الرئيس السيسي يصل مقر احتفال أكاديمية الشرطة    بث مباشر.. السيسي يشهد حفل تخرج دفعة جديدة من طلبة أكاديمية الشرطة    ارتفاع أسعار الدواجن اليوم الأحد 29 سبتمبر    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأحد    9 شهداء إثر غارة جوية إسرائيلية على بلدة العيم في لبنان    "أكسيوس": إسرائيل تطلب من الولايات المتحدة ردع إيران بعد اغتيال زعيم حزب الله    الأهلي يصطدم ببرشلونة لحسم صدارة مجموعته ب «سوبر جلوب»    القصة الكاملة في واقعة اكتشاف سحر للاعب مؤمن زكريا داخل المقابر    ضبط عامل بكافتيريا وضع هاتف محمول للتصوير بحمام السيدات في طنطا    ارتفاع أعداد المصابين في حادث انقلاب ميكروباص بقنا ل14 مصابًا    الحالة المرورية اليوم| انتظام حركة السيارات بشوارع وميادين القاهرة الكبري    وفاة شقيقة الدكتور أحمد عمر هاشم    استدعاء «التربي» صاحب واقعة العثور على سحر مؤمن زكريا    وزارة الصحة تنظم برنامجا تأهيليا لأطباء الصدرية    رسميًا الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصرى اليوم الأحد 29-9-2024 فى البنوك    "حالة الطقس في مصر".. تفاصيل وتحذيرات حول التقلبات الجوية في خريف 2024    شيرين توجه رسالة لشقيقها: «آسفة بعتك بأرخص تمن».. والأخير يرد    ريهام عبدالغفور تنشر صورة تجمعها بوالدها وتطلب من متابعيها الدعاء له    وزير الخارجية يؤكد ضرورة احترام سيادة لبنان وعدم المساس بوحدته    مسئول أمريكي كبير يرجح قيام إسرائيل بتوغل بري محدود في لبنان    3 شهداء فى قصف الاحتلال الإسرائيلى شمال ووسط قطاع غزة    حديد عز يتجاوز 43,000 جنيه.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 29-9-2024    «لاعب مفاجأة».. مدحت عبدالهادي يختار نجم الزمالك أمام الأهلي في السوبر    صدمة إسعاد يونس من ابنها بسبب علاقة غير مشروعة.. أحداث الحلقة 6 من مسلسل «تيتا زوزو»    مصر تسترد قطعا أثرية من أمريكا    المندوه: ركلة جزاء الأهلي في السوبر الإفريقي «غير صحيحة»    محمد طارق: السوبر المصري هدف الزمالك المقبل..وشيكابالا الأكثر تتويجا بالألقاب    فخري الفقي: 30% من الدعم العيني يذهب لجيوب غير المستحقين ويزيدهم ثراءً    داعية إسلامي يضع حلًا دينيًا للتعامل مع ارتفاع الأسعار (فيديو)    خبير يكشف عن السبب الحقيقي لانتشار تطبيقات المراهنات    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»: «احترم نفسك أنت في حضرة نادي العظماء».. تعليق ناري من عمرو أديب بعد فوز الزمالك على الأهلي.. أحمد موسى عن مناورات الجيش بالذخيرة الحية: «اللى يفت من حدودنا يموت»    إسرائيل تمهد لعمل بري في لبنان، وإيران تطالب بإدانة "العدوان الإرهابي"    نشوي مصطفي تكشف عن مهنتها قبل دخولها المجال الفني    طائرات الاحتلال تشن غارة جوية على مدينة الهرمل شرقي لبنان    إصابة ناهد السباعي بكدمات وجروح بالغة بسبب «بنات الباشا» (صور)    المنيا تحتفل باليوم العالمي للسياحة تحت شعار «السياحة والسلام»    أمير عزمي: بنتايك مفاجأة الزمالك..والجمهور كلمة السر في التتويج بالسوبر الإفريقي    لافروف يرفض الدعوات المنادية بوضع بداية جديدة للعلاقات الدولية    أول تعليق من محمد عواد على احتفالات رامي ربيعة وعمر كمال (فيديو)    حكاية أخر الليل.. ماذا جرى مع "عبده الصعيدي" بعد عقيقة ابنته في كعابيش؟    