جمال الغندور: حسين الشحات يستحق الطرد في السوبر    "التضامن" تنظم دورة تدريبية للصحفيين ومعدي البرامج المعتمدين بالوزارة    محافظ البحيرة تشيد بدور الأزهر والأوقاف التوعوي في نشر إنجازات الدولة بالقطاعات كافة    غدا.. قطع التيار الكهربائي عن 3 أحياء بمدينة طور سيناء    أستاذ استثمار: تطبيق الدعم النقدي يحسن كفاءة الاقتصاد المصري    لأول مرة في السوق المصرية.. هواوي توقع شراكة مع «طلعت مصطفى» لتقديم خدمات التكنولوجيا السحابية للمدن الذكية    وزير الطيران المدنى: إنشاء مطار برأس الحكمة تزامنا مع حركة التعمير الكبيرة    سفينة إسرائيلية تعترض طائرات مسيرة وصاروخ باليستي أطلق من العراق ولبنان    وفاء عامر ل"حديث القاهرة": ندعم الشعب اللبناني في كل الأزمات ولبنان ستمر من الأزمة    خلفا لنصر الله.. مجلس شورى حزب الله يختار هاشم صفي الدين أمينا عاما    « الجهاد الإسلامي»: حزب الله لم يفقد القدرة على القتال بعد اغتيال حسن نصر الله    "مستقبل وطن" يستعرض ملامح مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد    مصر تتوج بذهبية التتابع المختلط ببطولة العالم للخماسي الحديث تحت 19 عامًا    رئيس الاتحاد السكندري: حافلات مجانية لنقل الجماهير المؤازرة للفريق بالبطولة العربية للسلة    حالة الطقس خلال ال72 ساعة المقبلة.. اضطرابات بحرية وظواهر جوية    سقطت من "الثامن".. لغز مصرع سهيلة نصر طالبة طب الإسكندرية| شاهد التفاصيل    فرح تحول لمأتم.. مصرع شاب وإصابة آخر خلال زفة بالأقصر    توجيهات عاجلة لمحافظ الإسكندرية بشأن شارع توت عنخ آمون -صور    إصابة 3 أشخاص في حادث دراجة نارية بكفرالشيخ    مدحت العدل يطالب بتنظيم حفل في الأوبرا لدعم لبنان    وزير الصحة: حملة «100 يوم صحة» قدمت أكثر من 93 مليون و822 ألف خدمة مجانية خلال 59 يوما    محافظ الجيزة يتابع تنفيذ مبادرة القضاء على سوء التغذية بمدارس المحافظة (صور)    هل يجوز أن أترك عملي لأتابع مباراة أحبها؟.. رد صادم من أمين الفتوى لعشاق كرة القدم (فيديو)    الأرصاد تحذر من اضطراب الملاحة البحرية خلال اليومين المقبلين    الجمهور يحتشد حول زينة أثناء تصويرها فيلم بنات الباشا في طنطا.. (صور وفيديو)    السيسي: مصر من أوائل الدول التي تعالج المياه بأحدث وسائل التكنولوجيا    النصر ضد الريان.. تريزيجيه: هدفنا تحقيق الفوز.. واللعب تحت الضغط ممتع    ضمن مبادرة «بداية».. الثقافة تفتتح مؤتمر «مستقبل تأهيل ذوي الإعاقة» بالقاهرة    جامعة سوهاج توافق على لائحة «نظم المعلومات المكتبية والإعلام الرقمي» بكلية الآداب    كاف يكشف عن خطأ حكم الفار في لقاء الأهلي والزمالك بالسوبر الأفريقي    سليمان يحتفل بثاني ألقابه في السوبر الأفريقي مع الزمالك    انطلاق صالون المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي بندوة «التعليم إلى أين؟»    نائب محافظ دمياط تبحث عملية تطهير خزانات المياه بمبانى الجهات الحكومية    العاهل الأردني يعرب عن تقديره للخدمات الطبية لتقديم الدعم للفلسطينيين بقطاع غزة والضفة الغربية    وزير الثقافة يتفقد معرض نقابة الصحفيين للكتاب ويفتتح حفل توقيع ديوان جمال بخيت    مستشفى لا ملهى !    