خسائر تصل إلي عشرات المليارات من الجنيهات تتحملها مصر سنويا نتيجة سوء تخزين المواد الغذائية خاصة القمح, الأمر الذي دعا عدد من الخبراء والمسئولين إلي البحث عن أفضل وسائل التخزين. فمصر تخسر6 مليارات جنيه سنويا بسبب سوء تخرين القمح وحوالي10 مليارات في تخزين الذرة والأرز والبقوليات,أي أن تخرين الحبوب يسبب خسائر للاقتصاد القومي تقدر بحوالي16 مليار جنيه سنويا. يقول الدكتور حسين منصور, رئيس وحدة سلامة الغذاء, أن مصر تفقد نحو10% من مخزون القمح, نتيجة سوء التخزين من خلال صوامع أو شون غير سليمة أو دون غطاء, أو ترك القمح أمام الطيور الجارحة والفئران والحشرات, وأن تلك العوامل تساعد علي نمو العديد من السموم الفطرية الضارة بصحة الانسان, والتي قد تصيبه في كثير من الاحيان بالتهاب الكبد الوبائي مثل الأفلاتوكسين أحد السموم الفطرية التي تنمو علي الحبوب عند استخدامه في الطحن لإنتاج الرغيف أو كعلف للحيوان. وأوضح أن منظومة تخرين القمح وتداوله مابعد الحصاد منظومة معقدة, تخضع لعدة مؤسسات, ولاتوجد مؤسسة بعينها مسئولة عن التخزين والتداول بالنسبة للقمح. ويدعو منصور إلي ضرورة بناء وتشييد صوامع معدنية جيدة التهوية, فعلي الرغم من ارتفاع تكلفة الصوامع المعدنية إلا أنها تعوض تكلفتها علي المدي الطويل بخفض الهادر من القمح وزيادة الإنتاج ورفع السعة التخرينية لمحصول القمح, مؤكدا أن الاكتفاء الذاتي من قمح الخبز الذي كان حلما لسنوات سيتحقق من خلال بناء صوامع صغيرة بجميع المراكز والمحافظات بحيث تكون قريبة من المطاحن والمواني,لتقليل فترات نقل الأقماح الإستراتيجية من المواني الي الصوامع مباشرة والعكس, فضلا عن الاهتمام بوضع خطط استراتيجية للتخرين لرفع كفاءته. من جانبه,يؤكد الدكتور إبراهيم عبد المطلب غانم, مدير معهد بحوث الاقتصاد الزراعي, أن الفاقد من القمح العام الماضي وصل إلي نحو1,8 مليون طن, مشيرا إلي أن المشكلة التي واجهتنا ومازالت هي أن أقصي سعة تخرينية وصلنا لها العام الماضي هي3,8 مليون طن, وذلك لعدم وجود مخازن مؤهلة للتخرين وغياب الآليات الحديثة في عمليات النقل والتداول وسوء جودة الرغيف وهو مايحرم الدولة من الاستفادة القصوي بباقي إنتاجنا من القمح. ويوضح أن العقبة التي ستواجه مصر الفترة المقبلة هي الزيادة السكانية حيث أن متوسط استهلاك القمح خلال سنوات2009,2010,2011 وصل إلي15 مليون طن مما يؤكد وجود عجز في سد حاجات الإستهلاك المحلي ممايعني زيادة الاستيراد من الخارج وهو مايهدد بزيادة الديون الخارجية, و أن إجمالي ما انتجته مصر من الأقماح سنة2012 يصل إلي9 ملايين طن بزيادة1,1 مليون طن مقارنة العام الماضي, وهو ما ادي إلي زيادة ملحوظة في كميات القمح المحلي المورد لتصل إلي3 ملايين طن بدلا من2,6 مليون طن العام الماضي, وذلك لتوزيع أصناف ذات إنتاجية عالية علي الجمعيات الزراعية والفلاحين وزيادة التمويل للبحوث والإرشاد الزراعي,مضيفا أن التوسع في بناء وتشييد الصوامع