مصر توجه تحذيرا شديد اللهجة لإثيوبيا بسبب سد النهضة    الصحة اللبنانية: سقوط 1030 شهيدًا و6358 إصابة في العدوان الإسرائيلي منذ 19 سبتمبر    أسعار السيارات هل ستنخفض بالفترة المقبلة..الشعبة تعلن المفاجأة    «التنمية المحلية»: انطلاق الأسبوع التاسع من الخطة التدريبية الجديدة    ورود وهتافات لزيزو وعمر جابر ومنسي فى استقبال لاعبى الزمالك بالمطار بعد حسم السوبر الأفريقي    القوى العاملة بالنواب: يوجد 700 حكم يخص ملف قانون الإيجار القديم    راعي أبرشية صيدا للموارنة يطمئن على رعيته    برج السرطان.. حظك اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024: عبر عن مشاعرك بصدق    "100 يوم صحة" تقدم أكثر من 91 مليون خدمة طبية خلال 58 يومًا    ضبط 27 عنصرًا إجراميًا بحوزتهم مخدرات ب12 مليون جنيه    «الداخلية» تطلق وحدات متنقلة لاستخراج جوازات السفر وشهادات التحركات    سيدة فى دعوى خلع: «غشاش وفقد معايير الاحترام والتقاليد التى تربينا عليها»    وزير التعليم العالى يتابع أول يوم دراسي بالجامعات    عيار 21 بعد الارتفاع الأخير.. أسعار الذهب اليوم الأحد في مصر تثير دهشة الجميع «بيع وشراء»    «شمال سيناء الأزهرية» تدعو طلابها للمشاركة في مبادرة «تحدي علوم المستقبل» لتعزيز الابتكار التكنولوجي    باحثة تحذر من تناول أدوية التنحيف    أحمد عمر هاشم: الأزهر حمل لواء الوسطية في مواجهة أصحاب المخالفات    في اليوم العالمي للمُسنِّين.. الإفتاء: الإسلام وضعهم في مكانة خاصة وحثَّ على رعايتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وهم الثورة ومؤامراتها
نشر في الأهرام المسائي يوم 04 - 06 - 2013

منذ سنوات طويلة, بالمتحف البحري القومي بالإسكندرية, تحدث السير أنتوني بارسونز عن كتابه الشهير( إيران بين الكبرياء والسقوط). المحاضرة لم تكن لها صلة بالبحر أو الآثار الغارقة.
بل كانت عن الثورة الإيرانية وتأثيراتها الإقليمية والدولية‏,‏ فالمحاضر دبلوماسي مخضرم‏,‏ وثيق الصلة بمنطقة الشرق الأوسط‏,‏ خدم في مطلع حياته ملحقا عسكريا في السفارة البريطانية في بغداد‏,‏ كما خدم في سفارات دولته في أنقرة وعمان والقاهرة والخرطوم والمنامة‏,‏ وكان السفير البريطاني لدي إيران وقت قيام ثورة الخميني‏,‏ وتحول بعدها إلي العالم الأكاديمي حيث صار باحثا بجامعة أكستر البريطانية‏,‏ فأثري الأدبيات السياسية‏.‏
رغم السنين البعيدة‏,‏ أذكر واقعة سردها حين استعرت الثورة في شوارع طهران‏,‏ أن اتصل به شاه إيران في الصباح الباكر قائلا‏,‏ سيادة السفير هل تستطيعون عمل شيء للسيطرة علي هؤلاء الملالي؟ وقال السفير تعجبت يومها كثيرا‏,‏ فبالقطع لم تكن لنا سيطرة علي الثوار أو الأحداث‏.‏ واستطرد السفير مخاطبا الحضور‏,‏ أنتم تتصورونا بالقوة التي لا نملكها‏,‏ وكأننا نخطط ونتحكم في كل ما يجري عندكم‏,‏ وبالرغم من أن ذلك يرضي غرورنا‏,‏ إلا أنه بعيد عن الحقيقة‏,‏ فنحن‏(‏ كسياسيين‏)‏ أضعف وأخيب مما تظنون‏,‏ في أوقات كثيرة لا نعرف كيف تسير الأمور‏,‏ ونتعامل أحيانا مع الأحداث برد الفعل العشوائي‏,‏ بل الكارثي‏(‏ واستشهد بواقعة الرهائن الأمريكيين في إيران‏),‏ وأضاف لكنكم تعيشون في وهم أن الغرب يدبر المؤامرات ولكم وهذا المأزق العقلي عن المؤامرة من صنع خيالاتكم‏.‏ والمثير أنه عبر عن هذا المعني في كتاب سابق يجسد عنوانه محتواه‏(‏ يسمونها الأسد‏:‏ أسطورة بريطانيا عند العرب ذكريات شخصية‏).‏
