عن عطية السعدي, كان من أصحاب النبي قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتي يدع ما لا بأس به حذارا لما به البأس( أخرجه الترمذي في سننه2375) اللهم صلي علي سيدنا محمد أشرف الساجدين وأكمل العابدين, وإمام الشاكرين وسيد الحامدين, وأجمل المتواضعين, وأكرم خلق الله أجمعين وعلي آله وصحبه وسلم. إن الحرام كله خبيث, لكن بعضه أخبث من بعض, والحلال كله طيب, ولكن بعضه أطيب من بعض وأصفي. وكذلك فإن الورع درجات وحالات, فالتورع ابتعاد عن الحرام مهما كان صغيرا, يقول الفاروق رضي الله تعالي عنه( كنا ندع تسعة أعشار الحلال مخافة أن نقع في الحرام) ويقول سيدنا أبو الدرداء رضي الله عنه( إن تمام التقوي أن يتقي العبد في مثقال ذرة حتي يترك بعض ما يري أنه حلال, خشية أن يكون حراما حتي يكون حجابا بينه وبين النار). ومن أعظم أنواع الورع ورع المتقين, وهو أن يترك العبد المسلم ما لا بأس به مخافة أن يفضي إليه, فالأشياء المباحة داعية المحظورات إذا بالغ المسلم فيها, فاستكثار الطعام يحرك الشهوة, ثم إن الشهوة تدعو إلي الفكر, والفكر يدعو إلي النظر, والنظر يدعو إلي غيره.... وحالة الورع سمة إيمانية راقية تكون بشدة محاسبة النفس, وتحري الحلال, والاقتصاد علي الضرورات وسد الرمق, ولا يكون متعلقا بالدنيا تعلقا يبعده عن الشوق إلي الأخرة والورع من أشد الطاعات وهي أصل كل عبادة وهو خير الدين فعن معاوية بن قرة قال: أتينا الحسن فسألناه: أي العبادة أشد؟ قال: فقال قائل منا: أشد العبادة الجهاد في سبيل الله, وقال قائل: أشد العبادة الصلاة, وقال قائل: أشد العبادة الزكاة, وقال قائل: الصيام قال: فقلت بيني وبين نفسي: لأكلمنه قال: قلت: يا أبا سعيد إني لم أجد من العبادة أشد من الورع فقال: لا أبا لك فهل ينتفع بشيء من هذا إلا بالورع قال: فقال الحسن: إني لم أجد من العبادة شيئا أشد من الصلاة في جوف هذا الليل, وعن الحسن, وابن سيرين قالا: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: فضل العلم خير من فضل العبادة, وخير دينكم الورع فإذا رأيت أهل الدنيا قد تغلبت عليهم آمالهم, وفسدت في الخير أعمالهم فذلك من ابتعادهم عن ذكر الموت والقبور والآخرة. ولتحقيق هذا فأنت في حاجة إلي أن تنادي علي نفسك: كم من مستقبل يوما لا يستكمله, ومنتظر غدا لا يلحقه. ولنتذكر دائما أن أكثر ما يخشي علينا اثنان: طول الأمل. واتباع الهوي, فإن طول الأمل ينسي الآخرة وإن اتباع الهوي يصد عن الحق. وصل اللهم علي سيدنا محمد صلاة تملأ الأرض نورا وتكون لنا وللمؤمنين فرجا وسرورا وعلي آله وصحبه وسلم.