تحدثنا الآثار المصرية والنصوص القديمة عن حرص المصريين القدماء علي الزواج والترغيب فيه والتبكير به ابتغاء الولد من حلال, كما تحدثت عن مدي الترابط الأسري والمودة والألفة بين أفراد الأسرة الواحدة, ومن أقوال الحكيم بتاح حتب وهو يوصي ابنه: إذا كنت عاقلا فأسس لنفسك بيتا, ومن الدولة الحديثة نجد آني ينصح ولده قائلا: اتخذ لنفسك زوجة وأنت شاب لترزق منها بولد. لقد كفل المجتمع المصري القديم للزوجة والأولاد جميع حقوقهم المادية والمعنوية إذ بالعقد تصبح زوجة شرعية تستحق مهرا وعليه أن يعولها طوال حياتهما الزوجية, وقد تؤلف الزوجة مع زوجها نظاما ماليا مشتركا بحيث تشترك هي بالثلث وهو بالثلثين وبذلك تعتبر شريكة في مال الأسرة ولكن هذا لا ينفي وجود ذمة مالية خاصة لها بحيث كانت لها أموالها وأملاكها الخاصة خارج نطاق الأسرة تستطيع التصرف فيها كما تشاء ويمكن أن تورثها لمن تشاء من أولادها أو أخوتها, وقد جرت العادة في معظم بلاد العالم علي تسجيل المواليد, وفي مصر القديمة فقد سجل حجر بالرمو تعداد الشعب في مصر, كما وصلتنا قوائم إحصاء السكان في الدولة الوسطي فيها أسماء أفراد كل أسرة بما تضم من الأطفال والمواليد. تؤكد عقود الزواج التي وصلتنا للفترة ما بين الأسرتين26,22 أن المصري عرف التعدد وإن لم يمارسه دائما, أما عن الفترة التي تسبق هذا العصر فلم يعثر علي عقود للزواج منها ولذلك يري بعض العلماء أن الزواج في العرف المصري كان ينعقد شفويا بمجرد التراضي بين الزوج ووالد الزوجة, ومنهم من يري أنه كان ينعقد ويتم كتابة وعلي يد كاهن أو غيره وهو ما تشير إليه النصوص التي عثر عليها بشأن معاملات المصريين القدماء بالنسبة لبيوعهم ووصاياهم ومواريثهم التي كانت تحرر كتابة وأحيانا توثق وتثبت بالشهود, كما ضمنت هذه العقود للمرأة المتزوجة ذمة مالية خاصة منفصلة عن ذمة زوجها. تشير النصوص إلي أن الزوجة المصرية كانت زوجة مثالية مطيعة وربة بيت, ولم تعرف سن محددة للزواج ولكن أوصي الحكماء الشباب دائما بالتبكير بالزواج, وكان من الشائع أن يتزوج الشاب من نفس قريته فلم يكن الأهل يفضلون زواج الغرباء لرغبتهم في بقاء أبنائهم وتكاثرهم من حولهم. لقد كان الفراعنة أول من عرف عقود الزواج التي وصلتنا من الأسرة26 من عهد الملك أحمس الثاني( أمازيس) نعرف من خلالها أن عقد الزواج كان يذكر فيه التاريخ ويكون بسنوات حكم الملك, ويذكر إسم العريس وإسم والده ووالدته, وإسم العروس ووالدها ووالدتها. ثم يوقع الموثق والشهود, وعلي هذا فالعقد كان يشمل الصيغة التي تدل علي الزواج صراحة, والمهر( اختلف مقداره من عقد إلي آخر, وقد يكون حال العقد أو مؤجلا كله أو بعضه), والتسوية المالية وتتضمن تعهد الزوج بدفع قيمة مالية محددة لزوجته عند الطلاق وإقراره بأن أبناءه منها هم أصحاب جميع أمواله الحالية والمستقبلية. كما يشمل العقد توقيع الموثق والشهود في نهاية العقد. اعتبرت هذه الوثائق عقود زواج لأنها تتفق بشكل عام مع ما يتضمنه العرف المتبع الآن لإبرام عقد زواج صحيح وهي: الإيجاب والقبول, والنص علي ألفاظ صريحة لانعقاد الزواج, وتسمية المهر, وحضور الشهود وتوقيعهم علي الوثيقة. ولم يكن يكتف بذلك في العقود المصرية القديمة حيث كانت تلحق بها فقرات خاصة بالتزامات الزوج نحو زوجته أتاحت فكرة واضحة عن حقوق الزوجين في مصر القديمة منها: المهر ملك للزوجة, ومتاعها الشخصي ملك لها, وتستحق تعويضا إذا طلقها زوجها أو تزوج عليها, وأولاد الزواج هم الورثة الشرعيون. رابط دائم :