ربما يري البعض ان هذا المقال يجيء خارج السياق حيث كتبته في فترة ترقب أحداث الوطن المتلاحقة وخاصة حشد30يونيو الذي نظمته الجبهة الوطنية للانقاذ لاملاء ارادتها علي رئيس الجمهورية. سواء بالاستقالة او بالدعوة الي انتخابات رئاسية مبكرة مستندة الي ما تقدره هي وحدها من أنها تعبر عن ارادة الشعب دون الرجوع الي آليات الديمقراطية, و لكني آثرت الانتظار لأتفادي الضبابية الكثيفة في المشهد السياسي نظرا للاستقطاب الشديد للقوي و رفضها لأي حوار, و سيكون مقالي التالي في تحليل المشهد الداخلي بعد30 يونيو القادم لا جدال في أن الأسد أخطأ خطأ قاتلا في قمع شعبه وشن حرب ابادة جماعية باستخدام جيش الشعب بطائراته و دباباته و أسلحته الثقيلة ضد مواطنين سوريين عزل, ومن المؤكد ان الموقف السلبي العربي المتخاذل للدول العربية قد أصاب النظام العربي بالمزيد من الخلل, وذلك علي الرغم من ان غالبية الدول العربية قد اعلنت شعوبها انها وقفت ضده,, وهذا الموقف السلبي يحمل في طياته عناصر القضاء علي الأمة بأسرها. و في حقيقة الامر فان النظام العربي ليس بعاجز عن اتخاذ ترتيبات أمنية لحماية شعبنا في سورية من الابادة الجماعية التي يرتكبها حاكمه, كما لا يمكن الاستمرار في الوضع الحالي الذي يوكل الأمن العربي لدول أجنبية و يساعدهابأمواله في اضطهاده وقتله, ولا بد للنظام العربي أن يثبط همم كل الأطراف الحريصة علي عودة النظام العربي للعمل والاسهام بفاعلية في التوازنات بين قوي المنطقة و أهمها ايران وتركيا و اسرائيل. ولا جدال في أن استمرار الوضع الحالي سيغري القوي الأخري علي مزيد من الامتهان للأمة العربية شعبا شعبا و مزيد من استغلال ثرواتها والتدخل في شئونها و فرض السيطرة الاسرائيلية وغيرها علي العرب. ازاء هذه الاخطار المحيقة بالوجود العربي كله اطرح اقتراحي بل صرختي بتدخل جامعة الدول العربية عسكريا لحسم الصراع الدائر في سوريا منذ عامين و الذي يزداد تفاقما حيث تلعب كل القوي المعادية للعرب لاستمرار النزاع و انهاك كل القوي تمهيدا لتقسيم سوريا ليفقد العرب ركيزة هامة من عناصر قوتهم بعد ان فقدنا العراق و بذلك يبقي المشرق العربي كله تحت رحمة و سيطرة امريكا و حليفها الاتحاد الأوروبي و ابنته المدللة اسرائيل. وليس تدخل الجامعة العربية بجديد ولا مستحدث فقد سبق لها ارسال قوات عربية في الكويت لحمايتها من غزو هدد به عبد الكريم قاسم عام1961 كما تدخلت عسكريا لوقف الحرب الاهلية في لبنان منيبة القوات السورية و ذلك وفقا لميثاق الأممالمتحدة و ميثاق الجامعة: وهنا نعرض في عجالة شروط وحالات استخدام القوة في المجتمع الدولي توكل المادة24 من الميثاق الي مجلس الأمن مسئولية الحفاظ علي الأمن و السلم الدوليين. وتحرم المادة2 فقرة4 من ميثاق الأممالمتحدة- علي كل دولة استخدام القوة أو التهديدبها ضد احدي الدول الأخري. ويرد علي هذه القاعدة استثناءان: 1- بناء علي تفويض مجلس الأمن, وهو أمر لم يحدث حتي الآن. فلم يشكل مجلس الأمن القوة التابعة له ولا لجنة أركان الحرب وفقا للميثاق( مادة43) رغم توصية الأمين العام( بطرس غالي) في اقتراحه المسميAgendaforpeace. 2 بناء علي حق الدفاع عن النفس الفردي والجماعي ضد هجوم مسلح في احدي الدول و ينظم الفصل السابع من الميثاق في المواد من39 الي52 التعامل مع الأنشطة التي تشكل تهديدا للأمن والسلم الدوليينbreachofpeace ولا بد أن يقرر المجلس وجود حالة من Threattothepeace,brachesofthepeaceactsofaggression و للمجلس أن يقرر الاجراءاتmeasures التي يمكن اتخاذهاوفقا للمادتين41 و42 لصيانة أو استعادة السلم والأمن الدوليين. استخدام القوة استنادا الي حق الدفاع عن النفس: وبذلك أصبح الاستخدام الوحيد المشروع للقوة في المجال الدولي وفقا لميثاق الأممالمتحدة هو الحرب المستندة الي حق الدفاع عن النفس. ولعله من المفيد أن نلقي باطلالة علي معني و حدود هذا الحق كما نظمه القانون الدولي التقليدي. مفهوم الدفاع الجماعي في ميثاق الأممالمتحدة.: واعتبر الميثاق دور المنظمات الاقليمية في حفظ السلم والأمن الدوليين دورا مكملا لدور مجلس الأمن و ليس متعارضا معه. بل انه قد خول المنظمة الاقليمية الحق في البدء في الدفاع الجماعي ضد العدوان علي احدي دولها ثم اخطار مجلس الأمن بعد ذلك بما يؤكد أن الدولة المعتدي عليها, أو المنظمة