الأزهر الشريف هو المتحدث الرسمي باسم الدين الإسلامي, وأنا آخذ عنه وعن علمائه وفقهائه ومفتيه, كل أمور ديني ودنياي, وأعتبر ما عداه من جماعات وأحزاب وفرق تتحدث باسم الإسلام وتدعي تمثيله, مجرد اجتهادات تحتمل الصواب والخطأ, ولا يمكن اعتبارها مرجعية دينية, ناهيك عن قبول تفسيراتها وتصوراتها لحكم هذا الوطن أو لوضع الدستور الذي يحدد إطارا قانونيا نعيش بداخله لعقود طويلة قادمة. وأقول بكل اقتناع إنني اعتبرت انسحاب الأزهر من تأسيسية الدستور( وكان له بكل أسف ممثل وحيد فيها!!) هو الموقف الصحيح الذي يعطي لأتباع الدين الحنيف مؤشرا واضحا لما يجب أن يكون عليه موقفهم, استنكارا لغياب أهل العلم والفقه عن تلك اللجنة, مقابل الوجود الكثيف للأميين والمنتمين للتيارات الدينية المتطرفة. إن الملايين من أبناء الشعب المصري( وأنا من بينهم) غير المنتمين لجماعتي الإخوان والسلفيين, بل والكثير من المسيحيين, أعطوا أصواتهم للحرية والعدالة وهم يدركون قطعا أنهم يمنحون الإخوان الأكثرية في البرلمان, استنادا إلي وعودهم البراقة قبل الانتخابات بالدولة المدنية,( بالمشاركة) وعدم احتكار السلطة والرفض المبدئي لأن يكون الرئيس المقبل أيضا منتميا لتيارهم, فلما تنكروا أخيرا لوعودهم, حدث ما نراه الآن من رفض عارم للمخطط الاخواني, خصوصا ما يتعلق بالدستور الذي لا يمكن تعديله كل يوم,بينما يمكن تصحيح( خطأ) الانتخابات البرلمانية في وقت قريب بإذن الله. إن رجل الشارع البسيط يدرك خطورة أن ينفرد حزب واحد( بالتصويت) علي صياغة الدستور, ومن ثم تجئ نصوصه( تفصيل) علي مقاسه, من ذلك جعل نظام الحكم مثلا برلمانيا, أي يكون رئيس الجمهورية فيه بصلاحيات ملكة انجلترا!! بينما يشكل حزب الأغلبية الوزارة من بين صفوفه مع حلفائه السلفيين, ويكون رئيسها هو الرئيس الفعلي للبلاد( من الإخوان طبعا), وهكذا يجمعون السلطة التشريعية إلي السلطة التنفيذية ويسعون بالطبع وراء السيطرة علي القضائية, ليتحقق أخيرا المخطط الذي تم وضعه قبل أكثر من80 عاما! ولهذا قررت الاعتذار عن ترشيحي للمشاركة في اللجنة المعاونة المختصة بالرياضة والمنبثقة عن تأسيسية الدستور فهي مجرد خدعة جديدة وذر الرماد في العيون من خلال استخدام أسماء خبراء من خارج التأسيسية, لن يكون لهم صوت أو قرار, وهو ما لا أرضاه لنفسي ولا للزملاء الكبار في هذه اللجنة!