المتحف الواقع في حي ستانلي ربما لم يعد صالحا كمتحف وتحول الآن إلي مخزن للآثار الغارقة‏,‏ ولكن الأفكار التي قيلت فيه يومها مازالت صالحة‏,‏ ويحضرني قول السفير عن الثورة الإيرانية لقد ثبت خطأ الاعتقاد بأنه في الشرق الأوسط تستطيع الدول التي لديها قوات عسكرية قوية وجهاز أمني قمعي السيطرة علي شعوبها إلي ما لا نهاية‏.‏ الدرس الكبير الذي تعلمناه أنه ليس بمقدور الرئيس الذي لديه جهاز أمني باطش الصمود أمام عاصفة شعبية عاتية‏.‏
أتعجب مما يثيره بعض المثقفين من أن ثورة يناير‏2011‏ م التي قامت في مصر مؤامرة أجنبية خالصة‏!!‏ بل يمتد التصور الغريب ليطول الثورات العربية السابقة واللاحقة لها‏,‏ وهناك مثقف مرموق أدان الثورة من خلال أسئلة مريبة وكأننا أسري نظرية دونية بأننا دائما في وضع المستكين المفعول به‏,‏ الذي لا يملك من أمره شيئا‏.‏
هذه شهادتي للأحداث والتاريخ‏,‏ نعم لقد قامت في مصر ثورة عظيمة‏,‏ نتاجا طبيعيا لممارسات نظام حاكم جشع بشع فاسد‏,‏ يريد أن يسرق زمن الشباب ومقدراته‏,‏ ويغتصب من الأجيال التالية حلمها ورزقها ومستقبلها رغم أنه شاخ وهرم‏,‏ وسمعت لأول مرة في سنين حياتي المتعاقبة الكلمة مدوية هادرة الشعب‏(‏ يريد‏),‏ الكلمة غريبة علي سمع الحكام والمحكومين‏,‏ جديدة في قاموس السياسة المصرية‏(‏ بل العربية‏),‏ فمنذ متي كانت للشعب إرادة؟‏,‏ وكيف يجهر بما يريد؟‏!‏
انكسرت الهجمة الأمنية الشرسة بعتادها وعدتها أمام تضافر الشعب وصموده‏,‏ الشباب والشيوخ‏,‏ الرجال والنساء‏,‏ البسطاء والوجهاء‏,‏ المثقفون والعامة‏,‏ المسلمون والمسيحيون‏,‏ فاكتسح الطوفان طبقة الحكام‏.‏
ولكن عفوا‏,‏ فهناك فعلا مؤامرة كبري ضربتنا ونالت من ثورتنا‏,‏ أتتنا من الداخل وليس الخارج‏,‏ فهناك من سعي لإجهاض حلم الشباب‏,‏ وأيقن أن مكمن قوة الشعب المحتشدة أفراده وطوائفه لن يمكن قهرها بقوة السلاح‏,‏ فلجأ إلي الحيلة‏,‏ وخطط لتفكيك الاحتشاد‏,‏ فهذا فصيل لوحوا له بالبرلمان فترك الميدان‏,‏ وتحول من بعد تضافره مع الثورة ليطمس هتافاتها المناوئة للممارسات العسكرية الخشنة بإذاعة آيات القرآن الكريم بأعلي مكبرات الصوت في الميدان‏,‏ ونادي بأن الشرعية انتقلت إلي البرلمان‏,‏ وهؤلاء شباب من الثوار تم استقطابهم أو شراؤهم والباقي سهل ضربهم وسحلهم أو كشف عذريتهم‏!!‏ ونجحت المؤامرة بامتياز يوم تفرقت الحشود بين ميادين ثلاث‏:‏ التحرير وبقايا ثوار يبحثون عن حق الشهداء‏,‏ والعباسية وصور قادة المجلس العسكري مقرونة بهتاف بطول عمرهم وبقائهم‏,‏ والأزهر ونداءات الزحف علي القدس‏!!‏
المؤامرة استهدفت في طورها الثاني العقل والضمير المصري ليفرق بين جموع المصريين والفصيل الذي وصل للحكم‏,‏ وتحقق ذلك بفضل إعلام مكذوب‏,‏ واقتصاد مهزوز‏,‏ وعدل منقوص‏,‏ وأمن مفقود‏,‏ وجاءت قمة النجاح للمؤامرة من بؤرة الداخل في صورة أداء متخبط متردد مترد‏,‏ وعجز فاضح عن لم الشمل أو استعادة الثقة‏,‏ فاهتزت هيبة الدولة‏,‏ هذا يختطف جندها‏,‏ وذاك يحول نيلها‏,‏ وآخر يربكها بقضايا حق العسكريين في الانتخاب وماذا بعد؟ رهاني علي أن الشباب لن يستكين‏,‏ ويقيني أنه لن يكتفي بالنداء بأنه يريد‏,‏ بل سينتقل من فعل الإرادة إلي فعل التنفيذ‏!!‏
سيستعيد اشراقة الحياة ونور المستقبل‏,‏ هذه نبوءتي للذين يتصورون أن الثورة قد ضاعت وتمكن منها أعداؤها‏,‏ ويظنون أنني مازلت أعيش وهم الثورة‏.‏

رابط دائم :


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.