اللازمة لتخرين إنتاجنا من القمح, سيقلل من استيرادنا من القمح تدريجيا, وسيسهم في عملية التوسع الأفقي والرأسي في إنتاجية الفدان. ويناشد عبد المطلب وزارة الزراعة بتكثيف جهودها في التابعة لبنك التنمية والإئتمان الزراعي. ويؤكد الدكتور جميل نجيب, وكيل مركز البحوث الزراعية, أن مصر تفقد سنويا من25% إلي30% من معظم الحبوب الغذائية والخضر والفاكهة ما بعد الحصاد نتيجة سوء النقل والتداول وعدم وجود صناعات غذائية كافية تستوعب إنتاجنا المحلي, مطالبا بالالتزام بالمواصفات القياسية في تخزين الأقماح منعا لزيادة نسبة الرطوبة والخلط بالأتربة والرمال والزلط, واستبعاد الأقماح المصابة وقت الحصاد قبل اختلاطها بالقمح السليم فضلا عن الاهتمام بتحسين رغيف الخبز البلدي الذي هو من أهم متطلبات الشعب المصري. وفي السياق نفسه, يشير الدكتور عبد العظيم طنطاوي, مدير مركز البحوث الزراعية الأسبق, إلي أن الشون التابعة لبنك التنمية والإئتمان الزراعي بعضها غير مجهز للتخزين مما يؤدي إلي ارتفاع نسبة الفاقد من القمح المنتج محليا, موضحا أن هذا الفقد لاينطبق علي آلحبوب الغذائية الأخري, والسبب يرجع إلي أن الدولة تتعاقد علي شراء كمية محددة من المحصول, ويورد الباقي للقطاع الخاص والتجار, فتخزن بطرق سليمة وأكثر صحية, قائلا إن الدولة غير معنية بتخزين الأقماح. ويوضح طنطاوي أن التخزين في مصر يتم بطريقتين, الطريقة الأولي: أن تكون الأرضية أسمنتية ومظللة وبها عروق خشبية تضع عليها الحبوب,أما الطريقة الأخري هي أن تكون الأرضية ترابية وغير مظللة وبها عروق خشبية, مؤكدا أن الشون التابعة لبنك التنمية والإئتمان الزراعي معظمها شون ترابية وغير مظللة, إذ ان معظم كميات الإقماح التي تسلم للبنك تخزن في العراء, وهو مايؤدي إلي تعرض الشون للتلف وإصابة الإقماح بالسوس. ويضيف الدكتور محمد شتلة, استاذ المحاصيل الزراعية والخبير بزراعة عين شمس, أن عملية التخرين تخضع لمعايير وأسس علمية منها: تخزين الأقماح في صوامع معدنية بدلا من الشون المعرضة للتلف, ثم تبخيرها بغازات لحمايتها من الإصابة الحشرية والسموم الفطرية, وأن المشكلة الأساسية التي واجهتنا ومازالت أننا نتبع وسائل بدائية في عمليتي التخرين والتداول مابعد الحصاد, بل أن وسائل الحصاد نفسها بدائية,وعدم وجود شبكة من الصوامع تغطي إنتاجنا من القمح. ويوضح الدكتور ناصر فراش المتحدث الرسمي لوزارة التموين والتجارة الداخلية,أن الوزارة حاليا تجري دراسات علي استيراد صوامع جديدة من الخارج مطبقة في العديد من دول العالم, حيث انها أقل في التكلفة من الصوامع المعدنية وأسرع في التجهيز, وتقلل من تعرض الأقماح لعوامل البيئة وتحافظ علي قيمتها الغذائية. كما توقع الفراش أن تنتهي وزارة التموين من تشييد25 صومعة تستوعب مليون طن مع بداية الموسم الجديد, بالإضافة إلي تطوير بعض الشون التابعة لبنك التنمية والإئتمان الزراعي وهو مايجعلنا ننهي مشكلة تخرين الأقماح. رابط دائم :