قبلة العالم وتستضيف الحدث الكروي الأكبر الذي حارب من أجلة جول ريميه سنوات وسنوات، حتى أنه من فرط حماسته تحمل تكاليف صنع كأس البطولة بعد موافقة الدول على فكرته وهي إقامة بطولة بعيدة عن الدورات الأوليمبية ويشارك فيها كل دول العالم المهتمة بالكرة. اخترنالك مفاجأة.. استبعاد مجدي عبدالغني وحازم وميدو من تحليل مباراة مصر واليونان «حجازي وجبر» في أزمة... عجز في ميزانية ويست بروميتش لدفع الأجور «عاشور وسليمان» يطالبان بعدم توثيق عقدهما مع الأهلي إلا بعد الاتفاق المالي «شيكابالا» يهزم «النني» في «البلايستيشن» والأخير يهدد ب «حكاوي التقسيمة» لكن ذلك الحلم الذي كان يحلم به جميع الشعب الأوروجواياني صار حقيقة، بعد موافقة الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" في مؤتمر برشلونة 1929 على أن تستضيف الأوروجواي فعاليات أول بطولة كأس عالم في التاريخ بحكم أنها بطلة أوليمبياد باريس 1924 وأمستردام 1928، وأيضًا احتفالها بالذكرى السنوية لميلادها. وعلى الرغم من دعوة الجميع، إلا أنه لم يحضر إلى الدولة الواقعة في الجزء الجنوبي من القارة الاتينية سوى 12 منتخبًا، منهم 4 منتخبات أوربية وهم (بلجيكاوفرنسا ويوغوسلافيا ورومانيا) جاهد من أجل مجيئهم لخوض غمار منافسات البطولة جول ريميه رئيس الاتحاد الدولي لكرة. وكان السبب في قلة المنتخبات المشاركة هو أن الأورجواي بلد بعيد والسفر يحتاج إلى أموال كثيرة في الظل الأزمة المالية التي كان يعاني منها الدول الأوربية، ليكون عدد المنتخبات المشاركة في أول محفل عالمي 13 منتخبًا. وقسمت تلك المنتخبات على أربع مجموعات، ضمت الأولى الأرجنتين وتشيلي وفرنساوالمكسيك، بينما حل في المجموعة الثانية يوغوسلافيا والبرازيل و بوليفيا، أما الثالثة فقد أوقعت المنتخب المضيف الأورجواي مع البيرو ورومانيا، وشهدت المجموعة الرابعة تواجد الولاياتالمتحدة الأميريكية مع بلجيا وباراجواي على أن يصعد أوائل المجموعات إلى الدور النصف نهائي. وفي 13 يوليو سنة 1930، انطلقت البطولة الأكبر في العالم، حيث لُعبت مباراتين في اليوم الأول، وتمكنت فرنسا من الفوز على المكسيك في المباراة الأولى برباعية مقابل هدف أحرز لوسيان لوران الهدف الأول في تاريخ كؤوس العالم، فيما فازت الولاياتالمتحدة الأميريكية على بلجيكا بثلاثية نظيفة في المباراة التالية، وكان نظام البطولة يقوم على أن الفائز يحصل على نقطتين فيما يحصل المتعادل على نقطة وحيدة وفي حالة تعادل فريقين في النقاط يتم اللجوء إلى مباراة فاصلة، كما أنه جرت أحداث البطولة على ثلاث ملاعب وهي ملعب بوكيتوس، وملعب جران بارك سنترال، وملعب سنتيناريو الذي كان يتسع لتسعين ألف متفرج، وكان من غرائب البطولة ماحدث في لقاء فرنساوالأرجنتين حيث أعلن الحكم البرازيلي الميدوريجو صافرة النهاية قبل نهاية دقائق المباراة بست دقائق ولكن تم استئانف اللقاء بعد اعتراض الاعبون الفرنسيون وانتهت المباراة بفوز "التانجو" بهدف نظيف. أما المنتخب المضيف الأروجواي فقد لعب بعد بدء البطولة بخمسة أيام، حيث خاضت أول مباراة لها ضد البيرو وتمكنت البلد المضيف في النهاية من الفوز بهدف نظيف ولكن الصحافة الأروجوانية أشادت بالمستوى الكبير للمنتخب البيروفي وانتقادت بشكل لاذع لأداء «السيلستي» في المباراة. وتأهلت الأرجنتين من المجموعة الأولى إلى الدور النصف النهائي برصيد 6 نقاط فيما ترشحت يوغوسلافيا إلى الدور الموالي برصيد 4 نقاط،، أما المجموعة الثالثة تمكنت فيها البلد المضيف من اقتلاع بطاقة العبور إلى الدور النصف النهائي برصيد 4 نقاط، وفي الرابعة ترشحت الولاياتالمتحدة برصيد 4 نقاط. وجمع اللقاء الأول لدور النصف منتخبي الأرجنتينوالولاياتالمتحدة الأميريكية وتمكن راقصو «التانجو» من أمطار شباك أمريكا بنصف دستة أهداف، فيما لم يتمكن المنتخب الأمريكي من إحراز سوى هدف وحيد أحرزه سيكوليتش، بينما أحرز سدادسية الأرجنتين لويس مونتي عند الدقيقة 20 وسكوبيلي. في الدقيقة 61 وستابيل عند