100 ألف.. فيلم "عنب" يتراجع في تحقيق الإيرادات    مستشار البنك الدولي السابق: الدعم العيني هو الأفضل لمصر بشرط    مفاجأة حول المتسبب في واقعة سحر مؤمن زكريا.. عالم أزهري يوضح    إبراهيم رضا: الزوج الذي لا يعول أولاده خان علاقته بالله.. فيديو    رمضان عبد المعز: الله سبحانه وتعالى يكره هذه التصرفات من عباده    1640 شهيدا و8408 مصابين جراء عدوان إسرائيل على لبنان منذ أكتوبر الماضي    السيطرة على حريق محدود فى محطة وقود بالشرقية    دعاء زهران: حماية أمن مصر أولية قصوى للقيادة السياسية في ظل اشتعال المنطقة    وزير المالية لممثلي المجتمع التجاري والصناعي: نمد إليكم «يد الثقة والشراكة والمساندة» بحلول عملية توفر حلولا متكاملة للتحديات الضريبية    طبيب قلب: تجنب التدخين والوزن المناسب والرياضة حلول تمنع تصلب الشرايين    ميكالي يوقع عقود تدريب منتخب الشباب.. ويتفق مع اتحاد الكرة على تفاصيل المرحلة المقبلة    حملة مكبرة لإزالة أماكن النباشين بمدينة الإسماعيلية    دون جراحة، مستشفى ملوي تنجح في علاج حالة سرطانية نادرة (تفاصيل)    مدير إدارة حدائق أكتوبر التعليمية تتفقد انتظام سير الدراسة بعدد من المدارس    الأمانة العامة بالنواب تخطر الأعضاء بجدول الجلسات البرلمانية    «الصندوق» يفتتح فعاليات الدورة السابعة ل «القاهرة للمونودراما»    متفوقة علميًا وطيبة السمعة، الإدارية العليا تلغي استبعاد فتاة من وظيفة قضائية    احذر.. حبس وغرامة مليون جنيه عقوبة مزاولة نشاط تمويل المشروعات الصغيرة بدون ترخيص    الرئيس السيسي: ندير أمورنا بشكل يحفظ أمن واستقرار بلادنا والمنطقة    بعد أحداث السوبر الأفريقي.. الأهلي يوقع عقوبة مغلظة على إمام عاشور    الموت يفجع الشيخ أحمد عمر هاشم    إصابة 14 شخصا في انقلاب ميكروباص أمام مدخل الجبلاو بقنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجيش و30 يونيو
بقلم: د. محمود وهيب السيد

نذكر من لا يريد أن يتذكر, نذكر من يدعي كذبا أن الجيش المصري ليس جيش النكسة والهزيمة, بل جيش الرجولة والفداء, وهو من يقف علي رجليه عند الشدائد, جيش لا ينكسر ولا يلين, بالتذكير بملحمة ليست ككل المعارك,
فرغم محدودية عدد الأفراد المشاركين فيها والسلاح المستخدم بها وميدانها الذي دارت فيه وزمنها الذي استغرقته‏,‏ إلا أنها كانت بحق أولي بوابات ومراحل طريق مصر لنصر أكتوبر المجيد‏,‏ فتلك معركة بحق بددت سواد الظلام وأعادت اليقين لشعب مصر كلها بأن الفجر لابد آت وأدرك العدو بعدها أن روح تلك الأمة مازالت بجسدها وأن قلبها مازال ينبض بالحياة‏,‏ فلماذا كانت بالفعل كذلك‏:‏
‏1‏ زمان ومكان المعركة‏:30‏ يونيو وبعد أيام قليلة من نكسة‏1967‏ بمدينة رأس العش وشمال سيناء في الطريق الجنوبي المؤدي لمدينة بورفؤاد نصف محافظة بورسعيد الشرقي وبوابة قناة السويس الشمالية‏,‏ وقد انتهت الحرب بنهاية قاسية مؤلمة لمصر والأمة العربية كلها‏,‏ حيث فقدت مصر بدون توقع أو حسبان كل سيناء ووقعت بالكامل تحت الاحتلال عدا مدينة بورفؤاد‏,‏ ودمر لها أكثر من‏90%‏ من جيشها ووقع الآلاف منهم قتلي أو جرحي أو أسري‏,‏ كما احتلت القوات الاسرائيلية أيضا الضفة الغربية بما فيها القدس الشريف ومرتفعات الجولان السورية‏,‏ في حرب خاطفة لم تستغرق منها أكثر من ستة أيام ولم تتكبد فيها إلا أقل الخسائر في القوات والمعدات والأسلحة‏.‏
