حذر د. محمد مجاهد الزيات رئيس المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط من أن القوي السياسية المتناحرة في الداخل غافلة عما يهدد الأمن القومي المصري, موضحا أن القضية ليست فقط مسألة اتفاقية عنتيبي والتطورات التي سيسفر عنها إنشاء سد النهضة الإثيوبي ولكن ما يمكن أن يؤثر علي حضور مصر. جاء ذلك خلال حلقة نقاشية عقدت أمس بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط تحت عنوان العلاقات المصرية الإثيوبية.. رؤية مستقبلية للمصالح المشتركة, بحضور عدد من الخبراء والدبلوماسيين وممثلي وزارة الري والكهرباء. ونبه د. مجاهد إلي وجود حضور إيراني وإسرائيلي متصاعد في حوض النيل والبحر الأحمر سيسفر عن شد الأطراف وتبني سياسات إقليمية تحول دون استعادة مصر دورها الإقليمي. وقال إنه من المهم في هذه المرحلة التعامل مع الأطراف المستفيدة من المشروع لتقليل الخسائر الناجمة عنه. وأكد ضرورة وضع خطة استراتيجية للتعامل مع إثيوبيا وعلي ضرورة مشاريع مشتركة ومصالح مشتركة معها. وقال إن العلاقات المصرية الإثيوبية تعتبر جزءا من العلاقات المصرية الإفريقية, مشيرا إلي تصاعد الدور الإثيوبي علي الصعيد الإقليمي. وأشار إلي تدخل قوي خارجية مثل الحضور الاستراتيجي والإيراني والقطري والخليجي الذي سيسحب من الفرص والمساحات المتاحة للدور المصري في إفريقيا. وشدد علي أننا لن تكون لدينا سياسة خارجية قوية دون وجود كيان قوي في الداخل. ومن جانبه, قال د. محمد سالمان طايع أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن إثيوبيا أصبحت تلعب دور القوة الإقليمية الأكثر تأثيرا علي دول المنابع النيلية فهي صاحبة كل المبادرات ذات التأثير السلبي علي أمن مصر المائي. وأشار إلي أن إثيوبيا لديها خطط لبناء4 سدود إثيوبية علي النيل الأزرق وهي( كرادوبي وديكوابا ومندايا) إلي جانب سد النهضة وتشمل200 مليار متر مكعب من المياه إلي4 أضعاف تصرف النيل الأزرق. وأوضح أن أهم الأضرار التي ستنجم عن إنشاء سد النهضة أنه سيحجز أمامه74 مليار متر مكعب من المياه وأن احتمالات انهياره عالية كما أن معامل أمانة لا يزيد علي1.5 درجة مقارنة بأمان السد العالي ويصل إلي8 درجات وقد يمحو الخرطوم في حالة انهياره. ويري د. سالمان الحلول في تفعيل العلاقات السياسية غير الكلاسيكية بين مصر وإثيوبيا من خلال المجالات الأمنية والاستخباراتية والعسكرية إلي جانب تفعيل آليات القوة الناعمة من خلال الإعلام والدبلوماسية الشعبية. وعلي الجانب الاقتصادي يقترح د. سالمان إنشاء مشروعات اقتصادية عملاقة بين الجانبين مشيرا إلي أن حجم التبادل التجاري بين الجانبين وصل إلي ملياري دولار. إلي جانب الاتجاه إلي زراعة الأراضي في جنوب السودان وأوغندا وتنزانيا وإثيوبيا وكينيا. وقال د. السيد فليفل العميد الأسبق لمعهد البحوث والدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة إن التوافق الوطني في مصر اليوم بات أساسيا ليؤهل الدولة للاهتمام بالقضايا الاستراتيجية الكبيرة. وأضاف أنه إذا صح أن السد سيبني علي مستوي تخزين74 مليار متر مكعب فإن هناك خطرا علي وجود الدولة المصرية. واقترح إنشاء لجنة فنية دائمة بين مصر والسودان وإثيوبيا تراجع قواعد التشغيل يوما بيوم. كما دعا إلي شراكة كهربائية ومائية وزراعية مع إثيوبيا ومعها السودان. وأشار د. فليفل إلي ضرورة وجود بدائل للحصول علي المياه من خلال الأنهار الجانبية في إثيوبيا التي تدخل جنوب السودان مثل حوض مشار وهو يشتمل علي13 مليار متر مكعب من المياه وتستفيد منه جنوب السودان, موضحا أنه إذا أنشئ سد في هذه المنطقة وتصرف المياه في النيل الأبيض تزيد حصتنا المائية بتعويض ما ينقص بسبب السد, كما أكد ضرورة وجود حوار مع أمريكا حيث إن مشروعات الطاقة التي تعمل بها إثيوبيا تقف شركة أمريكية وراءها. من جانبه, قال مستشار وزير الري المهندس محمد ناصر إن إثيوبيا نصيب الفرد فيها من المياه أكثر من نصيب الفرد في مصر. وأشار إلي أن آثار سد النهضة تتراجع بين السلبية والكارثية بناء علي الظروف الموجودة فإذا أنشئ بعد3 سنوات وكان السد العالي مليئا والفيضانات فوق المتوسط سيكون هناك تأثير سلبي أقل مما يمكن علي مصر ولكن إذا أنشئ السد العالي فارغا ستتبعها سنوات عجاف علي مصر. وأشار إلي أنه كانت هناك فرص للتحرك قبل الثورة لوقف تأثيرات السدود الإثيوبية إلا أن الرئيس المخلوع لم يتحرك, موضحا أن تحويل مجري النهر الذي قامت به إثيوبيا هو مجرد إجراء لإنشاء والسد موضحا أن مسألة التوقيع علي اتفاقية عنتيبي الإطارية غير واردة.