في سماء السيرة النبوية العطرة والحديث النبوي نجوم بارزة وعلامات مضيئة كتابة وكتبا ورواية ورصدا قدمت للأمة الإسلامية صورا متكاملة عن سيرة الرسول صلي الله عليه وسلم. أبو داود....حافظ الحديث وصاحب المصابيح لاشك أن أبا داود رحمه الله حفر اسمه بحروف من نور في عالم الحديث النبوي وسجل لنفسه مكانة مرموقة بين أعلامه فقد كان فقيها ضليعا لايستهان به. وهو أفقه أصحاب الكتب الستة بعد البخاري ويبرر العلماء ذلك بأن معرفته الفقهية تجعله الأكفأ لأن يجمع ويستوعب الأحاديث التي احتج بها الفقهاء.ويقول عن كتابه سنن أبي داود:الأحاديث التي وضعتها في كتاب السنن, أكثرها مشاهير وهي عند كل من كتب شيئا من الحديث. إلا أن تمييزها, لايقدر عليه كل الناس.والفخر بها أنها مشاهير فإنه لايحتج بحديث غريب, ولو كان من رواية مالك ويحيي بن سعيد والثقات من أئمة العلم وأبو داود هو الإمام الثبت,أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق الأزدي السجستاني, أحد حفاظ الحديث وعلمه وعلله, وصاحب السنن, ولد بسجستان سنة اثنتين ومائتين من الهجرة, وهو والد أبي بكر عبد الله بن أبي داود, من أكابر الحفاظ ببغداد, وكان عالما متفقا عليه, وله كتاب( المصابيح) وقد كانت حياته نموذجا للباحثين المخلصين عن العلم والحقيقة فقد نشأ الإمام أبو داود( رحمه الله) محبا للعلم شغوفا به, وكان همه منذ نعومة أظافره طلب حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم وتدوينه, وقد بدت عليه أمارات النجابة منذ صباه. ولأنه من تلاميذ الإمام البخاري فقد تأثر به كثيرا,إذ إنه أفاد منه أيما إفادة, وقد سلك في العلم سبيله وفوق ذلك فكان يشبه الإمام أحمد بن حنبل في هديه ودله وسمته, وقد قال عنه ابن خلكان: كان في الدرجة العالية من النسك والصلاح له شيوخ عرفهم وعرفوه لأنه كغيره من علماء عصره وكسنة متبعة بين علماء الحديث,فقد طوف أبو داود البلاد, ورحل إلي أماكن ومناطق الحضارة الإسلامية في طلب الحديث ومشافهة الشيوخ والتلقي عليهم, ولقي خلال هذه الرحلات عددا كبيرا من كبار الحفاظ والمحدثين وكان له تلاميذ كثيرون فحينما وهب أبو داود حياته لعلم الحديث كان لتلاميذه نصيب كبير, فقد كانوا يتعلمون منه ويروون عنه, وكان أشهر من روي عنه وتتلمذ علي يده الإمام الترمذي, والإمام النسائي, وابنه الإمام أبو بكر بن أبي داود, وغيرهم. وللإمام أبي داود العديد من المؤلفات خصوصا في علم الحديث رواية ودراية, فمن مؤلفاته: دلائل النبوة, وكتاب التفرد في السنن, وكتاب المراسيل, وكتاب المسائل التي سئل عنها الإمام أحمد, وله أيضا ناسخ القرآن ومنسوخه,وذكر الزركلي في الأعلام أن له كتاب الزهد. وإضافة إلي التأليف فقد ذاع صيته وزادت شهرته وعلت مكانته بكتابه العظيم المعروف بسنن أبي داود, وهو كتاب يأتي في المرتبة بعد صحيح البخاري وصحيح مسلم في الشهرة والمكانة, وقد عد أول كتب السنن المعروفة, وهي سنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وقد حاز أبو داود إعجاب معاصريه وثقتهم وفي أخر أيام حياته التمس في البصرة بعد فتنة الزنج طلب منه أخو الخليفة أن يقيم بها لتعمر بالعلم, وقد استجاب لطلبه وظل بها حتي وافته المنية,ورحل( رحمه الله تعالي) عن دار الدنيا يوم الجمعة سادس عشر من شوال, سنة خمس وسبعين ومائتين, وصلي عليه عباس بن عبد الواحد الهاشمي, بعد حياة حافلة بالعطاء قدم خلالها العديد من المؤلفات التي تشهد بعظمته وقوته ودقة معلوماته وخاصة في كتاب السنن.