ألقت ثورة30 يونيو المصرية, التي أطاحت بحكم الإخوان, بظلالها علي عدة أنظمة عربية وإقليمية, بدءا بتركيا التي كانت تحرص الولاياتالمتحدةالأمريكية علي جعلها النموذج الإسلامي الذي يجب ترويجه في المنطقة. مرورا بسوريا التي تعول المعارضة بها علي مساندة الجماعة في مصر لها, وانتهاء بحركة حماس التي تنظر إلي الحدث الثورة- علي انه يضعف من هامش مناوراتها ووجودها في وجه قوات الاحتلال. ويرأي الكاتب الفرنسي: تيري ميسان أن ما حدث في مصر من ثورة وضع حدا لنهاية حكم الإسلاميين ليس في مصر فقط ولكن في المنطقة, فضلا عن أن ما حدث في تركيا من احتجاجات أخيرا, باعتبارها النموذج الأمريكي في المنطقة, سيقضي علي ما يسمي بالإسلام السياسي أيضا. حيث تلقت السياسة الخارجية التي تنتهجها تركيا لتصوير نفسها نموذجا يحتذي في العالم المسلم انتكاسة بعد تدخل الجيش المصري لعزل الرئيس محمد مرسي بحسب محللين. فحزب العدالة والتنمية, التركي الاسلامي الجذور الذي واجه مؤخرا أوسع الاحتجاجات ضده في حكمه المستمر منذ10 سنوات, نسج علاقات وثيقة مع مرسي وحركة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها. وأدي تدخل الجيش المصري لعزل الرئيس في البلاد إلي إثارة الدهشة في أنقرة التي عملت بجد لتصوير نفسها محركا إقليميا وديمقراطية نموذجية في الشرق الأوسط. بعد يوم علي عزل الجيش المصري مرسي, قطع اردوغان عطلته القصيرة ليعقد اجتماعا طارئا مع رئيس استخباراته ووزرائه وندد رئيس الوزراء التركي بتدخل الجيش المصري قائلا إن الذين يعتمدون علي السلاح في أيديهم, الذين يستندون إلي قوة الإعلام, لا يستطيعون بناء الديمقراطية... الديمقراطية تبني في صندوق الاقتراع وحسب. ورأي اوزديم سانبيرك الدبلوماسي ونائب وزير الخارجية الأسبق ان تركيا لم تفقد كل المؤهلات لتشكل نموذجا لكن تشخيص السياسة الخارجية في حزب العدالة والتنمية للعالم الاسلامي أثبتت خطأها. وأضاف في الشرق الأوسط... تم تحييد تركيا. من الواضح أن تركيا باتت لا تعلم خفايا الشرق الأوسط. علي صعيد آخر, خيم الحزن علي المعارضة السورية, وذلك لأن إخوان سوريا كانوا في انتظار سقوط نظام الأسد كي يتولوا الحكم هناك, وتجلت مساندة إخوان مصر لإخوانهم في سوريا في قرار قطع العلاقات مع نظام بشار الأسد, وهو الأمر الذي دفع إخوان سوريا إلي القول أن عزل الرئيس السابق محمد مرسي هو ضربة لأكثر فصائل المعارضة السورية نفوذا. ففي الوقت الذي قالت مصادر في الائتلاف الذي تدعمه دول عربية وغربية إن مصير سوريا متوقف علي الإخوان المسلمين بها وهم الجماعة المعارضة الأكثر تنظيما, رأي البعض الآخر أن الجماعة تعاني من أثر الضربة السياسية التي تعرضت لها الجماعة الأم في مصر. وقال مسئول في الائتلاف في اسطنبول التي تستضيف اجتماع المعارضة الأجواء قاتمة. الإخوان المسلمون في مصر وبالتبعية في سوريا وأماكن أخري تلقوا ضربة, لكن حتي معارضيهم يشعرون أن الشرق الأوسط خسر فرصة تاريخية لإقناع الإسلاميين بتبني الديمقراطية وهو ما دفع فاروق طيفور نائب زعيم الاخوان المسلمين في سوريا إلي القول بأن عزل الجيش المصري لمرسي وصمة عار,و ان الثورة المصرية التي ضربت المثل للثورات الأخري بسلميتها قد دخلت مرحلة سيئة. وقال انس عيروط رجل الدين البارز من مدينة بانياس الساحلية ان الإخوان المسلمين في سوريا مهددون الآن سياسيا. وأضاف أنهم عادوا الجماعات الاسلامية الأخري والآن قد يتحولون إلي بطاقة محروقة بعد هزيمتهم في مصر. وفي الأراضي المحتلة, رأي محللون سياسيون أن حماس تواجه تحديا كبيرا بعد عزل الرئيس المصري محمد مرسي وسقوط حكم الإخوان بمصر الذي قد يكون له نتائج كارثية علي الحركة التي قد تضطر لاتخاذ مواقف أكثر مرونة تجاه علاقتها مع جماعة الإخوان والوضع القادم في مصر. وقال مخيمر أبو سعدة أستاذ العلوم السياسية والتاريخ في جامعة الأزهر في غزة ان ما حدث في مصرله نتائج كارثية علي حماس لم تكن تتوقعها. وكانت حماس أقامت احتفالات غير مسبوقة في قطاع غزة الذي تسيطر عليه, فور الإعلان عن فوز مرسي في انتخابات الرئاسة المصرية قبل عام واحد. وسمح هذا الفوز للحركة بتعزيز علاقتها مع جماعة الإخوان المسلمين وعقدت عدة لقاءات بين مرسي ورئيس الحركة خالد مشعل ورئيس حكومة حماس إسماعيل هنية وحصل تعاون رسمي علي المستوي الاقتصادي والامني بين حكومة هنية وحكومة مرسي. من جهته, يري المحلل السياسي هاني حبيب ان الإطاحة بحكم مرسي شكل ضربة للإخوان المسلمين في كل مكان خصوصا في قطاع غزة. وأشار إلي صدمة لدي قيادة الحركة, موضحا ان هذا ما يبرر اجتماعاتها المتتالية لدراسة معمقة للنتائج المترتبة علي ما حدث في مصر لان حماس تدرك المنحني الهائل والخطير في الأيام القادمة عليها بسبب دعمها وعلاقتها بالاخوان. ويشير حبيب الي ان الوضع الامني في سيناء سيتخذ مبررا للضغط علي حماس من زوايا عديدة مثل هدم واغلاق الانفاق التي تشكل شريانا مهما لقطاع غزة وحماس وكذلك لحركة وتنقل قادة حماس عبر البوابة الوحيدة مصر معبر رفح. ويري عدنان ابو عامر استاذ العلوم السياسية في جامعة الامة في غزة ان ما يجري في مصر شان فلسطيني بامتياز وليس فقط شأن مصريا بالنسبة للفلسطينيين لانه يؤثر مباشرة علي الوضع الفلسطيني والقطاع. رابط دائم :