يؤكد التاريخ أن شهر رمضان كان ومازال فرصة لتحقيق الانتصارات العظيمة سواء علي النفس أو العدو بشرط الاخلاص لله, والعمل علي مرضاته سبحانه وتعالي, ووحدة للصف إذ يقول المولي تبارك وتعالي واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا. والنصر لا يقتصر علي الأعداء بل علي الأنفس باعتبار أن جهادها أكبر من جهاد الأعداء لقول النبي صلي الله عليه وسلم أثناء رجوعه من إحدي الغزوات.. رجعنا من الجهاد الأصغر إلي الجهاد الأكبر. وحول الدروس المستفادة من الانتصارات في رمضان وما يجب أن تكون عليه أحوزال المسلمين الصائمين فيه كان هذا التحقيق في البداية يؤكد الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر الأسبق أن رمضان شهر الانتصارات قديما وحديثا فقديما انتصر المسلمون في رمضان في أول لقاء مسلح بين جند الحق وجند الباطل, وفي يوم الفرقان في غزوة بدر الكبري حيث نصر الله الفئة المؤمنة علي الفئة الكافرة رغم قلة أعداء الفئة المؤمنة وقلة عتادها فكان الانتصار ثمرة لإيمانهم ووحدة صفهم وجمع كلمتهم واقتدائهم برسول الله صلي الله عليه وسلم, وتمثل غزوة بدر الكبري أول غزوة في الإسلام وتلقي بظلالها من الدروس والعبر لأمتنا الآن وبعض أبناء وطننا الذين يتناوشون مع بعضهم لأن الحرب ليست بين مسلم ومسلم ولأن الجهاد بين المسلمين والكافرين حيث ينصر الله أهل الحق دائما فعلي أبناء الوطن الواحد توحيد صفهم ونبذ العنف والعداوة من بينهم والعمل علي جمع كلمتهم. ويشر د. عمر هاشم إلي أن المسلمين انتصروا في رمضان أيضا في غزوة الفتح تلك التي فتح الله علي رسوله مكةالمكرمة بعد أن أخرج أصحابه فشاء الله لهم أن يعودوا إليها فاتحين ظافرين وجعل من يوم الفتح يوما عظيما يلقي أيضا بدروس باهرة لجميع المسلمين بأن هناك أخلاقيات للمنتصرين وللفاتحين وهي العفو والصفح والتسامح وفتح رسول الله الباب للعفو يقول من دخل بيته فهو آمن ومن دخل البيت الحرام فهو آمن ومن دخل دار أبو سفيان فهو آمن وحينما سألهم النبي الكريم صلي الله عليه وسلم ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا خيرا أخ كريم وإن أخ كريم قال لهم اذهبوا فأنتم الطلقاء ليسجل تاريخ الانسانية هذه الكلمات وهذا اليوم كنموذج للعفو والتسامح فلم يكن هناك تبادل حقد بحقد ولا عنف بعنف بل كان الصفح والتسامح مما يستوجب علي أمتنا التسامح والعفو فيما بينهم وأن يعيشوا أحبة لا يعادي بعضهم بعضا, فإذا كان هذا رمضان قديما فإن عصرنا الحاضر شهد انتصارا عظيما لقواتنا المسلحة علي أعدائنا في معركة العبور في العاشر من رمضان هذه الموقعة التي أخذت مكانتها بين صفوف المواقع الاسلامية وفيها لقن الجنود المصريون لجيش العدو درسا لن ينسوه حتي أصبحت المعرمة تدرس في الأكاديميات العسكرية, بما يشهد للجنود المصريين بأنهم فعلا خير أجناد الأرض فبعد أن انتصروا علي أنفسهم تحقق لهم النصر علي العدو. ويقول الدكتور السعيد محمد علي من علماء الأوقاف أن أهل العلم تقرر لديهم أن المقدمات الصحيحة تؤدي إلي نتائج صحيحة وأن المقدمات الفاسدة تؤدي إلي نتائج فاسدة ومن هنا كان حرص النبي صلي الله عليه وسلم علي بناء الأمة في مكةالمكرمة فاستطاع أن يبني الدولة في المدينةالمنورة وكان تأسيس الأمة من خلال تربيته لأصحابه في مكة وكما بني الأمة أستطاع أن يبني الدولة من خلال بناء المسجد والصلح بين الأوس والخزرج والمؤخاة بين المهاجرين والأنصار وعقد المعاهدات بين المسلمين وغيرهم كل هذه المقدمات أدت لنتائج حقق الله بها لرسوله هداية الخلق له ووهبه الفتح المبين والفوز العظيم والنصر العزيز, وبدأت هذه الانتصارات بالهجرة النبوية فكانت أول فتح في الإسلام تلاها انتصار المسلمين في غزوة بدر الكبري في السابع عشر من شهر رمضان في السنة الثانية من الهجرة, ثم كان فتح مكة في العشرين من رمضان سنة ثماني هجرية, ثم كان العديد من الفتوحات والانتصارات في عهد صلاح الدين علي الصليبيين في حطين وانتصر قطز علي التتار في عين جالوت, ثم كان الانتصار الأخير للمسلمين علي اليهود في العاشر من رمضان سنة1393 ه ليعطينا كل ذلك دروسا منها أن من كان مع الله كان الله معه وفتح عليه, فلما كان الرسول والصحابة والسلف الصالح مع الله وهبهم الله النصر علي أنفسهم وعلي أعدائهم كما أن الجهاد هو الذي يعول عليه حماية المقدسات الاسلامية لقوله تعالي ولولا دفع الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع مساجد يذكر فيها إسم الله سورة الحج كما أن أبرز الدروس التأكيد علي أن الجهاد لا يقف عند الملاحم القتالية وإنما تتسع دائرة الجهاد ويكون باللسان وبالمال لقول الرسول صلي الله عليه وسلم وجاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم. بينما يقول الدكتور حامد أبو طالب مستشار شيخ الأزهر أن شهر رمضان غلب عليه أنه شهر الانتصار في المعارك العسكرية منذ عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم فكثير من الغزوات حدثت في رمضان وكان النصر حليفا للمسلمين الصائمين وفي تاريخنا المعاصر وقعت معركة العاشر من رمضان والتي انتصر فيها المسلمون الصائمون في معركة كان من المعروف علميا وقتاليا أنه لا يمكن للمسلمين أن ينتصروا فيها نتيجة الاستعدادات والحواجز والعوائق التي أقامها العدو الاسرائيلي ومع هذا تمكن المسلمون الصائمون بفضل من الله من تجاوز هذه العوائق التي كانت تفوق قدرة البشر ونصرهم الله واستطاعوا العبور من قناة السويس إلي سيناء والاستيلاء عليها وتحريرها أثناء هذه المعركة التي خاضها المسلمون وهم صائمون, ونحن نستبشر بهذا النصر ونأمل أن ننتصر علي أنفسنا وعلي خصومنا وعلي أعدائنا وعلي شياطيننا في هذه المعارك التي تدور علي أرض مصر. ودعا أبو طالب المسلمين أن يتغلبوا علي أنفسهم تحقيقا لقوله تعالي وافعلوا الخير لعلكم تفلحون سورة الحج, ففعل الخير في شهر رمضان له ثواب العظيم المضاعف. تحقيق رجب أبو الدهب