‏2‏ بيئة المعركة الاقليمية‏:‏ نتجت عن حرب يونيو أن تفككت الجبهة المصرية بصورة شبه تامة‏,‏ فلول الجيش لاتزال تنسحب فرادي من سيناء وقد ألقي الكل سلاحه فرارا بجلده ويلتمس طريق النجاة والعودة لبلدته متسللا بين القوات الاسرائيلية التي لاتزال في حالة حركة لإتمام إحكام السيطرة علي الأرض المحتلة‏,‏ تلك القوات التي لم تكد تستوعب حتي الآن حجم النصر الذي مكنها العرب من أن تحرزه ومساحة الأرض التي استولت عليها‏,‏ كما أن مصر جميعها في حالة تفكك وانهيار‏,‏ صراع ضار علي السلطة يدور بالخفاء ومحاولات التنصل من مسئولية ما حدث‏,‏ الرئيس جمال عبد الناصر يتنحي ثم يعود مرة أخري للسلطة بعد سويعات قليلة نتيجة لضغط الجماهير التي لم تدرك حتي اللحظة حجم الكارثة وقد خرجت في هبة شعبية جارفة غير مصدقة أو مستوعبة لها وترفض الهزيمة‏,‏ المشير عبد الحكيم عامر نائب القائد الأعلي للقوات المسلحة والقائد العام للجيش المصري ينتحر ويتم تعيين الفريق أول محمد فوزي وزيرا للحربية‏,‏ فبدأ في لملمة ما تبقي من القوات المنهارة الممزقة الضائعة ومحاولة إعادة تكوين جيش منها ليدافع بصفة مبدئية عن بقية مصر إذا ما أقدمت إسرائيل مستغلة تلك الأوضاع علي تعزيز النصر وعبور قناة السويس غربا‏,‏ حتي أن ليفي أشكول رئيس الوزراء الاسرائيلي وقتئذ قال بعد ذلك عن تلك الفترة لقد كنت أجلس لساعات بجوار التليفون أنتظر اتصال الرئيس عبد الناصر بي ليطلب الاستسلام وعقد معاهدة صلح مع إسرائيل‏.‏
‏3‏ هدف إسرائيل من المعركة‏:‏ أدركت إسرائيل بعد أن استوعبت حجم ما حدث وعرفت مقدار ما عليه الجيش المصري من أوضاع بالغة السوء أنها لم تستول علي كل سيناء‏,‏ فما تزال أكبر مدينة فيها وهي بورفؤاد خارج سيطرة قواتها‏,‏ وإن تمكنت من احتلالها لتمكنت بذلك من إحكام قبضتها علي كل الشاطيء الشرقي لقناة السويس وهدت بصورة مباشرة مدينة بورسعيد حيث تصبح منها علي مرمي حجر‏,‏ لذلك فقد صدرت التعليمات لقواتها المدرعة بتعزيز النصر والتقدم شمالا لاستكمال احتلال كل سيناء والسيطرة الكاملة علي تلك المدينة بأي ثمن‏.‏
‏4‏ سيناريو المعركة‏:‏ صدرت الأوامر الاسرائيلية‏,‏ وقد رأت أن كل الظروف والأوضاع مهيأة لذلك‏,‏ لكتيبة من المدرعات بالتقدم علي امتداد الضفة الشرقية للقناة من القنطرة شرق شمالا لاحتلال مدينة بورفؤاد‏,‏ وكان للقوات المسلحة المصرية فصيلة لا يزيد عدد أفرادها علي الثلاثين جنديا من أفراد الصاعقة المسلحين بالسلاح الخفيف‏,‏ وقد ظل هؤلاء متمركزين بأماكنهم حيث لم يشتركوا بالمعركة التي لم تطل موقعهم وليستقبلوا زملاءهم المنسحبين من سيناء يقدمون لهم العون والطعام‏,‏ فأدركوا ما حدث وعاشوه وإن لم يقدروا علي استيعابه‏,‏ فرأوا طابور المدرعات الاسرائيلي يتقدم مختالا صوب موقعهم بغية استمرار التقدم شمالا حتي أن بعض أفراد له كانوا يتبخترون إلي جوار الدبابات أو يستلقون متكاسلين فوق بعضها‏,‏ فأدركوا علي الفور الهدف من تحركها هذا وعرفوا الهوة الكبيرة بين قواهم وعتادهم والقوة المهاجمة‏,‏ إلا أنهم تأكدوا أنه لا يمكن السماح للقوات المهاجمة بالمرور لاستكمال مهمتها أبدا مهما كان الثمن ومهما كانت التضحيات‏,‏ والتي كانت لابد أن تكون جسيمة وثقيلة للنهاية‏,‏ فضلا عن أن نتيجتها تكاد تكون محسومة سلفا لصالح القوات الاسرائيلية