الاقليمية التي تمارس دفاعا جماعيا عن النفس لا تلتزم باستئذان مجلس الأمن عند استخدامها للقوة في الدفاع عن النفس الفردي أو الجماعي. نورد هنا- توخيا للدقة الشديدة و حتي نتوقي الخلافات التي يثيرها البعض في تفسير الترجمة العربية للميثاق- النص الانجليزي للمادة52 من ميثاق الأممالمتحدة و التي تنظم استخدام الحق في الدفاع الجماعي عن النفس, وهي القاعدة المستعارة من مبدأ الدفاع الشرعي عن النفس المعترف به في القوانين الداخلية الجنائية. تقول المادة52 في فقرتها الأولي: ما معناه أن الميثاق لا يوجد به نص يمنع قيام منظمات اقليمية تختص بالحفاظ علي السلم و الأمن الدوليين, وأن من حق هذه المنظمات اتخاذ التدابير المناسبةappropriateforregionalaction لحفظ الأمن و السلم في الاقليم. و الشرط الوحيد الذي أوردته المادة علي حرية اتخاذ تدابير لحفظ الأمن والسلم الدولي في ذلك استخدام القوة هي أن تكون متوافقة مع أهداف و مبادئ الأممالمتحدة. بل أن الميثاق قد حث في الفقرة الثانية الدول الأعضاء في المنظمات الاقليمية علي أن تبذل قصاري جهدها لحل المنازعات من خلال ترتيبات اقليمية, و ذلك قبل احالتها الي مجلس الأمن. وقد شجع الميثاق في الفقرة الثالثة من ذات المادة- الدول الأعضاء علي المبادرة بالتعامل مع المنازعات الاقليمية لحلها اقليميا, و أيضا علي أن يتولي مجلس الأمن احالة المنازعات الاقليمية الي المنظمات الاقليمية لتسويتها بالوسائل السلمية. الدفاع الجماعي في ميثاق جامعة الدول العربية: تنص المادة6 من ميثاق الجامعة علي ما يلي: اذا وقع اعتداء من دولة علي أي دولة من أعضاء الجامعة, أو خشي وقوعه فللدولة المعتدي عليها أو المهددة بالاعتداء أن تطلب دعوة المجلس للانعقاد فورا. و يقرر المجلس التدابير اللازمة لدفع هذا الاعتداء و يصدر القرار بالاجماع, فاذا كان الاعتداء من احدي دول الجامعة لا يدخل في حساب الاجماع الدولة المعتدية. و اذا وقع الاعتداء بحيث يجعل حكومة الدولة المعتدي عليها عاجزة عن الاتصال بالمجلس, فلممثل تلك الدولة فيه أن يطلب انعقاده للغاية المبينة في الفقرة السابقة. و اذا تعذر علي الممثل الاتصال بمجلس الجامعة حق لأي دولة من أعضائها أن تطلب انعقاده. تقابل هذه المادة أحكام الفصل السابع في ميثاق الأممالمتحدة و الذي يعطي للمنظمة عن طريق مجلس الأمن حق استخدام وسائل القمع بما في ذلك استخدام القوة ضد الدول المعتدية للوصول الي تسوية المنازعات الدولية سعيا للحفاظ علي السلم و الأمن الدوليين. و تعطي المادة مجلس الجامعة الحق في اتخاذ التدابير اللازمة لردع العدوان و لكنها عادت هنا الي قاعدة الاجماع مع عدم تصويت الدول المتنازعة و يتخذ مجلس الجامعة تدابير الردع بناء علي طلب الدولة المعتدي عليها, غير أنه يستطيع القيام بذلك من تلقاء نفسه اذا انقطع الاتصال بحكومة الدولة المعتدي عليها. وتستكمل معاهدة الدفاع المشترك: ما نص عليه الميثاق فتورد في مادتها الثانية نصا يقول: تعتبر الدول المتعاقدة كل اعتداء مسلح يقع علي أي دولة أو أكثر منها بمثابة اعتداء عليها ومعني هذا أنه في حالة وقوع عدوان علي أي دولة عربية, فإن الاعتداء يكون قد تم علي جميع الدول العربية, وأن علي هذه الدول جميعا التضامن والاشتراك في دفع العدوان باستخدام القوة. و هكذا تنشأ وفق نظام الأمن العربي حالة الدفاع الجماعي عن النفس التي تخول لمجلس الجامعة التدخل في ظل أحكام ميثاق الأمم تقويم التوصية: لا بد من التنويه ابتداء الي أنه لو كان لجامعة الدول العربية أن تقوم بهذه المهمة فلا يتصور أن تقوم بها في صورتها الحالية, فلا بد أن يتم اعدادها لذلك من حيث الامكانيات و القدرات البشرية و التنظيمية, ومن حيث الأسلوب و العقيدة. وهنا يكون من المناسب عقد قمة عربية عاجلة و علي هذه القمة أن تعيد ثقة الدول العربية في جامعتها و أن تصدرالتوجيهات اللازمة لاعداد الجامعة للقيام بهذه المهمة وغيرها. وفي واقع الامر فان العمل العسكري العربي المقترح في سوريا لا يعني بالضرورة مجابهة لأمريكا ولا للأمم المتحدة, بل تعتبر حلا وسطا يرضي جميع الأطراف اذا كان الأمر حقيقة يتعلق بأمن سوريا وعدم استخدام الاسلحة المحرمة دولياو من هنا يصعب علي المجتمع الدولي رفضه لاتفاقه مع نصوص ميثاق الاممالمتحدة و جامعة الدول العربية في ان واحد المحامي والمحكم الدولي رابط دائم :