ذهبت إلي جوبا عاصمة جنوب السودان بحثا عن عناصر تصب في مصلحة وحدة السودان, ولكن خرجت منها مكتشفا أن عناصر الانفصال الحاضرة اكبر كثيرا من عناصر الوحدة. في التاسع من يناير المقبل يجري الاستفتاء لمواطني جنوب السودان لتقرير المصير, إما الاستمرار في ظل سودان واحد أو الانفصال إلي شمال وجنوب, والعقل والمصلحة لكل الأطراف في السودان شماله وجنوبه وشرقه وغربه مع الوحدة, هذا عن العقل والمصلحة, أما ما هو متوقع حتي الآن فإن الأمور تتجه إلي الانفصال, ما لم تحدث معجزة. الوصول إلي جوبا ليس بالأمر السهل من الخرطوم, المسافة برا نحو1600 كيلو متر, معظمها غير ممهد, تستغرق الرحلة إذا قرر أحد المغامرة نحو تسعة أيام, الطيران من عاصمة السودان إلي عاصمة جنوبه عبارة عن رحلة واحدة منتظمة, ولكن غير منضبطة في مواعيدها واثنتين في مهب الريح, في المقابل ثلاث رحلات يوميا من نيروبي, وثلاث رحلات من كينشاسا, وثلاث أسبوعيا من أديس أبابا, الدلالات الانفصالية لا تقتصر علي اللغة الانجليزية التي أصر السيد سيلفا كير علي الإجابة بها رغم إجادته التامة للعربية, ولكنها كانت ساطعة كشمس الجنوب الحارقة, واضحة وجلية مثل النيل الذي يمر من هناك في طريقه إلي مصر. جوبا عاصمة جنوب السودان, وعاصمة منطقة بحر الجبل تحدث سكانها العربية والإنجليزية واللهجات المحلية, لكن العربية هي اللغة الطاغية علي الرغم من دخول بعض قواعد الإنجليزية عليها, تعتمد علي النقل النهري, حيث نهر النيل يشكل خزانا مائيا, عانت طويلا الحرب الأهلية والتهميش الذي يتهمون به الشمال, التوجه للانفصال بدأ مبكرا, فالأعوام الماضية لم يضعها قادة الحركة الجنوبية هباء, وإنما استغلوها في تسليح الجنوب وتأهيل جيش جنوبي ضخم, وهذا يأتي ردا علي إحساسهم بأن عوامل الطرد من الشمال أكبر كثيرا من العوامل الجاذبة. رأيت هناك الكثير من عناصر الانفصال, وسمعت الكثير من السيد سيلفا كير, لكن هذا مقام آخر في مقال آخر. [email protected]