المهاجمة‏,‏ رغم ذلك فقد عقدوا العزم علي الثبات بالأرض وعدم السماح للقوات المهاجمة باستمرار التقدم إلا علي جثثهم‏,‏ وكان الرأي والحال والظروف كذلك أن يتم الانتظار لحين تقدم القوات المهاجمة لأدني مدي يمكن أن تتمكن منها نيران الأسلحة المصرية الخفيفة‏,‏ وأيضا محاولة استغلال طبوغرافيا ميدان المعركة والتي تجبر القوات المهاجمة علي المرور عبر مدق ضيق بين تلين لا يسمح إلا بمرور مركبة واحدة تليها بقيتها‏,‏ فإذا تمكنت القوات المصرية من ركوب قمتي التلين يمين ويسار المدق ومفاجأتها بالهجوم وهي علي هذا الوضع واستطاعت أن تصيب إحدي دباباتها المتقدمة لتمكنت من أن توقع الفزع والخوف في صفوف القوات الاسرائيلية وأعاقت مدرعاتها عن استمرار التقدم شمالا‏,‏ وقد كان لها ما أرادت فأمطرت القوات الاسرائيلية المهاجمة علي حين غرة بوابل من نيران أسلحتها وقذائفها المضادة للدروع فأشعلت النيران في الدبابات المتقدمة منها وأعاقت البقية عن استمرار التقدم شمالا ولم تجد أمامها إلا الجري هربا للخلف نجاة بالنفس وإلتماسا للسلامة‏,‏ كان ذلك أول رد فعل عسكري فعلي علي الهزيمة‏,‏ لم تحاول إسرائيل بعده أن تكرر محاولة احتلال بورفؤاد مرة أخري وظلت في أيدي القوات المصرية حتي قيام حرب أكتوبر‏1973,‏ وظلت بورسعيد وميناؤها آمنين وبعيدين عن التهديد المباشر لإسرائيل‏.‏
‏5‏ موقع معركة رأس العش من ملحمة أكتوبر المجيد‏:‏ رغم قصر زمن المعركة وتواضع مساحة ميدانها وقلة عدد القوات المشاركة فيها إلا أنها كانت كطاقة النور التي بددت الظلام الدامس للهزيمة لمصر كلها شعبها قبل جيشها‏,‏ فقد أدرك أن قواته المسلحة لم تخسر بعد روح الكفاح وإرادة القتال والعزم علي المقاومة والنصر‏,‏ فكان أن نفضت الأمة عنها عار الانكسار وذل الهزيمة‏..‏ ولبست ثوب النضال والتضحية بكل غال ونفيس استعدادا لمعركة حتمية لابد منها لإستعادة الشرف والكرامة قبل استعادة الأرض المحتلة‏,‏ فتوالت ملاحم النضال‏..‏ بعد أقل من أسبوعين‏,‏ وفي‏24‏ يوليو‏1967‏ قامت مجموعات من القوات الجوية بست هجمات مركزة وخاطفة ضد القوات الاسرائيلية المدرعة والميكانيكية علي الضفة الشرقية للقناة وعندما تصدت لها الطائرات الاسرائيلية خاضت معها الطائرات المقاتلة المصرية معركة جوية جبارة‏,‏ رغم أن الطائرات والمطارات الحربية المصرية كانت قد دمرت بالكامل منذ قرابة الشهر فأكدت بذلك أن بمصر لا تزال هناك قوات جوية علي أتم استعداد للتضحية بالذات والاشتراك في الحرب‏,‏ وبعد أقل من شهر آخر وفي يوم‏21‏ أكتوبر‏1967‏ قامت زوارق الصواريخ المصرية المتمركزة في ميناء بورسعيد بإطلاق صاروخين علي المدمرة الاسرائيلية إيلات التي كانت تمثل نصف الأسطول الاسرائيلي‏..‏ وتغرقها تماما بعد محاولتها انتهاك المياه الإقليمية المصرية وتحدي سيادة مصر وتكريس شعور أبنائها بمرارة الهزيمة‏,‏ وقد كانت تلك المعركة البحرية هي بالفعل أولي معارك الصواريخ البحرية سطح سطح علي الإطلاق في التاريخ‏..‏ ولتتوالي بعد ذلك معالم مرحلة الصمود الأولي بعد هزيمة يونيو‏1967‏ والتي استمرت حتي أكتوبر عام‏1973‏ حيث كان لابد لها أن تنتهي بالنصر وإثبات العزة والكرامة‏..‏ فهل مثل هذا الجيش يمكن أن ينعته أي مختل بما ليس فيه؟‏!‏

رابط دائم :


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.