الدقيقة 69 وسجل كارلوس بيوسيلي هدفين عند الدقيقة 80 والدقيقة 85. واختتم ستابيل سداسية فريقة عند الدقيقة 87 واحتجت الولاياتالمتحدة الأميريكية على الحكم جون لنجينس ولكن دون فائدة. أما المباراة الثانية فقد جمعت منتخبي الأوروجواي ويوغوسلافيا، وتمكنت فيها الأوروجواي من هز شباك المنتخب الأوروبي بسداسية مقابل هدف. والتقت الأوروجواي بجاراتها الأرجنتين في المباراة الختامية في 30 يوليو وهو نفسة إعادة لنهائي دورة الألعاب الأوليمبية أمستردام 1928، وفتحت أبواب أستاد سينتيناريو من الساعة الثامنة صباحًا للجماهير حيث أكتظ الملعب الواقع بالعاصمة مونتيديفيو بالجماهير الأورجوانية والتي بلغ تعدادها بالمباراة النهائية 100 ألف متفرج الأمر الذي يعكس مدى الشغف الذي وصلت إليه اللعبة الحديثة في العالم. وتقدمت صاحبة الأرض والجمهور في البداية عن طريق بابلو دورادو في الدقيقة ال12 ولكن عودة راقصي «التانجو» جاءت سريعة وأحرزت هدفين عن طريق كارلوس بيوسيلي في الدقيقة ال20 وجوليرمو ستابيل عند الدقيقة ال37، وبلغ من شدة احتشاد الجماهير الأوروجوانية سواء في داخل مدرجات الملعب او في خارجة أن قال أحد لاعبي منتخب الأرجنتين "إذا فزنا سيقتلوننا" وأثناء فترة الأستراحة بين الشوطين شد لاعبيبي منتخب "السيلستي" من أزر بعضهم البعض وقال قائد المنتخب الأوروجواياني خوسيه ناسازي تحفيزا لزملائه "إذا فزنا سيتذكرنا الجميع للأبد"، وبدء الشوط الثاني وكان صراخ الجماهير الأوروجوانبة وصيحاتهم في المدرج هو بمثابة طوق النجاة للمنتخب المضيف وتمكن "السيليستي" من العودة في شوط المباراة الثانية وصناعة ريمونتادا هي الأشهر في تاريخ كؤوس العالم، وسجلت ثلاثة أهداف جاءت عن طريق بيدروسيا في الدقيقة 57 وسانتوس اريارتي عند الدقيقة ال68 وقبل نهاية المباراة بدقيقتين أحرز هيكتور كاسترو هدف تأمين الفوز للمنتخب المضيف، وكان يشتد حناجر الجماهير الأوروجوانية بعد كل هدف لها وفور أنتهاء المباراة نزلت الجماهير الأوروجوانية أرض الملعب للاحتفال مع الاعبين و"تقبيلهم"، لتحصد بذلك الأوروجواي أول بطولة لكأس العالم، وتم قصف السفارة الأورجوانية بالحجارة في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس. ولاشك أن تلك البطولة جسدت شعبية وشغف الجماهير باللعبة الوليدة حديثاً في البشرية، وعلى الرغم من أن لم يشارك في مونديال الأوروجواي سوى 4 منتخبات أوروبية، إلا انه كانت متابعة الصحافة في جميع بلدان أوربا لمجريات وتطور الأحداث في البطولة كان كبير للغاية وكانت كبريات الصحف في أوربا تقدم وصفًا تفصيليًا للمباريات وخاصة صحف الدول المشاركة في المحفل الكروي "العالمي". أحصائيات البطولة: بلغت مدة البطولة 17 يومًا. إجمالي عدد مباريات البطولة بلغ 18 مباراة. أكثر منتخب سجل أهداف هو الأرجنتين برصيد 18 هدف. هداف البطولة هو الأرجنتيني جويرمو ستابيلي الذي سجل 8 أهداف في 4 مبارايات حيث لقب ب"إلفيلترادور". بلغت عدد الجماهير التي أحتشدت في المدرجات طوال البطولة 590,549ألف متفرج في بلد كان يبلغ عدد قطونها في ذلك الوقت 2مليون نسمة. 70 هدف هو حصيلة بطولة الأوروجواي، بمعدل 3.8 هدف بالمباراة. وشهدت مرحلة المجموعات تسجيل 50 هدف فيما 16 هدف كان حصيلة الدور النصف النهائي أما الدور النهائي فشهد تسجيل 6 أهداف فقط. بلجيكا وبوليفا هما المنتخبين اللذان لم يتمكنا من تسجيل أي هدف طوال مشوار البطولة. 14 هدف هي حصيلة الرباعي الأوربي طوال مشوار البطولة. أحرزت المنتخبات الاتينية 56 هدف هو مايعكس سيطرة المنخبات الاتينية على اللعبة في بادئ الأمر. الأوروجواي هو أقوى دفاع حيث أنه لم يستقبل سوى ثلاثة أهداف فقط خلال 3 مباريات. أضعف خط دفاعي في البطولة كان المكسيك حيث هز المنافسون شباكهم في 13 مناسبة خلال 3 المباريات التي خاضتهم المكسيك في دور المجموعات. وإلى هنا تنتهي الحلقة الثانية من «المونديال.. كما لم تعرفه من قبل»، انتظرونا في موعد جديد وحكاية جديدة عن كأس العالم.